كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

بِالذَّنْبِ يَتَعَاقَدُ فِيهَا الْخَوَارِجُ، بُعْدُهَا مِنْ الْكُوفَةِ مِيلَانِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ سَائِرَ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِ بِبِدْعَتِهِ، وَخَرَجَ الْمَقْطُوعُ بِكُفْرِهِ كَمُنْكِرِ عِلْمِ اللَّهِ أَيْ: إنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ مُفَصَّلَةً. فَإِنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ بَاطِلَةٌ. وَأَمَّا مَنْ يُنْكِرُ صِفَةَ الْعِلْمِ وَيَقُولُ إنَّهُ عَالِمٌ بِالذَّاتِ فَهُوَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِ وَخَرَجَ بِهِ الْمَقْطُوعُ بِعَدَمِ كُفْرِهِ كَذِي هَوًى خَفِيفٍ

. (ص) وَكُرِهَ أَقْطَعُ وَأَشَلُّ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْأَقْطَعِ أَوْ الْأَشَلِّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا وَالْمُرَادُ بِالْأَقْطَعِ غَيْرُ الْأَعْوَرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي " وَجَازَ أَعْمَى " فَالْأَعْوَرُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَالشَّيْخُ مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ، وَالْمَذْهَبُ لَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْأَقْطَعِ وَلَا بِالْأَشَلِّ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ إنَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ كَرَاهَةِ الْأَشَلِّ بِمَا إذَا كَانَ لَا يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي أَقْطَعِ الْيَدِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ تت.
(ص) وَأَعْرَابِيٌّ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ إمَامَةُ الْأَعْرَابِيِّ لِلْحَضَرِيِّ وَلَوْ فِي سَفَرٍ وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَهُمْ خَوْفَ الطَّعْنِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ أَوْ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ لَا لِجَهْلِهِ بِالسُّنَّةِ كَمَا قِيلَ وَإِلَّا مُنِعَتْ إمَامَتُهُ. وَقَوْلُهُ (لِغَيْرِهِ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ السَّلِيمُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْحَضَرِيُّ فِي الثَّالِثِ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقْرَأَ مِنْ غَيْرِهِ) ثَمَّ يَحْتَمِلُ كَوْنَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْقُرْآنِ أَكْثَرَ أَوْ كَوْنَهُ أَفْصَحَ وَأَقْدَرَ عَلَى مَخَارِجِ الْحُرُوفِ عَالِمًا بِتَفَاصِيلِهَا. (ص) وَذُو سَلَسٍ وَقُرُوحٍ لِصَحِيحٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِصَاحِبِ السَّلَسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي طَهَارَةِ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ وَصَاحِبِ الْقُرُوحِ السَّائِلَةِ أَنْ يَؤُمَّا الْأَصِحَّاءَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَعَدِّي الرُّخَصِ عَنْ ذِي السَّلَسِ وَالْقَرْحِ مَحَالَّهَا أَيْ: إنَّ الْعَفْوَ مُخْتَصٌّ بِذِي السَّلَسِ وَالْقَرْحِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِذَلِكَ بَلْ سَائِرُ الْمَعْفُوَّاتِ كَذَلِكَ فَمَنْ تَلَبَّسَ بِشَيْءٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَؤُمَّ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ. (ص) وَإِمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ. (ش) أَيْ: يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ أَكْثَرُهُمْ أَوْ ذَوُا الْفَضْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الْبَدْرُ: الْمُعْتَزِلَةُ الْقَائِلُونَ بِالْمَنْزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةُ أَصْحَابُ أَبِي جَهْمٍ مُنْكِرِ الرُّؤْيَةِ وَيَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَالْإِمَامِيَّةُ قَدَّمُوا إمَامَةَ عَلِيٍّ عَلَى غَيْرِهِ وَالْخَوَارِجُ مَنْ خَرَجَ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَالرَّوَافِضُ مَنْ رَفَضَ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَكَفَّرَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: يَتَعَاقَدُ فِيهَا الْخَوَارِجُ) أَيْ: يَتَعَاهَدُ فِيهَا الْخَوَارِجُ عَلَى مُحَارَبَةِ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ تَكْفِيرِهِ وَقَوْلُهُ: كَذِي هَوًى خَفِيفٍ أَيْ: كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ

. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ أَقْطَعُ) وَإِنْ حَسُنَ حَالُهُ قُطِعَ مِنْ جِنَايَةٍ أَوْ لَا يَمِينًا أَوْ شِمَالًا بِالْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ، وَالشَّلَلُ يُبْسٌ فِي الْيَدِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ إمَامًا) أَيْ: لَوْ لِمِثْلِهِ.
(تَنْبِيهٌ) : يَلْزَمُ مِنْ كَرَاهَةِ إمَامَةِ مَنْ ذُكِرَ كَرَاهَتُهُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَمِنْ جَوَازِهَا جَوَازُهُ وَكَذَا الْعَكْسُ وَلِذَا عَبَّرَ ابْنُ شَاسٍ بِجَوَازِ الِائْتِمَامِ بِهِ قَائِلًا بِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ: لَا أَرَى أَنْ يَؤُمَّ. فَقَوْلُ عج لَا يَلْزَمُ مِنْ كَرَاهَةِ الْإِمَامَةِ كَرَاهَةُ الِاقْتِدَاءِ. غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَقْطَعِ غَيْرُ الْأَعْوَرِ) . (أَقُولُ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَقْطَعَ غَيْرُ الْأَعْوَرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ كَنَّى بِأَقْطَعَ عَنْ مُخْتَلِّ عُضْوٍ فَصَحَّ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: أَرَادَ بِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي أَقْطَعِ الْيَدِ) تَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ لَا يَدَ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا الْمِعْصَمَ فَبَعِيدٌ. (قَوْلُهُ: وَأَعْرَابِيٌّ إلَخْ) الْبَدْوِيُّ عَرَبِيًّا أَوْ عَجَمِيًّا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ خَوْفَ الطَّعْنِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ تَرْكِهِ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ الْمُؤْذِنُ بِأَنَّهُ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. (قَوْلُهُ: لَا لِجَهْلِهِ بِالسُّنَّةِ) أَيْ: أَحْكَامِ الصَّلَاةِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَفَاءِ وَالْغِلْظَةِ وَالْإِمَامُ شَافِعٌ وَالشَّافِعُ ذُو اللِّينِ وَالرَّحْمَةِ. (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ) وَيُجَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ لِعِلَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ الْجَفَاءُ وَالْغِلْظَةُ، وَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ أَنَّ كَرَاهَةَ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ وَلَوْ لِمِثْلِهِمَا فَلَا يَرْجِعُ لِغَيْرِهِ لَهُمَا بَلْ يُقْصَرُ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ. (قَوْلُهُ: وَصَاحِبِ الْقُرُوحِ السَّائِلَةِ) الْقَرْحُ وَيُضَمُّ عَضُّ السِّلَاحِ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَخْرُجُ فِي الْبَدَنِ.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَعَدِّي) مُقْتَضَى ذَلِكَ الْمَنْعُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ ارْتِبَاطٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ هَكَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَغْرِبِ وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ التَّعَدِّي قَوْلٌ مَرْجُوحٌ وَالرَّاجِحُ التَّعَدِّي أَيْ: وَعَلَيْهِ فَتَجُوزُ الْإِمَامَةُ لِغَيْرِهِ فَيَكُونُ الْمُؤَلِّفُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ إذْ الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ ضَعْفُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيرِ الْقَرَافِيِّ بِمُقَابِلِهِ ضَعْفُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِهِ عِنْدَ الْقَرَافِيِّ ضَعْفُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَالْمَشْهُورُ الْكَرَاهَةُ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ تَقْرِيرًا أَنَّ الْكَرَاهَةَ ثَابِتَةٌ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَدِّي.
(تَنْبِيهٌ) : التَّقْيِيدُ بِالصَّحِيحِ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَوَافَقَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي تَوْضِيحِهِ تَعَقَّبَ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي إمَامَتِهِ عَنْ عِيَاضٍ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا يَخْتَصُّ بِإِمَامَةِ الصَّحِيحِ وَهُوَ خِلَافُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ فَانْظُرْهُ.
(فَائِدَةٌ) تُكْرَهُ إمَامَةُ الْمُتَيَمِّمِ لِلْمُتَوَضِّئِ وَإِمَامَةُ مَاسِحِ الْجَبِيرَةِ لِغَيْرِهِ أَيْ: إذَا كَانَ مُتَوَضِّئًا وُضُوءًا كَامِلًا، وَاقْتِدَاءُ مَاسِحِ الْخُفِّ بِمَاسِحِ الْجَبِيرَةِ وَكَذَلِكَ اقْتِدَاءُ الْمَاسِحِ بِالْمُتَيَمِّمِ؛ لِأَنَّ الْمَاسِحَ مُتَوَضِّئٌ وَقَدْ كَرِهُوا اقْتِدَاءَ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ. وَأَمَّا اقْتِدَاءُ مَاسِحِ الْجَبِيرَةِ بِمَاسِحِ الْخُفِّ فَلَا كَرَاهَةَ وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ الْكَرَاهَةِ اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِمَاسِحِ الْخُفِّ، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ أَعْلَى مِنْ غَيْرِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ هُوَ دُونَهُ وَالْمُتَيَمِّمُ دُونَ الْمُتَوَضِّئِ وَمَاسِحُ الْجَبِيرَةِ دُونَ مَاسِحِ الْخُفِّ. (قَوْلُهُ: وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ أَكْثَرُهُمْ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ بَلْ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَرِهَهُ النَّفَرُ الْيَسِيرُ مِنْهُمْ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالنُّهَى وَأَمَّا إنْ كَرِهَهُ جَمِيعُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ أَوْ ذَوُو الْفَضْلِ وَالنُّهَى مِنْهُمْ وَإِنْ قَلُّوا حَرُمَ تَقَدُّمُهُ، وَأَمَّا إنْ شَكَّ فِي كَرَاهَتِهِمْ لَهُ وَعَدَمِهَا فَيَسْتَأْذِنُ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ دُونَ الطَّارِئِينَ.
(تَنْبِيهٌ) : الْأَصْلُ فِيمَا كُرِهَ لِشَخْصٍ فِعْلُهُ كُرِهَ لِغَيْرِهِ

الصفحة 27