كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)

ابن عمر رفعه " لا تصلّوا الصّلاة في اليوم مرّتين " (¬1).
ومن وجهٍ آخر مرسل , إنّ أهل العالية كانوا يصلّون في بيوتهم, ثمّ يصلّون مع النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فبلغه ذلك فنهاهم. (¬2)
ففي الاستدلال بذلك على تقدير صحّته نظرٌ، لاحتمال أن يكون النّهي عن أن يصلّوها مرّتين على أنّها فريضة، وبذلك جزم البيهقيّ جمعاً بين الحديثين، بل لو قال قائل: هذا النّهي منسوخ بحديث معاذ، لَم يكن بعيداً.
ولا يقال القصّة قديمة؛ لأنّ صاحبها استشهد بأحدٍ؛ لأنّا نقول: كانت أُحدٌ في أواخر الثّالثة فلا مانع أن يكون النّهي في الأولى والإذن في الثّالثة مثلاً، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - للرّجلين اللذين لَم يصليا معه: إذا صليتما في رحالكما , ثمّ أتيتما مسجد جماعةٍ فصليا معهم , فإنّها نافلة. أخرجه أصحاب السّنن من حديث يزيد بن الأسود العامريّ. وصحّحه ابن خزيمة وغيره، وكان ذلك في حجّة الوداع في أواخر حياة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
ويدلّ على الجواز أيضاً. أمره - صلى الله عليه وسلم - لمن أدرك الأئمّة الذين يأتون بعده
¬__________
(¬1) أخرجه الإمام أحمد (4689) وأبو داود (579)، والنسائي (2/ 144) عن سليمان بن يسار مولى ميمونة، قال: أتيتُ ابن عمر على البلاط وهم يصلون، فقلت: ألا تُصلّي معهم؟ قال: قد صلّيت، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وصحَّحه ابن خزيمة (1641) وابن حبان (2396).
(¬2) أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1/ 317) عن عمرو بن شعيب عن خالد بن أيمن المعافري , قال: كان أهل العوالي. وفيه: فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُعيدوا الصلاة في يوم مرتين. قال عمرو: قد ذكرتُ ذلك لسعيد بن المسيب. فقال: صدق.

الصفحة 523