كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 2)

فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ عَادَتْ الْحَضَانَةُ بِزَوَالِهِ (أَوْ لِمَوْتِ الْجَدَّةِ) عَطْفٌ عَلَى مَرَضٍ فَالْكَافُ مُقَدَّرَةٌ فِي مَوْتٍ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مُقَدَّرٌ دُخُولُهَا عَلَى الْجَدَّةِ فَيَشْمَلُ غَيْرَهَا مِنْ كُلِّ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ الْحَضَانَةُ بِتَزْوِيجٍ مِنْ قِبَلِهِ كَالْأُمِّ مَثَلًا يَعْنِي إذَا مَاتَتْ الْجَدَّةُ وَنَحْوُهَا مِمَّنْ انْتَقَلَتْ لَهُ الْحَضَانَةُ وَمِثْلُ الْمَوْتِ تَزْوِيجُهَا (وَالْأُمُّ) مَثَلًا الَّتِي سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا بِتَزْوِيجِهَا (خَالِيَةٌ) مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَإِنَّ الْحَضَانَةُ تَعُودُ إلَيْهَا بِمَوْتِ الْجَدَّةِ أَوْ تَزْوِيجِهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَضَانَةَ إذَا انْتَقَلَتْ لِشَخْصٍ لِمَانِعٍ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ، وَقَدْ مَاتَ أَوْ تَزَوَّجَ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ فَإِنَّهَا تَعُودُ لِلْأَوَّلِ.

(أَوْ لِتَأَيُّمِهَا) أَيْ الْحَاضِنَةِ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِمَوْتِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهَا (قَبْلَ عِلْمِهِ) أَيْ عِلْمِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ حِينَ التَّزَوُّجِ فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ لَهَا، وَلَا مَقَالَ لِمَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ شَرْعًا حَالَ تَزَوُّجِ الْأُمِّ، وَفِي جَعْلِ هَذَا الِاسْتِمْرَارِ عَوْدًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمُصَنِّفِ تَسَمُّحٌ.

(وَلِلْحَاضِنَةِ) أُمٍّ أَوْ غَيْرِهَا (قَبْضُ نَفَقَتِهِ) وَكِسْوَتِهِ وَغِطَائِهِ وَوِطَائِهِ وَجَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ لَهُ الطِّفْلُ وَلَيْسَ لِأَبِي الْمَحْضُونِ أَنْ يَقُولَ لَهَا ابْعَثِيهِ لِيَأْكُلَ عِنْدِي ثُمَّ يَعُودَ لَك لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ بِالطِّفْلِ وَالْإِخْلَالِ بِصِيَانَتِهِ وَالضَّرَرِ عَلَى الْحَاضِنَةِ لِلْمَشَقَّةِ، وَلَيْسَ لَهَا مُوَافَقَةُ الْأَبِ عَلَى ذَلِكَ لِضَرَرِ الطِّفْلِ؛ إذْ أَكْلُهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ ثُمَّ إنَّ قَبْضَ النَّفَقَةِ يُقَدَّرُ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى الْأَبِ بِالنَّظَرِ لِحَالِهِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ وَمِنْ أَعْيَانٍ أَوْ أَثْمَانٍ وَلِحَالِ الْحَاضِنَةِ مِنْ قُرْبِ الْمَسْكَنِ مِنْ الْأَبِ وَبُعْدِهِ وَأَمْنِهِ وَخَوْفِهِ وَأَمَّا السُّكْنَى فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهَا عَلَى الْأَبِ لِلْمَحْضُونِ وَالْحَاضِنَةِ مَعًا، وَلَا اجْتِهَادَ فِيهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: سُكْنَى الطِّفْلِ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى الْحَاضِنَةِ مَا يَخُصُّ نَفْسَهَا بِالِاجْتِهَادِ فِيهِمَا أَيْ فِيمَا يَخُصُّ الطِّفْلَ، وَمَا يَخُصُّ الْحَاضِنَ وَقِيلَ تُوَزَّعُ عَلَى الرُّءُوسِ فَقَدْ يَكُونُ الْمَحْضُونُ مُتَعَدِّدًا، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (وَ) لِلْحَاضِنَةِ (السُّكْنَى بِالِاجْتِهَادِ) الْمَشْيُ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ وَلَوْ مَشَى عَلَى مَذْهَبِهَا لَقَدَّمَ قَوْلَهُ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى قَوْلِهِ: وَالسُّكْنَى لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ صَوَابٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِذَا أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ بَعْدَ طَلَاقِ بِنْتِهَا صَحَّ الْإِسْقَاطُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ بَعْدَ وُجُوبِهِ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ حَقَّهُ فِيهَا انْتَقَلَ لِمَنْ يَلِيهِ فِي الْمَرْتَبَةِ لَا لِلْمَسْقَطِ لَهُ وَأَمَّا لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا لَهَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَتِهَا وَقَدْ أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ أَوْ الْخَالَةُ حَقَّهَا قَبْلَ مُخَالَعَةِ ابْنَتِهَا أَوْ أُخْتِهَا

(قَوْلُهُ: فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ عَادَتْ الْحَضَانَةُ بِزَوَالِهِ) أَيْ مَا لَمْ تَتْرُكْهُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ سَنَةً فَلَا تَأْخُذُهُ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَوْ يَأْلَفُ الْوَلَدُ مَنْ هُوَ عِنْدَهَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِ نَقْلَتُهُ مِنْ عِنْدِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَوْتِ الْجَدَّةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ إذَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَأَخَذَتْ الْجَدَّةُ الْوَلَدَ ثُمَّ فَارَقَ الزَّوْجُ الْأُمَّ، وَقَدْ مَاتَتْ الْجَدَّةُ أَوْ تَزَوَّجَتْ، وَالْأُمُّ خَالِيَةٌ مِنْ الْمَوَانِعِ فَهِيَ أَحَقُّ مِمَّنْ بَعْدَ الْجَدَّةِ وَهِيَ الْخَالَةُ وَمَنْ بَعْدَهَا كَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْجَدَّةَ إذَا مَاتَتْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِمَنْ بَعْدَهَا كَالْخَالَةِ وَلَا تَعُودُ لِلْأُمِّ وَلَوْ كَانَتْ مُتَأَيِّمَةً.
(قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ مَثَلًا خَالِيَةٌ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْجَدَّةِ وَلَا لِلْأُمِّ وَلَا لِلْمَوْتِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: أَوْ لِكَمَوْتِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ الْحَضَانَةُ وَقَدْ خَلَّى مَنْ قَبْلَهُ كَانَ أَشْمَلَ

(قَوْلُهُ: أَوْ لِتَأَيُّمِهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَنْ تَنْتَقِلُ الْحَضَانَةُ إلَيْهِ بِتَزْوِيجِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ لِلْحَاضِنَةِ وَلَا مَقَالَ لِمَنْ بَعْدَهَا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ مَنْ بَعْدَهَا بِزَوَاجِهَا وَسَكَتَ عَنْ أَخْذِ الْوَلَدِ عَامًا أَوْ أَقَلَّ وَلَمْ يَقُمْ حَتَّى تَأَيَّمَتْ وَلَمْ يَنْزِعْهُ مِنْهَا وَلَا مَقَالَ لَهُ وَمَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ الْعَامَ أَيْ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا فَإِنْ سَكَتَ أَقَلَّ مِنْ الْعَامِ كَانَ لَهُ انْتِزَاعُهُ فَفِيمَا إذَا لَمْ تَتَأَيَّمْ فَالْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ كَذَا ذَكَرَهُ عج وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: إذَا عَلِمَ مَنْ بَعْدَهَا فَلَا مَقَالَ لَهُ إنْ عَلِمَ وَسَكَتَ الْعَامَ، وَإِلَّا فَلَهُ مَقَالٌ فَإِنَّ مَفْهُومَ كَلَامِهِ هُنَا يُقَيَّدُ بِمَا مَرَّ بِحَيْثُ يُقَالُ: مَفْهُومُ قَبْلَ عِلْمِهِ أَنَّهَا إذَا تَأَيَّمَتْ بَعْدَ عِلْمِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ الْحَضَانَةُ وَسُكُوتِهِ كَانَ لَهُ انْتِزَاعُهُ إنْ كَانَ السُّكُوتُ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ، وَإِلَّا فَلَا وَفِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَحَلَّيْنِ مُخْتَلِفٌ فَكَيْفَ يُقَيَّدُ أَحَدُهُمَا بِمَا فِي الْآخَرِ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَبِي الْمَحْضُونِ أَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا طَلَبَ ذَلِكَ فَلَا يُجَابُ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ) أَيْ إنَّ الْحَاضِنَةَ مُخْتَصَّةٌ بِذَلِكَ، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَأَمْنِهِ) أَيْ فَيُعْطِي نَفَقَةً كَثِيرَةً كَجُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ وَقَوْلُهُ: وَخَوْفِهِ أَيْ فَيُعْطِي نَفَقَةً قَلِيلَةً كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ: فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ أَصْلُهُ لعج وَتَبِعَهُ عبق وَشَارِحُنَا وَسَيَأْتِي لَك مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِيمَا يَخُصُّ الطِّفْلَ) أَيْ بِأَنْ يُجْعَلَ نِصْفُ أُجْرَةِ الْمَسْكَنِ مَثَلًا عَلَى أَبِي الْمَحْضُونِ وَنِصْفُهَا عَلَى الْحَاضِنِ، أَوْ ثُلُثُهَا مَثَلًا عَلَى أَبِي الْمَحْضُونِ وَثُلُثَاهَا عَلَى الْحَاضِنِ أَوْ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تُوَزَّعُ عَلَى الرُّءُوسِ) فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا يَخُصُّ الْحَاضِنَ مِنْ الْمَسْكَنِ، وَأَمَّا مَا يَخُصُّ الْمَحْضُونَ مِنْهُ فَعَلَى الْأَبِ بِاتِّفَاقِ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ، وَسَيَأْتِي لَك أَقْوَالٌ أُخَرُ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ بْن وتت مَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ فَفِي بْن مَا نَصُّهُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِيمَا يَلْزَمُهُ الْأَبُ لِلْوَلَدِ مَا نَصُّهُ وَكَذَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ عَنْ مَسْكَنِهِ

الصفحة 533