كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)

العشاء " حقيقة في المفروضة، فلا يقال كان ينوي بها التّطوّع؛ لأنّ لمخالفه أن يقول: هذا لا ينافي أن ينوي بها التّنفّل.
وأمّا قول ابن حزم: إنّ المخالفين لا يجيزون لمن عليه فرض إذا أقيم أن يصليه متطوّعاً , فكيف ينسبون إلى معاذ ما لا يجوز عندهم؟.
فهذا - إن كان كما قال - نقضٌ قويٌّ. وأسلم الأجوبة التّمسّك بالزّيادة المتقدّمة.
وأمّا قول الطّحاويّ: لا حجّة فيها؛ لأنّها لَم تكن بأمر النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ولا تقريره. فجوابه أنّهم لا يختلفون في أنّ رأي الصّحابيّ إذا لَم يخالفه غيره حجّة، والواقع هنا كذلك، فإنّ الذين كان يُصلِّي بهم معاذ كلّهم صحابةٌ , وفيهم ثلاثون عقبيّاً وأربعون بدريّاً، قاله ابن حزم.
وقال: ولا يحفظ عن غيرهم من الصّحابة امتناع ذلك، بل قال معهم بالجواز عمر، وابن عمر، وأبو الدّرداء وأنس وغيرهم.
وأمّا قول الطّحاويّ: لو سلَّمنا جميع ذلك , لَم يكن فيه حجّة لاحتمال أنّ ذلك كان في الوقت الذي كانت الفريضة فيه تصلى مرّتين. أي: فيكون منسوخاً.
فقد تعقّبه ابن دقيق العيد: بأنّه يتضمّن إثبات النّسخ بالاحتمال وهو لا يسوغ، وبأنّه يلزمه إقامة الدّليل على ما ادّعاه من إعادة الفريضة. انتهى.
وكأنّه لَم يقف على كتابه , فإنّه قد ساق فيه دليل ذلك , وهو حديث

الصفحة 522