كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 2)

وَلَهُ النَّفَقَةُ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ فِي رُجُوعِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَنَفَقَتُهُ فِي ذَهَابِهِ لِمَكَّةَ وَرُجُوعِهِ لِمَحَلِّ الْمَرَضِ عَلَى نَفْسِهِ وَمِنْ مَحَلِّ الْمَرَضِ لِبَلَدِهِ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ وَفُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَرِضَ، أَوْ صُدَّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ وَفِي إقَامَتِهِ مَرِيضًا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ لَا إنْ ذَهَبَ لِمَكَّةَ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ لِمَكَانِ الْمَرَضِ.

(وَإِنْ ضَاعَتْ) النَّفَقَةُ وَعَلِمَ بِالضَّيَاعِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (رَجَعَ) إنْ أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ مَوْضِعِ عِلْمِهِ بِضَيَاعِهَا إلَى عَوْدِهِ إلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ مَوْضِعِ الضَّيَاعِ لِبَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِيهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِالْبَلَاغِ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ وَكَانَ لَهُ النَّفَقَةُ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى أَحْرَمَ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ فَلَا يَرْجِعُ بَلْ يَسْتَمِرُّ وَإِذَا اسْتَمَرَّ (فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ) أَيْ مُسْتَأْجِرِهِ لَا عَلَى الْمُوصِي (إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ) أَيْ فَالرُّجُوعُ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِ مَالِ الْمُوصِي (وَلَوْ قُسِمَ) مَالُهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَعَلَى آجِرِهِ وَصِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ مَا لَمْ يَقُلْ حَالَ الْعَقْدِ هَذَا جَمِيعُ مَا أَوْصَى بِهِ لَيْسَ لَك يَا أَجِيرُ غَيْرُهُ فَهَذِهِ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ.

(وَأَجْزَأَ) حَجُّ الْأَجِيرِ (إنْ) شُرِطَ عَلَيْهِ عَامٌ مُعَيَّنٌ وَ (قَدَّمَ) الْحَجَّ (عَلَى عَامِ الشَّرْطِ) لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ قُدِّمَ قَبْلَ أَجَلِهِ يُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى قَبُولِهِ وَظَاهِرُهُ لَوْ كَانَ الْعَامُ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ كَكَوْنِ وَقْفَتِهِ بِالْجُمْلَةِ وَأَمَّا إنْ أَخَّرَهُ عَنْ عَامِ الشَّرْطِ فَلَا يُجْزِئُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ، أَوْ عُدِمَ وَمَعْنَى الْإِجْزَاءِ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَجِيرِ لَا سُقُوطُ الْفَرْضِ عَنْ الْمُوصِي.
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا فُسِخَ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ النَّفَقَةُ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ فِي رُجُوعِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا وَفُسِخَ الْعَقْدُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ بِمَرَضٍ، أَوْ صَدٍّ أَوْ خَطَإِ عَدَدٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ أَيْ وَبَقِيَ لِلْعَامِ الْقَابِلِ وَأَرَادَ تَتْمِيمَ الْحَجِّ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ وَهُوَ كَوْنُ الْعَامِ مُعَيَّنًا وَفُسِخَ الْعَقْدُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ بِمَرَضٍ، أَوْ صَدٍّ، أَوْ خَطَإِ عَدَدٍ. (قَوْلُهُ: لِمَحَلِّ الْمَرَضِ) أَيْ أَوْ لِمَحَلِّ الصَّدِّ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَرْجِعُ) أَيْ وَلَا يَسْتَمِرُّ إلَى تَمَامِ الْحَجِّ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا مَرِضَ أَوْ صُدَّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: فِي ذَهَابِهِ) أَيْ مِنْ مَحَلِّ الْمَرَضِ أَوْ مَحَلِّ الصَّدِّ لِمَكَّةَ وَقَوْلُهُ " وَرُجُوعِهِ لِمَكَانِ الْمَرَضِ " أَيْ أَوْ الصَّدِّ.

(قَوْلُهُ: وَعَلِمَ) أَيْ الْأَجِيرُ بِالضَّيَاعِ، وَقَوْلُهُ: رَجَعَ أَيْ لِمَحَلِّهِ، وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي حَالِ رُجُوعِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَنْ يُحِجُّوا غَيْرَهُ وَلَوْ كَانَ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ بَدَلُ تِلْكَ النَّفَقَةِ الَّتِي ضَاعَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يُحِجُّوا غَيْرَهُ إنْ كَانَ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ بَدَلُهَا وَمَحَلُّ طَلَبِهِ بِالرُّجُوعِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَرْطٌ عَلَى أَنَّهَا إنْ ضَاعَتْ كَمَّلَ وَأَخَذَ مَا أَنْفَقَهُ، وَإِلَّا عَمِلَ بِالشَّرْطِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ إنْ ضَاعَتْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ فِي الضَّيَاعِ لِتَعَذُّرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ أَظَهَرَ الضَّيَاعُ قَبْلَ رُجُوعِهِ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَاعِدَةِ " كُلُّ مَنْ قَبَضَ شَيْئًا لِحَقِّ نَفْسِهِ وَضَاعَ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْهُ " فَإِنَّهُ هُنَا قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَمَرَّ) أَيْ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرُّجُوعِ وَلَمْ يَرْجِعْ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِ الْأَجِيرِ يُطَالَبُ بِالرُّجُوعِ وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي حَالِ رُجُوعِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) أَيْ أَوْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ) أَيْ أَوْ ضَاعَتْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَعَلِمَ بِضَيَاعِهَا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْمُوصِي) وَلَوْ بَقِيَ مِنْ ثُلُثِهِ بَقِيَّةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُفَرِّطٌ فِي تَرْكِ إجَارَةِ الضَّمَانِ وَقَدْ ظَهَرَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ فَرَاغَ النَّفَقَةِ لَيْسَ كَضَيَاعِهَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَرَاغِ يَسْتَمِرُّ عَلَى عَمَلِهِ حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ، سَوَاءٌ كَانَ الْفَرَاغُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمَّا فِي الضَّيَاعِ فَإِنَّهُ يُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَيَعْلَمُ بِهِ، أَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يَعْلَمُ بِهِ إلَّا بَعْدَهُ. وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفَرَاغَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الضَّيَاعِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ فَلِذَا جَرَى فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُوصِيَ) أَيْ الْمَيِّتُ بِالْبَلَاغِ أَيْ وَيَضِيعَ الْمَالُ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ إنْ كَانَ الْبَاقِي فِيهِ كِفَايَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِالْبَلَاغِ فَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُوصِيَ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ، وَإِلَّا فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ رُجُوعِ أَجِيرِ الْبَلَاغِ إذَا ضَاعَتْ النَّفَقَةُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَا لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِالْبَلَاغِ فَإِنْ أَوْصَى بِهِ فَلَا يَرْجِعُ بَلْ يُكْمِلُ الْحَجَّ وَنَفَقَتُهُ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ، وَمَحَلُّ كَوْنِ نَفَقَتِهِ عَلَى آجِرِهِ إنْ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَمَا مَعَهُ إذَا لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِالْبَلَاغِ وَإِلَّا فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُقْسَمْ الْمَالُ بَلْ وَلَوْ قُسِمَ عَلَى الْوَرَثَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قُسِمَ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى قَوْلٍ مُخَرَّجٍ لِابْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ إذَا قُسِمَ الْمَالُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الثُّلُثِ بَلْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الثُّلُثِ فِيهِ الْكِفَايَةُ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أَصْلًا، أَوْ بَقِيَ شَيْءٌ دُونَ الْكِفَايَةِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ أَوْصَى بِالْبَلَاغِ. (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ) أَيْ وَخَرَجَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ الْبَلَاغِ إلَى الْمَضْمُونَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ كَمَا فِي ح.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ قُدِّمَ قَبْلَ أَجَلِهِ) كَذَا عَلَّلَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ كَمَا فِي ح وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُوصِي، أَوْ مِنْ الْوَصِيِّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ وَعُدِمَ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا لَمْ يُقَدِّمْهُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ عَاشِرٍ قَالَهُ بْن وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا جَوَازُ التَّقْدِيمِ عَلَى عَامِ الشَّرْطِ ابْتِدَاءً وَلَكِنَّ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ الْكَرَاهَةُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَجْزَأَ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الْإِجْزَاءِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: لَا شَكَّ أَنَّ الْفَرْضَ.

الصفحة 15