كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 2)

من شعبان (الموافق تشرين الثاني - نوفمبر).
وبقي على قوات المسلمين اقتحام آخر القلاع، وأكثرها منعة وأضخمها بناء وأعلاها جدارا، وهي قلعة (البرج الجديد) الذي تبرعت ببنائه سيدة إسبانية (ابتغاء مرضاة السيد المسيح - وكلفها ذلك مبلغا كبيرا من المال). وأمام هذا الموقف اضطر المسلمون للإحاطة به بمجموعة من المراكز الصغيرة التي أطلق عليها اسم (المتاريس - المتارز) والتي امتدت من ناحية (عين جندرة) حتى (شعبة الدجاج) وراء (البرج الجديد). ثم انتشرت هذه (المتاريس) إلى أرباض المدينة حتى أصبحت معقلا دفاعيا واحدا. وأخذ المجاهدون في استخدام المتاريس لتدمير المقاومات في المدينة، واستنزاف قدراتها، وصار رصاص بنادق المجاهدين يصل إلى أفراد الحامية الإسبانية وهم في عقر منازلهم. وبات من المحال عليهم الانتقال من مكان إلى مكان آخر، فاضطروا إلى ثقب جدران المنازل ووصل بعض ببعض عن طريق هذه الثغرات، وأثناء ذلك أخذ المجاهدون في التسلل إلى أطراف المدينة والتوغل فيها والاشتباك مع أفراد الحامية المدافعة عنها. حتى وصلوا إلى كنيسة (سانتا ماريا) فدمروا أصنامها، وصار قسم المدينة الموجود ما بين البرج الجديد والبرج الأحمر بين يدي المجاهدين. وأخذ الإسبانيون في نقل أمتعتهم وممتلكاتهم إلى (المرسى الكبير). وبقيت الحامية
الإسبانية المدافعة عن (البرج الجديد) صامدة في مواقعها، ولم يتمكن المجاهدون المسلمون من اقتحامه، غير أن تطور الصراع في المدينة أقنع قائد الحامية في البرج الجديد بعقم الاستمرار في المقاومة، فخرج يحمل راية الاستسلام، واتفق مع القائد العام الجزائري على إيقاف الاقتتال حول البرج، فإن تمكن المجاهدون من احتلال مدينة وهران، استسلم لهم البرج مع استسلام المدينة. ونقل المجاهدون ثقل

الصفحة 123