كتاب فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (اسم الجزء: 2)

أن يكون الرفع متعبدًا به لله عز وجل وهذا ما نوى، ويذكر أن بعض أهل العلم قال: الرفع من الركوع والجلوس بين السجدتين، وإن كان بعضهم قال: يغني عن قولنا: الرفع من السجود طول الجلوس بين السجدتين، "ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا".
ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا جلس بعد السجدة الأولى أجزأه الجلوس على أي صفة كانت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يقيده بصفة، لكن دلت السنة أن الجلوس يختلف بين التشهدين وبين الجلسة بين السجدتين في التشهدين، إذا كان في الصلاة تشهدان يكون الجلوس في التشهد الأول افتراشًا والجلوس للتشهد الثاني توركًا، ووضع اليدين سواء في الجلوس بين السجدتين يكون افتراشًا ويكون إقعاء على قول بعض العلماء، والصحيح: أنه لا يسمى إقعاء، ووضع اليدين قال الفقهاء: إنهما تكونان مبسوطتين على الفخذين، ولكن السنة تدل على أن وضع اليدين بين السجدتين كوضعهما في التشهدين، "ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا" ويقال فيها كما قلنا في الأولى.
ومن فوائد الحديث: أن السجود مرتين ركن من أركان الصلاة، فلو نسي إحدى السجدتين في الركعة الأخيرة ثم سلم فهل تصح صلاته لو أتى بسجود السهو؟ لا تصح؛ لأن سجود السهو لا يغني عن الركن، لكن لو ترك التشهد الأول صح، ولهذا أخطأ بعض المأمومين الذي نسى السجدة الثانية في الركعة الأخيرة، ثم تشهد وسلم فقيل له: إنه نسى السجدة الأخيرة، فانصرف وسجد سجدتين للسهو، فخاطبه بعض المؤمنين قال: ما سجدنا إلا رمة واحدة، قال: هاتان السجدتان تجبران ما نقص؟ خطأ، وجهله نوعه مركب، فالسجدتان لا تجزآن عن الأركان؛ ولهذا لم يعتد النبي صلى الله عليه وسلم بهما حين سلم قبل أن يتم.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الإحالة على العموم لقوله: "ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" وقد جاء تعليم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الوجه، فإن عمر رضي الله عنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلالة قال: "ألم تكفك آية الصيف". فأحاله على آخر سورة النساء، فإنها صريحة في تبين معنى الكلالة، فالإحالة لا بأس بها في مسائل العلم لكن بشرط أن تكون معلومة، أما إذا أحاله على شيء قد يخفى فيقول الحكم كذلك بشرط، هذا ما يعرف حتى تعرف المسألة المحال عليها، وأما مع الجهالة فلا يجوز:
أسئلة:
- هل هذا الحديث له سبب، ما هو؟

الصفحة 14