كتاب الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم (اسم الجزء: 2)

وهكذا لعب الدين دوراً مركزياً في حياة الأمريكيين منذ السنين الأولى. "فأمريكا هي الأمة الوحيدة في العالم التي شيدت على أساس الإيمان" (¬1)، ويصبح المرء أمريكياً عبر اعتناق جملة الطروحات الواردة فيما أطلق عليه (امرسون) اسم (تجربة دينية). "ففي التعابير التي كانت تدور على ألسنة سكان المراحل الأولى من تاريخ فيرجينيا ـ على سبيل المثال ـ أعلن أوائل المستوطنين عن أنفسهم بجرأة أنهم على حد قول (جون رولف) بأنهم "شعب له خصوصيته أشار إليه، واختاره إصبع الله لامتلاك تلك الأرض لأنه معنا دون شك". واليوم يعتقد الكثيرون في الولايات المتحدة، بأن الدولة مكلفة بمهمة خاصة، ويعين عليها أن تكون مثالاً يحتذى به في العالم اجمع. ويشعر كثير من الأمريكيين بأن الولايات المتحدة هي الأرض المختارة التي أسبغ الرب عليها نعمته (¬2).
"ويمكننا الحصول على صورة لا بأس بها، عن أثر الدين في الحياة الأمريكية، إذا لاحظنا أنه كانت توجد مقاعد في الكنائس عام 1860م تتسع لستة وعشرين مليوناً من السكان، الذين بلغ إجمالي عددهم 31 مليوناً. وتدل هذه الأرقام على أن المرء لو زار الولايات المتحدة يوم أحد في تلك الفترة لوجد على الأرجح أن أكثر من نصف الناس كانوا في الكنيسة" (¬3). وقد لاحظ (توكفيل) في تلاثينات القرن التاسع عشر أن الأمريكيين كانوا الشعب الأكثر تدينا (¬4) ً، وقد بقى ذلك صحيحاً إلى اليوم. "ففي أي عطلة أسبوعية، سيبادر ما يزيد على نصف مجموع الأمريكيين إلى الذهاب إلى إحدى دور العبادة، مقارنة بنسبة تتراوح بين 10، و20، بالمئة في أكثر البلدان الأوربية وكندا" (¬5). كما لاحظ (جيمس برايس) وهو زائر بريطاني للولايات المتحدة في عقد ثمانينات القرن التاسع عشر الميلادي أن رجال الدين كانوا أبرز مواطني أمريكا وأنهم كانوا يحصلون على " قدر من النفوذ كثيراً ما يفوق في اتساعه وقوته
¬_________
(¬1) الدولة المارقة - الدفع الأحادي في السياسة الخارجية الأمريكية - كلايد برستوفتز - تعريب فاضل جتكر -ص5،
(¬2) الدين والسياسة في الولايات المتحدة الأمريكية ـ مايكل كوربت، وجوليا كوربت -ص50.
(¬3) الدين والثقافة الأمريكية - جورج مارسدن - ترجمة صادق عودة ص59
(¬4) أمريكا والعالم - د. حسين فوزي النجار - ص43 - مكتبة مدبولي 1986
(¬5) الدولة المارقة - الدفع الأحادي في السياسة الخارجية الأمريكية - كلايد برستوفتز - تعريب فاضل جتكر -ص52

الصفحة 41