كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)

قال ابن دقيق العيد: لأنّ اللازم من منعه أحد أمرين:
الأول: إمّا أن يكون أكل هذه الأمور مباحاً فتكون صلاة الجماعة ليست فرض عين.
الثاني: أو حراماً فتكون صلاة الجماعة فرضاً.
وجمهور الأمّة على إباحة أكلها فيلزم أن لا تكون الجماعة فرض عين. وتقريره أن يقال: أكل هذه الأمور جائز، ومن لوازمه ترك صلاة الجماعة، وترك الجماعة في حقّ آكلها جائز، ولازم الجائز جائز وذلك ينافي الوجوب (¬1).
ونقل عن أهل الظّاهر أو بعضهم تحريمها , بناء على أنّ الجماعة فرض عين، وتقريره أن يقال: صلاة الجماعة فرض عين، ولا تتمّ إلاَّ بترك أكلها، وما لا يتمّ الواجب إلاَّ به فهو واجب، فترك أكل هذا واجب فيكون حراماً. انتهى.
وكذا نقله غيره عن أهل الظّاهر، لكن صرّح ابن حزم منهم. بأنّ أكلها حلال مع قوله بأنّ الجماعة فرض عين، وانفصل عن اللّزوم المذكور. بأنّ المنع من أكلها مختصّ بمن علم بخروج الوقت قبل زوال
¬__________
(¬1) قال الشيخ ابن باز (2/ 443): ليس هذا التقرير بجيد , والصواب أنَّ إباحةَ أكل هذه الخضراوات ذوات الرائحة الكريهة لا ينافي كون الجماعة فرض عين , كما أنَّ حضور الطعام يسوغ ترك الجماعة لمن قُدِّم بين يديه مع كون ذلك مباحاً. وخلاصة الكلام أنَّ الله سبحانه يسَّر على عباده , وجعل مثل هذه المباحات عذراً في ترك الجماعة لمصلحة شرعيّة , فإذا أراد أحد أن يتخذها حيلة لترك الجماعة حرم عليه ذلك. والله أعلم

الصفحة 539