كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 2)

إضاعة الوقت، والانتقال بقوات الهجوم لتحرير (المرسى الكبير) وهكذا فما أن فرغ المجاهدون من استعادة وهران وتحريرها حتى نقلوا معسكرهم إلى جوار المرسى وأحكموا الحصار حوله. ولم تكن معركة المرسى الكبير هينة، ولم تكن عملية إنقاذه بالأمر السهل. فقد ركز الإسبانيون دفاعهم عنه، وعملوا على تحصينه طوال فترة احتلالهم له (1505 - 1708) فكان المرسى الكبير هو أول موقع قاموا باحتلاله، وكان آخر معقل خاضوا معركه للاحتفاط به. خاض الطرفان المتصارعان (المسلمون وأعدائهم) مجموعة من المعارك الضارية اشترك فيها الجميع من الطرفين، الرجال والنساء وحتى الأطفال، وأمكن تبادل المواقع أكثر من مرة، حيث كانت راية النصر تنتقل نوبا بين الطرفين، وقام المسلمون بحفر الملاغم تحت حصن المدينة الأكبر وإجراء التفجير مرات متتالية دونما نتيجة تذكر حتى جاء يوم (24 محرم الحرام 1120 هـ الموافق 16 نيسان - أبريل - 1708م) حيث استطاع المجاهدون المسلمون اقتحام المدينة، ودارت معركة ضارية في الشوارع والمنازل، إلى أن أمكن إبادة المقاومات الإسبانية واستسلم بقية أفراد الحامية - وعدد أفرادها (1461) إسبانيا. أما جماعة المغطسين (من الكلمة الإسبانية موقاتاز) أي الأعراب أنصار الإسبانيين فقد تمت إبادتهم ونهبهم وسبيهم - غير أن الفقهاء احتجوا على ذلك لأنه مخالف للدين.
انصرفت وهران لتضميد جراحها. ولم تمض عليها فترة طويلة حتى عاد أهلوها وعملوا على إعمارها لتعود منارة للإسلام في المغرب العربي الإسلامي، وعاصمة للإقليم (بايليك). وأرسل الداي (محمد بكداش) مفاتيح وهران الذهبية الثلاثية هدية إلى السلطان العثماني (أحمد) بشارة بالفتح، واعترافا بفضل الخلافة الإسلامية في تقديم

الصفحة 125