كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 2)

سَفَرَ نَقْلَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ (لِأَمْنٍ) أَيْ لِمَوْضِعٍ مَأْمُونٍ (وَأَمِنَ) كُلٌّ (فِي الطَّرِيقِ) عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَعَلَى الْمَحْضُونِ، وَإِلَّا لَمْ يَنْزِعْهُ الْوَلِيُّ مِنْهَا وَنُزِعَ مِنْ الْحَاضِنَةِ (وَلَوْ) كَانَ (فِيهِ) أَيْ فِي الطَّرِيقِ (بَحْرٌ) عَلَى الْأَصَحِّ فَالْمَدَارُ عَلَى الْأَمْنِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: وَأَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ) أَيْ الْحَاضِنَةُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْوَلِيِّ أَوْ مَعَ الْمَحْضُونِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِسَفَرِهِ سَفَرَ نَقْلَةٍ (لَا أَقَلَّ) مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ، وَمِنْ بَرِيدَيْنِ عَلَى الضَّعِيفِ فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا، وَلَا تُمْنَعُ الْحَاضِنَةُ مِنْ السَّفَرِ بِهِ.

(وَلَا تَعُودُ) الْحَضَانَةُ لِمَنْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا بِالتَّزْوِيجِ (بَعْدَ الطَّلَاقِ) لَهَا أَوْ مَوْتِ زَوْجِهَا (أَوْ) بَعْدَ (فَسْخِ) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ) بَعْدَ الْبِنَاءِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) .

(أَوْ) بَعْدَ (الْإِسْقَاطِ) أَيْ إذَا أَسْقَطَتْ الْحَاضِنَةُ حَقَّهَا مِنْهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَهَا ثُمَّ أَرَادَتْ الْعَوْدَ لَهَا فَلَا تَعُودُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَقٌّ لِلْحَاضِنِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: تَعُودُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَحْضُونِ.

(إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْإِسْقَاطُ بِمَعْنَى السُّقُوطِ (لِكَمَرَضٍ) مِنْ كُلِّ عُذْرٍ لَا يُقْدَرُ مَعَهُ عَلَى الْقِيَامِ بِحَالِ الْمَحْضُونِ كَعَدَمِ لَبَنٍ أَوْ حَجِّ فَرْضٍ أَوْ سَفَرِ الْوَلِيِّ بِالْمَحْضُونِ سَفَرَ نَقْلَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى السَّفَرِ مَعَهُ.
(قَوْلُهُ: سَفَرَ نَقْلَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ) رَاجِعٌ لِلْوَلِيِّ وَالْحَاضِنَةِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ أَيْ إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْوَلِيِّ يَأْخُذُ الْوَلَدَ مِنْ الْحَاضِنَةِ إذَا سَافَرَ سِتَّةَ بُرُدٍ سَفَرَ نُقْلَةٍ إنْ كَانَ سَفَرُهُ لِمَوْضِعٍ مَأْمُونٍ وَيَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْوَلَدِ الْمَحْضُونِ فِي الطَّرِيقِ وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا وَمَحَلُّ كَوْنِ الْحَاضِنَةِ إذَا سَافَرَتْ السِّتَّةَ بُرُدٍ لِتِجَارَةٍ لَا يُنْزَعُ الْوَلَدُ مِنْهَا إذَا كَانَ سَفَرُهَا لِمَوْضِعٍ مَأْمُونٍ وَكَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْوَلَدِ مَعَهَا فِي الطَّرِيقِ، وَإِلَّا نُزِعَ الْوَلَدُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَأَمِنَ كُلٌّ فِي الطَّرِيقِ) أَيْ وَلَوْ بِحَسَبِ غَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ الْقَطْعِ بِالْأَمْنِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَنْزِعْهُ الْوَلِيُّ) أَيْ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ، وَقَوْلُهُ: وَنُزِعَ مِنْ الْحَاضِنَةِ أَيْ إذَا أَرَادَتْ السَّفَرَ لِكَتِجَارَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِيهِ بَحْرٌ) مُبَالَغَةٌ فِي أَخْذِهِ إذَا أُرِيدَ السَّفَرُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا أَرَادَ سَفَرَ النَّقْلَةِ وَكَانَ سِتَّةَ بُرُدٍ كَانَ لَهُ أَخْذُ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ وَكَذَلِكَ الْحَاضِنَةُ إذَا سَافَرَتْ لِكَتِجَارَةٍ كَانَ لَهَا أَخْذُهُ وَلَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَأْخُذُهُ الْوَلِيُّ إذَا سَافَرَ وَلَا الْحَاضِنَةُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَلَا يُمَكَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ أَخْذِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَصَرَ أَخْذَهُ عَلَى الْبَرِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ سَافَرَ الْوَلِيُّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ لِنَقْلَةٍ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا وَكَانَ لِلْوَلِيِّ أَخْذُهُ مِنْهَا إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِسَفَرِهِ سَفَرَ نَقْلَةٍ) أَيْ وَلَا تُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ إذَا أَرَادَتْهُ (قَوْلُهُ: لَا أَقَلَّ) أَيْ لَا إنْ كَانَ سَفَرُ الْوَلِيِّ سَفَرَ نَقْلَةٍ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا وَلَا إنْ كَانَ سَفَرُهَا سَفَرَ نَقْلَةٍ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ فَلَا تُمْنَعُ الْحَاضِنَةُ مِنْ أَخْذِهِ مَعَهَا وَالسَّفَرِ بِهِ إذْ لَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِذَلِكَ السَّفَرِ

(قَوْلُهُ: لِمَنْ سَقَطَتْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا بَلْ الْحَقُّ فِي الْحَضَانَةِ بَاقٍ لِمَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ رَدَّ الْمَحْضُونِ لِمَنْ انْتَقَلَتْ عَنْهُ الْحَضَانَةُ فَإِنْ كَانَ لِلْأُمِّ فَلَا مَقَالَ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِمَا هُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ لِأُخْتِهَا مَثَلًا فَلِلْأَبِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَعُودُ أَيْ جَبْرًا عَلَى مَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ بِتَزَوُّجِهَا أَمَّا لَوْ سَلَّمَ لَهَا الْحَضَانَةَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا تَعُودُ لَهَا لَكِنْ تَارَةً يَكُونُ لِلْأَبِ مَقَالٌ وَتَارَةً لَا يَكُونُ لَهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ فَسْخِ الْفَاسِدِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا بِالتَّزْوِيجِ وَأَخَذَ الْوَلَدَ مَنْ بَعْدَهَا فِي الْمَرْتَبَةِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ فُسِخَ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّ حَضَانَتَهَا لَا تَعُودُ وَهَذَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ وَدَرَأَ الْحَدَّ أَمَّا لَوْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَسَادُهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَوْ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَكَانَ النِّكَاحُ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ وَلَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَعُودُ لَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَسْخَ الْفَاسِدِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَعُودُ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ كَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ أَوْ لَا وَكَذَا إنْ كَانَ فَسْخُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَكَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ وَلَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ كَالْخَامِسَةِ وَالْمَحْرَمِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحُكْمِ وَأَمَّا إنْ كَانَ فَسْخُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَكَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ وَيَدْرَأُ الْحَدَّ كَالْمَحْرَمِ وَالْخَامِسَةُ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ أَوْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَفُسِخَ لِذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا فَإِنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَعُودُ؛ لِأَنَّ فَسْخَ نِكَاحِهَا كَطَلَاقِهَا مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْأَصْوَبُ وَعَبَّرَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ بِالْأَرْجَحِ جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ تَرْجِيحَهُ إنَّمَا وَقَعَ فِيهَا دُونَ مَا قَبْلَهَا وَقِيلَ إنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ وَسَقَطَتْ حَضَانَتُهَا ثُمَّ فُسِخَ نِكَاحُهَا لِفَسَادِهِ فَإِنَّ حَضَانَتَهَا تَعُودُ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا سَوَاءٌ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ) أَيْ لِلْغَيْرِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ وُجُوبِهَا لَهَا إلَخْ) هَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا أَسْقَطَتْ الْأُمُّ حَضَانَتَهَا لِلْأَبِ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَلِإِسْقَاطِهَا لَهُ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَهُمَا زَوْجَانِ كَمَا مَرَّ وَشَامِلٌ لِمَا إذَا أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ حَضَانَتَهَا بَعْدَ أَنْ أَسْقَطَتْ بِنْتُهَا حَضَانَتَهَا فِي مُقَابَلَةِ خُلْعِهَا؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْأُمِّ حَضَانَتَهَا فِي مُقَابَلَةِ خُلْعِهَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْجَدَّةِ

الصفحة 532