كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 2)

الغضب، واعتزل الداي - الذي كان قد بلغ الثامنة والثمانين من عمره - ولم يلبث أن قضى نحبه حزنا.
كانت حامية وهران قد تركت في المدينة عند انسحابها كامل مدفعيتها، ولم تحمل معها إلا أسلحتها الخفيفة، ورابطت في الجبال المهيمنة على المدينة، وأخذت في تضييق الحصار عليها، فلم يتمكن الإسبانيون من التحرك بعيدا عن المدينة، ولهذا عملوا على إعادة معظم قواتهم إلى إسبانيا تاركين في وهران والمرسى الكبير حامية قوية وكافية للدفاع عنهما. واستمرت الاشتباكات العنيفة طوال سنة قريبا. وكان من أبرزها معركة يوم 4 تشرين الأول - أكتوبر - حيث تمكن المجاهدون من عزل حصن (سانتا كروز) بحيث لم يتمكن الإسبانيون من إمداده إلا بعد معركة ضارية تكبدوا فيها خسائر فادحة. وفي يوم 4 تشرين الثاني - نوفمبر - هاجم المجاهدون المدينة ووصل الباي (مصطفى بوشلاغم) على رأس فرقته إلى أبواب المدينة، والتحم مع الإسبانيين في معركة ضارية استشهد خلالها ابنه. وفي يوم 12 تشرين الثاني - نوفمبر - اندلعت نيران معركة جديدة، قتل فيها المركيز (دي سانتا كروز) وعدد كبير من أفراد الحامية الإسبانية. وفي سنة (1733 م) قام المجاهدون يوم 10 حزيران - يونيو - بهجوم عنيف على المدينة، وقتل القائد الإسباني (دي ميروسنيل) ومعه عدد كبير من أفراد الحامية الإسبانية. وقام (مصطفى بوشلاغم) بقيادة هجوم جديد في سنة (1734 م) ضد (مركز العيون) حول وهران، ووصل إلى أبواب المدينة، غير أنه لم يتمكن من احتلالها.
وهكذا بقيت (وهران والمرسى الكبير) تحت حصار محكم، وتحت التهديد الدائم بالحرب طوال خمسين عاما، إلى أن تم تحريرها نهائيا في سنة (1791م).

الصفحة 133