كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 2)

(وَ) شَرْطُ الْحَاضِنِ (أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ) فَهَذَا عَطْفٌ عَلَى عَقْلٌ وَهُوَ آخِرُ الْمَشْرُوطِ أَيْ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الطِّفْلِ أَعَمُّ مِنْ وَلِيِّ الْمَالِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَنَائِبُهُ وَوَلِيُّ الْعُصُوبَة كَالْعَمِّ وَالْمُعْتِقِ وَعَصَبَتِهِ (حُرٌّ) لَا رَقِيقٌ (عَنْ وَلَدٍ حُرٍّ) الْأَوْلَى عَنْ مَحْضُونٍ لِيَعُمَّ الْوَلَدَ وَغَيْرَهُ أَيْ إذَا أَرَادَ وَلِيُّ الْمَحْضُونِ سَفَرًا فَلَهُ أَخْذُ الْمَحْضُونِ مِنْ الْحَاضِنِ، وَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْحَضَانَةِ (وَإِنْ) كَانَ الْوَلَدُ (رَضِيعًا) لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبَلَ الرَّضِيعُ غَيْرَ أُمِّهِ، وَأَنْ لَا يُخَافَ عَلَى الطِّفْلِ مِنْ السَّفَرِ (أَوْ تُسَافِرَ هِيَ) أَيْ الْحَاضِنَةُ عَنْ بَلَدِ الْوَلِيِّ فَلَهُ نَزْعُهُ مِنْهَا، وَشَرْطُ سَفَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَوْنُهُ (سَفَرَ نَقْلَةٍ) وَانْقِطَاعٍ (لَا تِجَارَةٍ) أَوْ زِيَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَأْخُذُهُ وَلَا تَسْقُطُ الْحَضَانَةُ بَلْ تَأْخُذُهُ مَعَهَا وَيَتْرُكُهُ الْوَلِيُّ عِنْدَهَا (وَحَلَفَ) مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الْحَاضِنَةِ فَالْوَلِيُّ يَحْلِفُ أَنَّهُ أَرَادَ النَّقْلَةَ لِيَنْزِعَهُ مِنْهَا وَالْحَاضِنُ يَحْلِفُ أَنَّهُ أَرَادَ سَفَرَ التِّجَارَةِ لِيَبْقَى الْوَلَدُ بِيَدِهِ (سِتَّةَ بُرُدٍ) ظَرْفٌ لِيُسَافِرَ وَتُسَافِرَ فَهُوَ شَامِلٌ لِسَفَرِ الْوَلِيِّ وَسَفَرِ الْحَاضِنَةِ أَيْ إنَّ شَرْطَ مَسَافَةِ سَفَرِ كُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْحَاضِنَةِ أَنْ يَكُونَ سِتَّةَ بُرُدٍ فَأَكْثَرَ أَيْ سَفَرِ الْوَلِيِّ الَّذِي يَأْخُذُ الْمَحْضُونَ فِيهِ وَسَفَرِ الْحَاضِنَةِ الَّذِي يَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِنَزْعِهِ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ فَالْحَضَانَةُ لَا تَسْقُطُ كَمَا يَأْتِي (وَظَاهِرُهَا) مَسَافَةُ (بَرِيدَيْنِ) فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَبْقَى الْمُضَافَ إلَيْهِ مَجْرُورًا، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَظَاهِرُهَا ضَعِيفٌ (إنْ سَافَرَ) الْوَلِيُّ أَوْ الْحَاضِنَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُحَمَّدٌ اُنْظُرْ عبق

(قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْحَاضِنِ) أَيْ شَرْطُ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لِلْحَاضِنِ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَنْ لَا يُسَافِرَ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لِلْحَاضِنِ أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ حُرٌّ عَنْ مَحْضُونٍ حُرٍّ سَفَرَ نَقْلَةٍ سِتَّةَ بُرُدٍ فَإِنْ سَافَرَ الْوَلِيُّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ كَانَ لَهُ أَخْذُ الْمَحْضُونِ مِنْ حَاضِنَتِهِ، وَيُقَالُ لَهَا: اتْبَعِي مَحْضُونَك إنْ شِئْت وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَلِيٌّ حُرٌّ عَمَّا لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ لِلْمَحْضُونِ عَبْدًا وَأَرَادَ السَّفَرَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ مَعَهُ، وَيَبْقَى عِنْدَ حَاضِنَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا قَرَارَ لَهُ وَلَا مَسْكَنَ، وَاحْتَرَزَ بِالْوَلَدِ الْحُرِّ عَنْ الْوَلَدِ الْعَبْدِ إذَا سَافَرَ وَلِيُّهُ فَلَا يَأْخُذُهُ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَحْتَ نَظَرِ سَيِّدِهِ أَيْ مَالِك أَمْرِهِ حَضَرًا وَسَفَرًا.
(قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الطِّفْلِ أَعَمُّ إلَخْ) تَفْسِيرُ الْوَلِيِّ هُنَا بِمَا ذَكَرَ الشَّامِلُ لِوِلَايَةِ الْمَالِ وَلِوِلَايَةِ الْعُصُوبَة هُوَ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَالَ عج: الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ الْأَبِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: لَا رَقِيقٌ) أَيْ فَلَا يُسْقِطُ سَفَرُهُ حَقَّ الْحَاضِنَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحَاضِنَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَارَ لَهُ إذْ لَا مَسْكَنَ لَهُ وَقَدْ يُبَاعُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيعًا) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ سَافَرَ الْوَلِيُّ الْحُرُّ عَنْ الْوَلَدِ الْحُرِّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ، وَيَأْخُذُهُ وَلِيُّهُ مَعَهُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: لَا يَأْخُذُ الرَّضِيعَ بَلْ إنَّمَا يَأْخُذُ الْوَلَدَ إذَا أَثْغَرَ، وَقِيلَ: يَأْخُذُهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ أُمِّهِ) الْأَوْلَى غَيْرَ حَاضِنَتِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ الْأُمِّ غَيْرُهَا مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَوْ تُسَافِرَ هِيَ) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ حَضَانَةِ الْحَاضِنَةِ أَنْ لَا تُسَافِرَ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ عَنْ بَلَدِ وَلِيِّ الْمَحْضُونِ الْحُرِّ فَإِنْ سَافَرَتْ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا، وَكَانَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ كَسَفَرِ النَّزَاهَةِ وَالسَّفَرِ لِطَلَبِ مِيرَاثٍ أَوْ حَقٍّ (قَوْلُهُ: بَلْ تَأْخُذُهُ مَعَهَا) أَيْ إذَا سَافَرَتْ، وَقَوْلُهُ: وَيَتْرُكُهُ الْوَلِيُّ عِنْدَهَا أَيْ إذَا سَافَرَ هُوَ وَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا وَظَاهِرُهُ كَانَ السَّفَرُ سِتَّةَ بُرُدٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ مَا قَالَهُ عج وَتَبِعَهُ عبق وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: إنْ كَانَ السَّفَرُ لَيْسَ سَفَرَ نَقْلَةٍ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا لَكِنْ لَا تَأْخُذُ الْوَلَدَ مَعَهَا إلَّا إذَا كَانَ السَّفَرُ قَرِيبًا كَبَرِيدٍ لَا إنْ بَعُدَ فَلَا تَأْخُذُهُ وَإِنْ كَانَتْ حَضَانَتُهَا بَاقِيَةً وَتَبِعَهُ خش عَلَى ذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّهَا إذَا سَافَرَتْ لِكَتِجَارَةٍ وَأَخَذَتْ الْوَلَدَ مَعَهَا فَحَقُّ الْوَلَدِ فِي النَّفَقَةِ بَاقٍ عَلَى الْأَبِ وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ عَنْ أَبِيهِ بِسَفَرِهِ مَعَهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي عبق.
(قَوْلُهُ: وَحَلَفَ) رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ سَافَرَ الْوَلِيُّ لِنَقْلَةٍ أَخَذَهُ وَحَلَفَ وَإِنْ سَافَرَتْ الْحَاضِنَةُ لِكَتِجَارَةٍ أَخَذَتْهُ وَحَلَفَتْ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِكُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْحَاضِنَةِ؛ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: وَحَلَفَ مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْحَاضِنَةِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ مِنْهُمَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ لَا كَمَا ارْتَضَاهُ عج وتت وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَقِيلَ: إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَارْتَضَاهُ الْمَوَّاقُ هَذَا وَلَمْ يَنْسُبْ ابْنُ عَرَفَةَ لُزُومَ الْيَمِينِ إلَّا لِابْنِ الْهِنْدِيِّ وَنَسَبَ الِاكْتِفَاءَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الِاسْتِيطَانِ دُونَ يَمِينٍ لِابْنِ يُونُسَ وَجَمَاعَةٍ مَعَ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ح: فَانْظُرْ كَيْفَ يَعْدِلُ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِ الْأَكْثَرِ لَكِنْ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِالْيَمِينِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهَا بَرِيدَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ سَفَرَ الْبَرِيدَيْنِ يَكُونُ كَافِيًا فِي قَطْعِ الْحَضَانَةِ إذَا سَافَرَ الْوَلِيُّ أَوْ سَافَرَ الْحَاضِنُ (قَوْلُهُ: وَأَبْقَى الْمُضَافَ إلَيْهِ مَجْرُورًا) فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَظَاهِرُهَا بَرِيدَانِ؛ لِأَنَّ الْمُثَنَّى يُرْفَعُ بِالْأَلِفِ (قَوْلُهُ: إنْ سَافَرَ لِأَمْنٍ وَأَمِنَ مِنْ الطَّرِيقِ) هَذَانِ الشَّرْطَانِ أَيْ كَوْنُ السَّفَرِ لِمَوْضِعٍ مَأْمُونٍ وَالْأَمْنِ فِي الطَّرِيقِ مُعْتَبَرَانِ أَيْضًا فِي سَفَرِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ وَيُزَادُ عَلَيْهِمَا كَوْنُهُ مَأْمُونًا فِي نَفْسِهِ وَغَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْإِسَاءَةِ عَلَيْهَا، وَكَوْنُهُ حُرًّا وَكَوْنُ الْبَلَدِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهَا قَرِيبَةً بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِهَا خَبَرُهَا فِيهَا، وَأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْبَلَدُ تُقَامُ فِيهَا الْأَحْكَامُ فَإِذَا وُجِدَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ وَطَلَبَ الزَّوْجُ السَّفَرَ بِزَوْجَتِهِ قُضِيَ بِسَفَرِهَا مَعَهُ، وَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا فَلَا تُجْبَرُ

الصفحة 531