كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)

وقد ورد الإذن بأكل البقول مطبوخة، بخلاف الطّبق فظاهره أنّ البقول كانت فيه نيئة.
والذي يظهر لي أنّ رواية " القدر " أصحّ لِمَا جاء من حديث أبي أيّوب وأمّ أيّوب جميعاً، فإنّ فيه التّصريح بالطّعام، ولا تعارض بين امتناعه - صلى الله عليه وسلم - من أكل الثّوم وغيره مطبوخاً , وبين إذنه لهم في أكل ذلك مطبوخاً، فقد علَّل ذلك بقوله " إنّي لست كأحدٍ منكم ".
وترجم ابن خزيمة على حديث أبي أيّوب (ذِكْر ما خصّ الله نبيّه به من ترك أكل الثّوم ونحوه مطبوخاً).
وقد جمع القرطبيّ في " المفهم " بين الرّوايتين: بأنّ الذي في القدر لَم ينضج حتّى تضمحلّ رائحته , فبقي في حكم النّيء.
وقوله " ببدرٍ " بفتح الموحّدة وهو الطّبق، سُمِّي بذلك لاستدارته تشبيهاً له بالقمر عند كماله.
قوله: (خُضَرات) بضمّ الخاء وفتح الضّاد المعجمتين. كذا ضُبط في رواية أبي ذرّ، ولغيره بفتح أوّله وكسر ثانيه وهو جمع خضرة، ويجوز مع ضمّ أوّله ضمّ الضّاد وتسكينها أيضاً.
قوله: (إلى بعض أصحابه) قال الكرمانيّ: فيه النّقل بالمعنى، إذ الرّسول - صلى الله عليه وسلم - لَم يقله بهذا اللفظ , بل قال: قرّبوها إلى فلان مثلاً، أو فيه حذف. أي: قال: قرّبوها مشيراً أو أشار إلى بعض أصحابه.
قلت: والمراد بالبعض أبو أيّوب الأنصاريّ، ففي صحيح مسلم من حديث أبي أيّوب في قصّة نزول النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليه , قال: فكان يصنع

الصفحة 536