كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 2)

فَهُوَ عَلَى الْأَجِيرِ وَمَحَلُّ مَنْعِ اشْتِرَاطِهِ إنْ لَمْ يَنْضَبِطْ فَإِنْ انْضَبَطَ صِفَةً وَسِنًّا جَازَ عَلَى حَدِّ اجْتِمَاعِ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ (وَصَحَّ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ (إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ وَ) إذَا لَمْ يُعَيِّنْ تَعَيَّنَ الْعَامُ (الْأَوَّلُ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فِيهِ أَثِمَ وَلَزِمَهُ فِيمَا بَعْدَهُ (وَ) فُضِّلَ عَامٌ مُعَيَّنٌ (عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ) أَيْ أَنَّهُ أَحْوَطُ مِنْ الْمُطْلَقِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْأَجِيرِ وَنَفَادِ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ وَعَدَمِ وُجُودِ تَرِكَةٍ لَهُ (وَ) فُضِّلَتْ إجَارَةُ ضَمَانٍ بِأَنْوَاعِهَا (عَلَى الْجِعَالَةِ) أَيْ أَنَّهَا أَحْوَطُ لَا أَنَّ ثَوَابَهَا أَكْثَرُ (وَحَجَّ) الْأَجِيرُ ضَمَانًا، أَوْ بَلَاغًا وُجُوبًا (عَلَى مَا فُهِمَ) مِنْ حَالِ الْمُوصِي بِقَرِينَةٍ لَفْظِيَّةٍ، أَوْ حَالِيَّةٍ مِنْ رُكُوبِ مَحْمِلٍ وَمُقَتَّبٍ وَجِمَالٍ وَغَيْرِهَا (وَجَنَى) الْأَجِيرُ أَيْ أَثِمَ (إنْ وَفَّى دَيْنَهُ) مَثَلًا بِالْأُجْرَةِ (وَمَشَى) عَطْفٌ عَلَى وَفَّى أَيْ إنْ وَفَّى دَيْنَهُ وَمَشَى فَقَدْ جَنَى وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ فِي عَامٍ آخَرَ إنْ كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، أَوْ يَدْفَعُ الْمَالَ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بِالْعَيْنِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْأَجِيرِ حِينَ الْعَقْدِ أَنَّ هَدْيَ الْقِرَانِ، أَوْ التَّمَتُّعِ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ ذَلِكَ مِنْهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ إذَا قَرَنَ، أَوْ تَمَتَّعَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ كَانَ الْهَدْيُ لَازِمًا لَهُ أَصَالَةً فَإِذَا شَرَطَهُ عَلَى الْأَجِيرِ صَارَ مَا يَدْفَعُهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِلْأَجِيرِ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْهَدْيِ، وَثَمَنُ الْهَدْيِ مَجْهُولٌ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى الْأَجِيرِ) مِثْلُهُ مَا وَجَبَ مِنْ فِدْيَةٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ فَإِنَّهُ عَلَى الْأَجِيرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَعَمَّدَ سَبَبَهُ أَمْ لَا، اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مَضْمُونَةً فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْبَلَاغِ فَسَيَأْتِي أَنَّ مَا تَعَمَّدَ سَبَبَهُ يَكُونُ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يَتَعَمَّدْهُ يَكُونُ فِي الْمَالِ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: عَقْدُ الْإِجَارَةِ) أَيْ بِقِسْمَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ إجَارَةَ ضَمَانٍ مُتَعَلِّقَةً بِالذِّمَّةِ، أَوْ مُتَعَلِّقَةً بِالْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ) أَيْ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْحَجِّ فِيهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ لِلْجَهْلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فِيهِ أَثِمَ) أَيْ إنْ تَعَمَّدَ التَّأْخِيرَ وَقَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ فِيمَا بَعْدَهُ نَحْوُهُ فِي الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَحِّ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْيِينَ الْحُكْمِيَّ أَيْ الَّذِي جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمَ كَمَا هُنَا لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ التَّعْيِينِ الشَّرْطِيِّ وَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ لَفُسِخَ الْعَقْدُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ، أَوْ عُدِمَ تَأَمَّلْ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَفُضِّلَ عَامٌ مُعَيَّنٌ عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ) أَيْ فُضِّلَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْحَجِّ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ فِي عَامٍ مُطْلَقٍ فَالْأَوَّلُ كَاسْتَأْجَرْتُكَ أَنْ تَحُجَّ عَنِّي، أَوْ عَنْ فُلَانٍ فِي عَامِ كَذَا وَالثَّانِي كَاسْتَأْجَرْتُكَ أَنْ تَحُجَّ عَنِّي، أَوْ عَنْ فُلَانٍ فِي أَيِّ عَامٍ شِئْت. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْأَجِيرِ وَنَفَادِ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْعَامَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ يَجُوزُ لِلْأَجِيرِ قَبْضُ الْأُجْرَةِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْعَمَلِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبِضُ الْأُجْرَةَ إلَّا إذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا قَبَضَ وَشَرَعَ فِي الْعَمَلِ يُمْكِنُ أَيْضًا مَوْتُهُ وَنَفَادُ الْمَالِ وَعَدَمُ وُجُودِ تَرِكَةٍ لَهُ، عَلَى أَنَّ سِيَاقَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِي التَّفْضِيلِ بَلْ فِي الصِّحَّةِ وَلِذَا قَرَّرَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى، وَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ أَيْ عَلَى أَنْ يَحُجَّ فِي أَيِّ عَامٍ شَاءَ وَارْتَضَاهُ ح وَلَيْسَ هَذَا بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَصَحَّ إنْ لَمْ يُعَيِّنَ الْعَامَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُقَيَّدَةٌ بِالْإِطْلَاقِ كَحُجَّ عَنِّي، أَوْ عَنْ فُلَانٍ إنْ شِئْت، وَالْأُولَى مُطْلَقَةٌ عَنْ الْقَيْدِ وَشَارِحُنَا تَبِعَ بَهْرَامَ فِي حَلِّهِ لَلْمَتْنِ فِرَارًا مِنْ التَّكْرَارِ وَقَدْ عَلِمْت انْدِفَاعَهُ. (قَوْلُهُ: وَفُضِّلَتْ إجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى الْجَعَالَةِ) لَا وَجْهَ لِهَذَا الْحَلِّ؛ لِأَنَّ الْجِعَالَةَ أَحْوَطُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ لِلْأَجِيرِ إلَّا بَعْدَ الْحَجِّ فَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَى الْجَعَالَةِ كَذَا فِي بْن وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْجِعَالَةَ، وَإِنْ كَانَتْ أَحْوَطَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ لِلْأَجِيرِ إلَّا بَعْدَ الْحَجِّ إلَّا أَنَّهُ فِي الْجِعَالَةِ لَا يَدْرِي هَلْ الْأَجِيرُ يُوَفِّي أَمْ لَا لِكَوْنِ الْعَقْدِ لَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْجِعَالَةِ مُنْحَلٌّ بِخِلَافِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ فَهِيَ أَحْوَطُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ. (قَوْلُهُ: وَحَجَّ) أَيْ الْأَجِيرُ وُجُوبًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ بِقِسْمَيْهَا أَوْ الْبَلَاغِ بِقِسْمَيْهَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا فُهِمَ) أَيْ عَلَى فَهْمِ النَّاسِ مِنْ حَالِ الْمُوصِي بِالْقَرَائِنِ وَلَا عِبْرَةَ بِفَهْمِ الْأَجِيرِ الْمُخَالِفِ لِفَهْمِ النَّاسِ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) أَيْ كَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ بِشَيْءٍ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَرْكَبَ إلَّا مَا كَانَ يَرْكَبُهُ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ مُسْتَأْنَفًا لِبَيَانِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ خش تَبَعًا لِبَهْرَامَ إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَإِذَا وَفَّى الْأَجِيرُ دَيْنَهُ بِمَا أَخَذَهُ فَقَدْ جَنَى عَلَى الْمَالِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَمْشِي وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالْمَشْيِ بَلْ إنْ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا رَدَّ الْمَالَ مُطْلَقًا وَلَوْ حَجَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَاكِبًا، أَوْ مَاشِيًا لِفَوَاتِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ رُكُوبِ مُقَتَّبٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَكْفِي مَشْيُهُ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ نَعَمْ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ ح مِنْ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْمَشْيِ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَدْفَعُ الْمَالَ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عبق وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ح أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ قَالَ بْن وَلَا أَدْرِي مَا مُسْتَنَدُ الشَّيْخِ عبق فِي الرُّجُوعِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَطَّلِعَ عِلِّيّه بَعْدَ الْوَفَاءِ وَالْمَشْيِ أَوْ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ الْمَشْيِ فَإِنْ.

الصفحة 13