كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

سَلَّمَ أَتَى بِرَابِعَةٍ إنْ قَرُبَ. (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ يَعْنِي إذَا بَنَيْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ فَأَخْطَأَ وَأَعَادَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ رَفَضَ الْأُولَى فَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً بِرَفْعِ رَأْسِهِ قَطَعَ وَيَخْرُجُ وَيَجْعَلُ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ مَخَافَةَ الطَّعْنِ عَلَى الْإِمَامِ بِخُرُوجِهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً شَفَعَهَا بِرَكْعَةٍ أُخْرَى مَعَ الْإِمَامِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُ وَتَصِيرُ نَافِلَةً، وَإِنْ أَتَمَّ الْمَغْرِبَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَابِعَةٍ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَلْ وَإِنْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ إنْ قَرُبَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَيَصِيرُ مُصَلِّيًا لِمَا لَمْ يَنْوِهِ فَإِنْ بَعُدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَخَصَّصْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِالْمَغْرِبِ دُونَ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ؛ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ " لَمْ أَرَ هَذَا التَّفْرِيعَ إلَّا فِي الْمَغْرِبِ وَلَا أَذْكُرُهُ الْآنَ فِي الْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ اهـ.
وَتَعْمِيمُ بَعْضِهِمْ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُ التَّعْمِيمُ إلَّا فِي صَدْرِ كَلَامِهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ هَارُونَ. وَعَلَى عَدَمِ التَّعْمِيمِ مَا حُكْمُ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ هَلْ يَشْفَعُهَا مُطْلَقًا أَوْ يَقْطَعُ فِيهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْعِشَاءَ الَّتِي أَوْتَرَ بَعْدَهَا قَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَ الْوِتْرِ فِيهَا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ

. (ص) وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ أَبَدًا أَفْذَاذًا. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعَادَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ مُؤْتَمًّا ثُمَّ ذَهَبَ إمَامُهُ مَثَلًا لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا فَاعْتَقَدَ شَخْصٌ أَنَّهُ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَاقْتَدَى بِهِ وَصَلَّى فَإِنَّ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَذًّا وَكَذَا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَصَلَّى إمَامًا فَإِنَّ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ يُعِيدُ أَبَدًا وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُعِيدُ. قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ اهـ.
وَإِنَّمَا لَمْ يُطْلَبْ بِالْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ قَدْ حَصَلَ لَهُ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ هَذِهِ فَرْضَهُ قَالَهُ النَّاصِرُ فَقَوْلُهُ " وَأَعَادَ: إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ " مَأْمُومًا " وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَإِنْ أَعَادَ إمَامًا فَمَا الْحُكْمُ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَأَعَادَ إلَخْ وَبِمُعِيدٍ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِمُؤْتَمٍّ وَأَبَدًا ظَرْفٌ لِأَعَادَ، وَأَفْذَاذًا حَالٌ مِنْ " مُؤْتَمٌّ " وَجَمَعَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ " مُؤْتَمٌّ " أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَالتَّنْوِينُ فِيهِ لِلنَّوْعِيَّةِ أَيْ: نَوْعِ الْمُؤْتَمِّ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ مُطَابَقَةُ الْحَالِ لِصَاحِبِهَا اهـ.
وَإِنَّمَا أُعِيدَتْ أَفْذَاذًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ هَذِهِ صَلَاتَهُ فَصَحَّتْ لَهُمْ جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُونَهَا جَمَاعَةً وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ خَوْفًا أَنْ تَكُونَ الْأُولَى صَلَاتَهُ وَهَذِهِ نَافِلَةً فَاحْتِيطَ لِلْوَجْهَيْنِ. (ص) وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا أَجْزَأَتْ. (ش) هَذَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ " وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ أَبَدًا " أَيْ: إنَّمَا يُعِيدُ الْمُؤْتَمُّونَ بِالْمُعِيدِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لِلْمُعِيدِ عَدَمُ صَلَاتِهِ الْأُولَى بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا أَوْ تَبَيَّنَ فَسَادُ الْأُولَى بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّاهَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ مَثَلًا وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ عَلَى الْمُؤْتَمِّينَ لِانْحِصَارِ فَرْضِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَأْتَمُّوا بِمُتَنَفِّلٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْحَطَّابُ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا عَمَّا قَبْلَهُ وَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِ " وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ أَنْ يُعِيدَ مُفَوِّضًا " أَيْ: وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الصَّلَاةِ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا فِيمَنْ أَعَادَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ الثَّانِيَةُ إنْ نَوَى الْفَرْضَ أَوْ التَّفْوِيضَ لَا إنْ نَوَى الْفَضْلَ أَوْ الْإِكْمَالَ وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ فَسَادُ الثَّانِيَةِ فَتُجْزِئُ الْأُولَى بِالْأَوْلَى. وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ احْتِمَالٌ آخَرُ اُنْظُرْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ: أَتَى بِرَابِعَةٍ أَيْ: وُجُوبًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَإِلَّا شَفَعَ. أَنَّهُ يَشْفَعُهَا مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ النَّوَادِرِ قَالَهُ ك. (قَوْلُهُ: فَأَخْطَأَ وَأَعَادَ) أَيْ: سَهْوًا احْتِرَازًا عَنْ إعَادَتِهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَلَمْ يَرْفُضْ الْأُولَى فَيَقْطَعُ عَقْدَ رَكْعَةٍ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: شَفَعَهَا) أَيْ: إنْ شَاءَ وَالْقَطْعُ أَوْلَى كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَنَصُّ الْمَوَّاقِ: سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى رَكْعَةً شَفَعَهَا فَإِنْ قَطَعَهَا كَانَ أَحَبَّ إلَى ابْنِ رُشْدٍ. اسْتِحْبَابُهُ الْقَطْعَ فِيمَا إذَا ذَكَرَ بَعْدَ رَكْعَةٍ هُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يَعْنِي فِيمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ وَهُوَ بِهَا اهـ.
وَفِي حَمْلِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ اعْتِمَادًا عَلَى السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ وَتَرْكِهِ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَهُ إعَادَتُهَا فِي جَمَاعَةٍ إلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنْ أَعَادَهَا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَشْفَعَهَا اهـ. غَايَةُ الْقُصُورِ، وَالْعَجَبُ مِنْ الْمَوَّاقِ كَيْفَ غَفَلَ عَنْ نَصِّهَا مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الِاسْتِدْلَال بِكَلَامِهَا وَأَعْجَبُ مِنْهُ تَقْلِيدُ الزَّرْقَانِيِّ وَح لَهُ اهـ. مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ) أَيْ: حَيْثُ أَتَى بِالرَّابِعَةِ بَعْدَ سَلَامِهِ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَهُ لَمْ يُسَلِّمْ وَأَتَى بِرَابِعَةٍ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ

. (قَوْلُهُ: تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَذًّا) بَلْ وَجَمَاعَةً. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ) هَذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَاسِبُ أَنْ يُحَلَّ بِهَا لَفْظُ الْمُصَنِّفِ وَحَلَّهَا الشَّارِحُ أَوَّلًا عَلَى مَا عَلِمْت؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْمُعِيدِ أَنْ يُعِيدَ مَأْمُومًا لَا إمَامًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَادِقٌ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ) أَيْ: إلَّا أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَالِ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ فِي أَفْرَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أُعِيدَتْ أَفْذَاذًا إلَخْ) الرَّاجِحُ أَنَّهَا تُعَادُ جَمَاعَةً لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ خَلْفَ الْمُعِيدِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى حِلِّ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ) وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ التَّفْوِيضَ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ نِيَّةَ التَّفْوِيضِ تَتَضَمَّنُ نِيَّةَ الْفَرْضِ حَيْثُ قَالَ: وَيَنْوِي بِالْمُعَادَةِ الْفَرْضَ إلَخْ فَإِنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ تَفْسِيرَ التَّفْوِيضِ فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ اعْتِرَاضُ الْأَشْيَاخِ الْمُتَقَدِّمِينَ حَيْثُ قَالُوا الصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: قَوْلُهُ: أَوْ التَّفْوِيضَ أَيْ: مَعَ نِيَّةِ الْفَرْضِ أَيْضًا وَأَمَّا نِيَّةُ الْفَرْضِ بِدُونِ نِيَّةِ التَّفْوِيضِ فَلَا تُجْزِئُ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي ك إنَّ اعْتِبَارَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي التَّفْوِيضِ عَلَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِيهِ أَوْ جُزْءٌ مِنْ حَقِيقَتِهِ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ قَسِيمًا لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُ الشَّيْءِ مُفْرَدًا اهـ.
(قَوْلُهُ: احْتِمَالٌ آخَرُ إلَخْ) هُوَ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ أَتَمَّ لَكِنْ حَيْثُ سَلَّمَ أَيْ: إنَّهُ إذَا سَلَّمَ سَوَاءٌ أَتَى بِرَابِعَةٍ أَمْ لَا ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَاءِ الْأُولَى فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُجْزِئُهُ، وَكَذَا إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ عَدَمَ إجْزَاءِ الْأُولَى وَسَلَّمَ. وَأَمَّا إنْ أَتَى بِرَابِعَةٍ وَلَمْ يُسَلِّمْ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ إجْزَاءِ الْأُولَى فَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ

الصفحة 19