كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 2)

بَعْدَ ذَلِكَ (الْعَامِ) بِلَا عُذْرٍ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَةُ الْمُتَزَوِّجَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالدُّخُولِ أَوْ عَلِمَ وَجَهِلَ الْحُكْمَ أَوْ سَكَتَ دُونَ عَامٍ أَوْ عَامًا لِعُذْرٍ انْتَقَلَتْ لَهُ، وَسَقَطَ حَقُّ الدُّخُولِ بِهَا مَا لَمْ تَتَأَيَّمْ قَبْلَ قِيَامِهِ عَلَيْهَا (أَوْ يَكُونَ) الزَّوْجُ الَّذِي دَخَلَ بِهَا (مَحْرَمًا) لِلْمَحْضُونِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ لَهُ حَضَانَةٌ لِلْوَلَدِ كَأَنْ تَتَزَوَّجَ أُمُّهُ بِعَمِّهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الزَّوْجُ (لَا حَضَانَةَ لَهُ كَالْخَالِ) لِلْمَحْضُونِ تَتَزَوَّجُهُ الْحَاضِنَةُ (أَوْ) يَكُونَ الزَّوْجُ (وَلِيًّا) لِلْمَحْضُونِ أَيْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا (كَابْنِ الْعَمِّ) تَتَزَوَّجُهُ الْحَاضِنَةُ فَلَا تَسْقُطُ.

وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَسْقُطُ بِدُخُولِ الزَّوْجِ الْقَرِيبِ مَحْرَمًا أَوْ غَيْرَهُ بَيَّنَ بَقَاءَهَا مَعَ الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ فِي سِتِّ مَسَائِلَ فَقَالَ (أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ) لَوْ قَالَ غَيْرَهَا أَيْ الْحَاضِنَةَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ فَلَا تَسْقُطُ بِدُخُولِهَا.

(أَوْ) قَبِلَ غَيْرَهَا وَ (لَمْ تُرْضِعْهُ) أَيْ وَأَبَتْ أَنْ تُرْضِعَهُ (الْمُرْضِعَةُ عِنْدَ أُمِّهِ) صَوَابُهُ عِنْدَ بَدَلِ أُمِّهِ وَهِيَ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ الْحَضَانَةُ بَعْدَ تَزْوِيجِ أُمِّهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأُمَّ إذَا تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ دَخَلَ بِهَا فَانْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِغَيْرِهَا وَالْمَحْضُونُ رَضِيعٌ وَقَبِلَ غَيْرَ أُمِّهِ وَأَبَتْ الْمُرْضِعَةُ أَنْ تُرْضِعَهُ عِنْدَ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهَا الْحَضَانَةُ عَنْ أُمِّهِ بِأَنْ قَالَتْ: لَا أُرْضِعُهُ إلَّا فِي بَيْتِي أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَةُ الْأُمِّ.

(أَوْ لَا يَكُونُ لِلْوَلَدِ حَاضِنٌ) غَيْرُهَا (أَوْ) يَكُونُ ثُمَّ غَيْرُهَا وَلَكِنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ بِأَنْ كَانَ (غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ عَاجِزًا) أَوْ غَائِبًا (أَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا، وَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ الْمُتَزَوِّجَةُ (حُرَّةٌ) أَوْ أَمَةٌ فَلَا مَفْهُومَ لِحُرَّةٍ فَلَوْ حَذَفَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ الْحَالِيَّةَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ أَيْ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَةُ أُمِّهِ الْمُتَزَوِّجَةِ لِكَوْنِ أَبِيهِ رَقِيقًا، أَوْ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ قَائِمًا بِأُمُورِ مَالِكِهِ، وَإِلَّا انْتَقَلَتْ لَهُ عَنْ أُمِّهِ.

(وَفِي) سُقُوطِ حَضَانَةِ الْحَاضِنَةِ (الْوَصِيَّةِ) عَلَى الْمَحْضُونِ أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا تَتَزَوَّجُ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الطِّفْلِ وَعَدَمِ سُقُوطِهَا (رِوَايَتَانِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَنْ يَلِيهَا فِي الرُّتْبَةِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ بِتَزَوُّجِهَا وَدُخُولِهَا وَأَنَّ ذَلِكَ مُسْقِطٌ لِحَضَانَتِهَا وَيَسْكُتَ بَعْدَ عِلْمِهِ الْعَامَ بِلَا عُذْرٍ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالدُّخُولِ وَأَنَّهُ مُسْقِطٌ (قَوْلُهُ: الْعَامَ) هُوَ مَحْسُوبٌ مِنْ الْعِلْمِ بِالدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ الْحُكْمَ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ دُخُولَهَا بِالزَّوْجِ مُسْقِطٌ لِحَضَانَتِهَا (قَوْلُهُ أَوْ سَكَتَ دُونَ عَامٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ الْعَامُ كَامِلًا أَوْ أَزْيَدَ مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَتَأَيَّمْ) أَيْ تَطْلُقْ أَوْ يَمُتْ زَوْجُهَا الَّذِي قَدْ دَخَلَ بِهَا (قَوْلُهُ قَبْلَ قِيَامِهِ) أَيْ قِيَامِ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ الزَّوْجُ الَّذِي دَخَلَ بِهَا مَحْرَمًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ الَّذِي دَخَلَ بِهَا مَحْرَمًا لِلْمَحْضُونِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ أَوْ لَا أَوْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ وَكَانَ غَيْرَ مَحْرَمٍ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِدُخُولِهِ (قَوْلُهُ: كَالْخَالِ لِلْمَحْضُونِ تَتَزَوَّجُهُ الْحَاضِنَةُ) أَيْ الْكَائِنَةُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ (قَوْلُهُ: كَابْنِ الْعَمِّ) أَيْ وَكَالْوَصِيِّ عَلَى الْأَوْلَادِ

(قَوْلُهُ: الْقَرِيبِ) أَيْ لِلْوَلَدِ الْمَحْضُونِ (قَوْلُهُ: مَحْرَمًا) أَيْ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ الْعَمُّ بِأُمِّ الْمَحْضُونِ أَوْ بِجَدَّتِهِ الْحَاضِنَةِ لَهُ أَوْ يَتَزَوَّجَ خَالُهُ بِحَاضِنَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ أَيْ كَأَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنُ الْعَمِّ بِخَالَتِهِ أَوْ خَالَةِ أُمِّهِ الْحَاضِنَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي سِتِّ مَسَائِلَ) الْأَوْلَى فِي سَبْعِ مَسَائِلَ مَبْدَؤُهَا قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ وَآخِرُهَا قَوْلُهُ: وَفِي الْوَصِيَّةِ رِوَايَتَانِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ) أَيْ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْحَاضِنَةُ بِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَحْضُونِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ غَيْرَهَا فَإِنَّهَا تَبْقَى عَلَى حَضَانَتِهَا وَلَا تَسْقُطُ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمَحْضُونُ رَضِيعًا أَوْ غَيْرَهُ وَاخْتَارَهُ عج وَقَصَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَلَى الرَّضِيعِ وَكَذَا بْن حَيْثُ قَالَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ أَيْ وَهُوَ رَضِيعٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ

(قَوْلُهُ: عِنْدَ أُمِّهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّ عَدَمَ سُقُوطِ الْحَضَانَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَخْصُوصٌ بِالْأُمِّ فَلَوْ كَانَتْ الْحَضَانَةُ لِلْجَدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَامْتَنَعَتْ الْمُرْضِعَةُ أَنْ تُرْضِعَهُ عِنْدَ الْخَالَةِ، وَقَالَتْ: لَا أُرْضِعُهُ عِنْدَ الْخَالَةِ بَلْ أُرْضِعُهُ عِنْدِي أَوْ عِنْدَ الْجَدَّةِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ اسْتِمْرَارَ الْحَضَانَةِ لِلْجَدَّةِ بَلْ تَنْتَقِلُ لِلْخَالَةِ تَأَمَّلْ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ

(قَوْلُهُ: غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْحَاضِنَةِ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرُ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَاجِزًا أَوْ كَانَ غَائِبًا (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ أَبَا الْمَحْضُونِ إذَا كَانَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً حُرَّةً وَتَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَحْضُونِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَبْقَى عِنْدَ أُمِّهِ وَلَا يُنْتَزَعُ مِنْهَا، وَمِثْلُ مَا إذَا كَانَتْ الْأُمُّ حُرَّةً مَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً سَوَاءٌ كَانَ وَلَدُهَا الْمَحْضُونَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا انْتَقَلَتْ لَهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ قَائِمًا بِهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْحَضَانَةِ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ عَنْ أُمِّهِ لِأَبِيهِ

(قَوْلُهُ: أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا هُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا فِي الْأُمِّ خَاصَّةً كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَاللَّخْمِيِّ وَمُعِينِ الْحُكَّامِ وَغَيْرِهِمْ اُنْظُرْ طفي وبن (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ سُقُوطِهَا) أَيْ وَتَفَرُّدِهِمْ حِينَئِذٍ بِمَسْكَنٍ (قَوْلُهُ: رِوَايَتَانِ) أَيْ عَنْ مَالِكٍ وَالرِّوَايَةُ بِعَدَمِ السُّقُوطِ بِهَا وَقَعَتْ الْفَتْوَى وَحَكَمَ بِهَا ابْنُ حَمْدُونٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَلْشَانِيُّ وَقَالَ صَاحِبُ الْفَائِقِ: إنَّهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَصِيَّةِ لَا تُسْقِطُهُ الزَّوْجِيَّةُ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ جَارِيَتَانِ فِي الْوَصِيَّةِ إذَا تَزَوَّجَتْ، وَلَوْ قَالَ الْأَبُ فِي إيصَائِهِ: إنْ تَزَوَّجَتْ فَانْزِعُوهُمْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فَلَا وِصَايَةَ لَهَا رَوَاهُ

الصفحة 530