كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

الطِّرَازِ: النَّوَافِلُ الْمُقَيَّدَةُ بِأَزْمَانِهَا أَوْ بِأَسْبَابِهَا كَالسُّنَنِ الْخَمْسِ وَالْفَجْرِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نِيَّةِ التَّعْيِينِ فَمَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا لِهَذِهِ لَمْ تُجْزِهِ. وَالْمُطْلَقَةُ مَا عَدَاهَا يَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ سُمِّيَتْ قِيَامًا وَعِنْدَ أَوَّلِ النَّهَارِ سُمِّيَتْ ضُحًى وَعِنْدَ دُخُولِ مَسْجِدٍ سُمِّيَتْ تَحِيَّةً وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ صَوْمٍ لَا يَفْتَقِرُ مُطْلَقُهَا إلَى التَّعْيِينِ بَلْ يَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الْعِبَادَةِ. (ص) وَلَا تُجْزِئُ إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا لِلْفَجْرِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ مِنْ شَرْطِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَنْ يَقَعَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا تُجْزِئُ إذَا تَقَدَّمَتَا عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْإِحْرَامِ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ تَحَرَّى الْفَجْرَ فِي غَيْمٍ فَرَكَعَ لَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ رَكَعَهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَهُمَا بَعْدَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بِتَحَرٍّ) وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُعِيدُهُمَا بَعْدَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَالتَّحَرِّي الِاجْتِهَادُ وَهُوَ بَذْلُ الْوُسْعِ لِتَحْصِيلِ الظَّنِّ بِدُخُولِ الْوَقْتِ. وَلَا يُعْتَرَضُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ " وَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ تُجْزِئْ وَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ " لِأَنَّ ذَاكَ فِي الشَّاكِّ الَّذِي لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ. وَلَا يُقَالُ: رَكْعَتَا الْفَجْرِ الْأَمْرُ فِيهِمَا أَخَفُّ مِنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مُخْتَلِفٌ إذْ فَرْقٌ بَيْنَ الشَّاكِّ وَالْمُجْتَهِدِ.
(ص) وَنُدِبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَإِيقَاعُهَا بِمَسْجِدٍ وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عَلَى الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُمَا مَعَ الصُّبْحِ كَرُبَاعِيَّةٍ رَكْعَتَانِ بِالْحَمْدُ وَسُورَةٍ وَرَكْعَتَانِ بِالْحَمْدُ فَقَطْ وَلِذَلِكَ شُرِعَ فِيهِمَا الْإِسْرَارُ، وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا إيقَاعُهَا فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا تَنُوبُ عَنْ التَّحِيَّةِ فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ فَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ مُحَصِّلٌ لِلتَّحِيَّةِ بِخِلَافِ فِعْلِهَا فِي الْبَيْتِ فَإِنَّهُ مُخِلٌّ بِذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ اسْتِحْبَابَ إيقَاعِهَا فِي الْمَسْجِدِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فَالْمُؤَلِّفُ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَى نِيَابَتِهَا عَنْ التَّحِيَّةِ فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ لَا فِي الثَّوَابِ مَا لَمْ يَنْوِ التَّحِيَّةَ بِهَا، فَإِنْ قُلْت: التَّحِيَّةُ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ مِنْهُ حِينَئِذٍ وَالثَّوَابُ يَتْبَعُ الطَّلَبَ قُلْت: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِطَلَبِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ أَوْ أَنَّهُ فِيمَا إذَا صَلَّى الْفَجْرَ بَعْدَ الشَّمْسِ قَضَاءً. (ص) وَإِنْ فَعَلَهَا بِبَيْتِهِ لَمْ يَرْكَعْ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ خَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ وَصَلَّى الْفَجْرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَمْ يَرْكَعْ بَلْ يَجْلِسُ مِنْ غَيْرِ رُكُوعٍ أَيْ: لَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَيْ: لَمْ يُعِدْهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَرْكَعُ غَيْرَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ.
(ص) وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَلِلزَّوَالِ. (ش) هَذَا مِمَّا لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَهَا مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهَا، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِمَّا عَدَا الْفَرَائِضَ وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمُسْتَثْنَى إنْ وَقَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَالسُّنَنِ الْخَمْسِ) الْعِيدَيْنِ - وَهُمَا اثْنَتَانِ - وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ) أَيْ: الْإِجْمَالُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ) أَيْ: فِي لَيْلِ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ) فَإِنْ قُلْت: الضُّحَى مُقَيَّدٌ بِوَقْتٍ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالسُّنَنِ الْخَمْسِ لِلتَّقْيِيدِ أَيْ: بِقَيْدِ كَوْنِهَا السُّنَنَ الْخَمْسَ وَالْفَجْرَ أَوْ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ وَالضُّحَى وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا عِبَادَةٌ مُتَمَاثِلَةٌ رَكْعَتَانِ نَافِلَةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِالصِّفَةِ بِخِلَافِ السُّنَنِ الْخَمْسِ وَالرَّغِيبَةِ وَقَوْلُهُ: وَالْمُطْلَقَةُ مَا عَدَاهَا أَيْ: مَا عَدَا الْخَمْسَ وَالْفَجْرَ. (قَوْلُهُ: لَا يَفْتَقِرُ مُطْلَقُهَا إلَى التَّعْيِينِ) وَأَمَّا مُقَيَّدُهَا كَالْحَجِّ النَّذْرِ أَوْ الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَانْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّ صُدُورَ نِيَّةِ الْحَجِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَعْدَ حُصُولِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ يُحَصِّلُ التَّمَتُّعَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِحَجِّهِ خُصُوصَ التَّمَتُّعِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا يَوْمُ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ فَلَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ أَيْ: مَعَ أَنَّهُمَا مِنْ الْمُقَيَّدَاتِ بِأَزْمَانِهَا وَكَأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ مُعَيَّنًا صَارَا مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ. (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) أَيْ: إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ) أَيْ: لَيْسَ بِمُتَحَرٍّ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ أَيْ: الْمُتَحَرِّي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَحَرِّيَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ لَهُ أَحْوَالًا ثَلَاثَةً تُجْزِئُ فِي صُورَتَيْنِ وَلَا تُجْزِئُ فِي وَاحِدَةٍ وَمِثْلُهُ الْمُتَيَقِّنُ أَيْ: الْجَازِمُ. وَأَمَّا الشَّاكُّ فَلَا تُجْزِئُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَالصُّوَرُ تِسْعَةٌ. جَعَلَ عج مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ الْجَزْمَ وَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا بَعْدَهَا فَالْأَوْلَى جَعْلُهَا لِلْحَالِ. وَصُورَةُ الْجَزْمِ تُفْهَمُ مِنْ صُوَرِ التَّحَرِّي أَيْ: الظَّنِّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُتَحَرِّيَ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ فِي الْفَرْضِ تَبَيَّنَ التَّأَخُّرُ عَنْ الْوَقْتِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَقَدْ قَرَّرَ الْحَطَّابُ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: وَهُمَا بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْوَقْتَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ) أَيْ: وَمَا كَانَ يَتِمُّ مَا ذُكِرَ إلَّا لَوْ كَانَ الْمَوْضُوعُ مُتَّفِقًا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَصُورَةً مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ.
(قَوْلُهُ: فَالْمُصَنِّفُ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هَذَا مَشْهُورٌ مُرَاعًى فِيهِ الضَّعِيفُ وَهُوَ أَنَّهَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ إظْهَارَ السُّنَّةِ خَيْرٌ مِنْ كِتْمَانِهَا لِيَقْتَدِيَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ كَذَا لِمَالِكٍ وَهُوَ يُؤَيِّدُ أَنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ الْفَرِيضَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ أَهْلِ بَيْتِهِ جَمَاعَةً وَلَوْ لَزِمَ صَلَاةُ أَهْلِ بَيْتِهِ فُرَادَى لَا إنْ لَزِمَ عَدَمُ صَلَاتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ: لِأَنَّهَا تَنُوبُ عَنْ التَّحِيَّةِ إلَخْ. يُفِيدُ طَلَبَهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّهَا رَغِيبَةٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا صُلِّيَتْ فِي وَقْتِهَا الْمَعْهُودِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ كَتَبْت هَذَا رَأَيْت مُحَشِّيَ تت جَعَلَ الصَّوَابَ حَذْفَهُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْمُوَافَقَةِ وَنَقَلَ النَّقْلَ الَّذِي يَدُلُّ لِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَعْطُوفٌ إلَخْ أَيْ: إنْ قُلْنَا إنَّهُ مَعْطُوفٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَيْ: لَمْ يُعِدْهُمَا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَرْكَعُ غَيْرَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْغَيْرُ هُوَ التَّحِيَّةُ وَقِيلَ يَرْكَعُ التَّحِيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ) أَيْ: يَحْرُمُ، كَذَا كَتَبَ وَالِدُ عب. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمُسْتَثْنَى إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ أَيْ: مِنْ الَّتِي

الصفحة 15