كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

كَالتَّهَاوُنِ بِهَا أَوْ بِشُرُوطِهَا أَوْ لَا كَزِنًا وَغِيبَةٍ وَعُقُوقٍ وَدَفْعِ دَرَاهِمَ لِزَوْجَتِهِ تَدْخُلُ بِهَا الْحَمَّامَ مُتَجَرِّدَةً مَعَ نِسَاءٍ مُتَجَرِّدَاتٍ وَإِمَامٍ أَوْ كَاتِبٍ لِظَالِمٍ ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُبْتَدِعِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِيهِ قَوْلٌ بِكُفْرِهِ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الرَّاجِحِ وَلَمْ يَقَعْ قَوْلٌ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ بِكُفْرِ الْفَاسِقِ بِجَارِحَةٍ إلَّا تَارِكَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مَكْرُوهٌ حَيْثُ كَانَ فِسْقُهُ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ. وَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ بِهَا كَقَصْدِ الْكِبْرِ بِعُلُوِّهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ. وَفِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ فَاسِقَ الْجَارِحَةِ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ فَاسِقِ الِاعْتِقَادِ بَحْثٌ اُنْظُرْ اسْتِدْلَالَهُ وَرَدَّهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ

. (ص) أَوْ مَأْمُومًا. (ش) أَيْ: وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِمَنْ بَانَ مَأْمُومًا لِفَقْدِ شَرْطٍ عَدَمِيٍّ وَهُوَ عَدَمُ تَبَعِيَّةِ الْإِمَامِ لِغَيْرِهِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ إذْ الْإِمَامَةُ أَنْ يَتْبَعَ مُصَلٍّ آخَرَ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ غَيْرَ تَابِعٍ غَيْرَهُ، فَتَبَعِيَّةُ الْإِمَامِ غَيْرَهُ مُبْطِلَةٌ لِصَلَاةِ مَأْمُومِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا قَامَ يَقْضِي، أَوْ يَقْتَدِي مُصَلٍّ بِمَنْ يَعْتَقِدُ إمَامَتَهُ وَهُوَ مَأْمُومٌ

. (ص) أَوْ مُحْدِثًا إنْ تَعَمَّدَ أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا صَلَّى بِمَنْ خَلْفَهُ عَالِمًا بِحَدَثِهِ أَوْ تَذَكَّرَهُ فِيهَا وَتَمَادَى جَاهِلًا أَوْ مُسْتَحِيًا فَإِنَّ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ بَاطِلَةٌ كَمَا إذَا تَعَمَّدَ الْحَدَثَ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ بَلْ نَسِيَهُ لَكِنْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ بِحَدَثِ إمَامِهِ حَالَ ائْتِمَامِهِ وَتَمَادَى فَإِنْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ حَدَثَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا فَاسْتَخْلَفَ أَوْ اسْتَمَرَّ نَاسِيًا لِلْحَدَثِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ صَحَّتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ دُونَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَوَاءٌ قَرَأَ الْمَأْمُومُ أَمْ لَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحُ عَاطِفًا عَلَى شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَعَقْلِهِ رَوَى مُحَمَّدٌ أَنَّ مَنْ ائْتَمَّ بِسَكْرَانَ أَعَادَ أَبَدًا، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَؤُمُّ الْمَعْتُوهُ سَحْنُونَ وَيُعِيدُ مَأْمُومُهُ الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْمَجْنُونِ حَالَ إفَاقَتِهِ اهـ.
وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْمَعْتُوهَ الذَّاهِبُ الْعَقْلِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَمْ يَكُنْ مُقَابِلًا لِمَا قَبْلَهُ بَلْ فَرْعٌ آخَرُ

. (قَوْلُهُ: كَالتَّهَاوُنِ بِهَا) أَيْ: بِحَيْثُ يُخِلُّ بِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ بِشُرُوطِهَا. كَأَنْ يَتَسَاهَلَ بِالصَّلَاةِ بِدُونِ وُضُوءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَدَفْعِ دَرَاهِمَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا أَقَرَّهَا عَلَى الدُّخُولِ لِلْحَمَّامِ وَلَوْ لَمْ يُعْطِهَا دَرَاهِمَ. (قَوْلُهُ: مُتَجَرِّدَةً مَعَ نِسَاءٍ مُتَجَرِّدَاتٍ) أَوْ كَانَتْ مُتَجَرِّدَةً فَقَطْ أَوْ هُنَّ مُتَجَرِّدَاتٌ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَإِمَامٍ أَوْ كَاتِبٍ لِظَالِمٍ) قَالَ عب وَلَعَلَّ الْمُرَادَ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَكِتَابَةِ مَا يُظْلَمُ فِيهِ لَا كِتَابَةِ كِتَابٍ بِأُجْرَةٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يُخَالِطْهُ كَالْإِمَامِ وَقَوْلُهُ: وَإِمَامٍ أَوْ كَاتِبٍ أَيْ: وَإِمَامَةِ إمَامٍ أَوْ كِتَابَةِ كَاتِبٍ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى زِنًا. (قَوْلُهُ: الِاقْتِدَاءُ بِهِ مَكْرُوهٌ) وَقَالَ اللَّقَانِيِّ: يَحْرُمُ الدُّخُولُ مَعَهُ ابْتِدَاءً وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَدَّمَ لِلْإِمَامَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِفِسْقِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: كَقَصْدِ الْكِبْرِ بِعُلُوِّهِ) أَيْ: أَوْ يَكُونُ مُتَهَاوِنًا بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى وَبِهِ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الصِّحَّةِ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ الْإِعَادَةُ أَبَدًا وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْقَوْلَ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ مُقَابِلًا لِلْقَوْلِ بِصِحَّتِهَا. (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ اسْتِدْلَالَهُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي ك وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فَاسِقَ الْجَارِحَةِ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ فَاسِقِ الِاعْتِقَادِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ فِسْقَ الِاعْتِقَادِ لَا يَنْفِي ظَنَّ صِدْقِ الْفَاسِقِ أَلَا تَرَى اتِّفَاقَ أَصْحَابِ كُتُبِ الصِّحَاحِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ التَّحْدِيثِ مِنْ الْمُبْتَدِعِ الَّذِي يُحَرِّمُ الْكَذِبَ وَلَمْ يَكُنْ دَاعِيًا إلَى مَذْهَبِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَا رَوَاهُ يُقَوِّي مَذْهَبَهُ بِخِلَافِ فِسْقِ الْجَوَارِحِ اهـ. فَفِيهِ بَحْثٌ إذْ الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِ غَيْرُ الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرِ فِي قَبُولِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصِّدْقُ وَالْأَوَّلُ مَوْجُودٌ فِي فِسْقِ الْجَارِحَةِ أَقْوَى مِنْ وُجُودِهِ مِنْ فَاسِقِ الِاعْتِقَادِ، وَالثَّانِي بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْإِسْلَامِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِمَامَةِ وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ وَوُجُودُهُ فِي فَاسِقِ الْجَارِحَةِ قَطْعًا وَاخْتُلِفَ فِي وُجُودِهِ فِي فَاسِدِ اعْتِقَادٍ. وَأَمَّا الصِّدْقُ فَوُجُودُهُ فِي فَاسِقِ الِاعْتِقَادِ الَّذِي يُحَرِّمُ الْكَذِبَ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا يُؤَيِّدُ بِدْعَتَهُ مَعَ اتِّصَافِهِ بِصِفَاتِ قَبُولِ الرِّوَايَةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي فَاسِقِ الْجَارِحَةِ فَتَأَمَّلْهُ. قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: أَوْ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ وَلَوْ بِالشُّهْرَةِ، وَالظَّنُّ بِذَلِكَ يَكْفِي وَأَمَّا صَلَاتُهُ فَصَحِيحَةٌ بِلَا خِلَافٍ اهـ.

. (قَوْلُهُ: آخَرَ) الْأَوْلَى حَذْفُ آخَرَ وَقَوْلُهُ: مُصَلٍّ نَائِبُ فَاعِلِ يُتْبَعَ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَةُ يَتْبَعَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَمُصَلٍّ فَاعِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَعْرِيفًا لِلْمَأْمُومِيَّةِ لَا الْإِمَامِيَّةِ

. (قَوْلُهُ: عَالِمًا بِحَدَثِهِ أَوْ تَذَكَّرَهُ فِيهَا) يُمْكِنُ شُمُولُ الْمُصَنِّفِ لِذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ أَوْ مُحْدِثٌ إنْ تَعَمَّدَ أَيْ: تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ مُحْدِثًا وَقَوْلُهُ: كَمَا إذَا تَعَمَّدَ الْحَدَثَ فِيهَا أَيْ: إخْرَاجَهُ فِيهَا هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ مَا يَشْمَلُ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ. (قَوْلُهُ: وَتَمَادَى) مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لعج وَتَبِعَهُ عب فَعِنْدَهُ مُجَرَّدُ عِلْمِ الْمَأْمُومِ مُبْطِلٌ وَلَوْ أَعْلَمَهُ فَوْرًا إلَّا أَنَّ اللَّقَانِيِّ قَالَ: أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ أَيْ: قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا وَعَمِلَ مَعَهُ عَمَلًا بَعْدَ عِلْمِهِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَعْمَلْ مَعَهُ عَمَلًا بَعْدَ عِلْمِهِ أَوْ عَلِمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ فَيَكُونُ هُوَ الرَّاجِحَ. وَكَمَا تَبْطُلُ مَعَ عِلْمِهِ فِي الصَّلَاةِ وَتَمَادَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَبْطُلُ لَوْ عَلِمَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي صَلَاتِهِ بِحَدَثِ إمَامِهِ وَنَسِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ بَاطِلَةٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا تَبَيَّنَ حَدَثُ الْإِمَامِ أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ. وَمِثْلُ ذَلِكَ شَكُّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مَعَ حُرْمَةِ الدُّخُولِ مَعَهُ. وَأَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ أَيْ: وَيَجِبُ التَّمَادِي فَتَبْطُلُ إنْ تَبَيَّنَ الْحَدَثُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ لَا إنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَدَثِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ قَرَأَ الْمَأْمُومُ) أَيْ: خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ إذَا قَرَأَ الْمَأْمُومُ.

الصفحة 23