كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

مَأْوَى الشَّيَاطِينِ. وَانْظُرْ قَوْلَ بَعْضِهِمْ أَمَّا الْوَاحِدُ فَلَا بَأْسَ بِهِ مَعَ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ. (ص) أَوْ أَمَامَ الْإِمَامِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ الصَّلَاةَ أَمَامَ إمَامِهِ أَوْ مُحَاذَاتَهُ مَكْرُوهَةٌ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَضِيقٍ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ (بِلَا ضَرُورَةٍ) يَرْجِعُ لِهَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَصْدُقُ بِمَا إذَا تَقَدَّمَ كُلُّ الْمَأْمُومِينَ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَلَا إثْمَ. وَعِلَّةُ كَرَاهَةِ التَّقَدُّمِ خَوْفُ أَنْ يَطْرَأَ عَلَى الْإِمَامِ مَا لَا يَعْلَمُونَهُ مِمَّا يُبْطِلُهَا وَقَدْ يُخْطِئُونَ فِي تَرْتِيبِ الرَّكَعَاتِ إذَا تَقَدَّمُوهُ.
(ص) وَاقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ بِمَنْ بِأَعْلَاهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ مَنْ يَكُونُ فِي أَعْلَاهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُرَاعَاةِ الْإِمَامِ وَقَدْ تَدُورُ فَيَخْتَلُّ عَلَيْهِمْ أَمْرُ صَلَاتِهِمْ وَلِذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ الْأَسْفَلُونَ فِي الْوَقْتِ ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ كَالدُّكَّانِ يَكُونُ فِيهَا مَعَ الْإِمَامِ قَوْمٌ وَأَسْفَلَ قَوْمٌ فَافْتَرَقَا انْتَهَى. لَا يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُنَا يُعَارِضُ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّ عُلُوَّ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ فِي السَّفِينَةِ لَيْسَ بِمَحَلِّ كِبْرٍ، وَأَيْضًا عُلُوُّ الْإِمَامِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ وَإِلَّا جَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ " وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ " أَيْ: فَيَجُوزُ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى جَعْلِهِ مَفْهُومَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. وَعِبَارَةُ الطِّرَازِ الَّتِي نَقَلَهَا تت هُنَا مُحَرَّفَةٌ فَلْيُرَاجَعْ الْأَصْلُ. (ص) كَأَبِي قُبَيْسٍ. (ش) أَيْ: كَكَرَاهَةِ اقْتِدَاءِ مَنْ بِأَبِي قُبَيْسٍ بِمَنْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: لِلْبُعْدِ انْتَهَى. فَالْمُقْتَدِي كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُمْ وَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ إلَيْهِ وَبِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ جَوَازِ عُلُوِّ الْمَأْمُومِ

. (ص) وَصَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ وَبِالْعَكْسِ. (ش) أَيْ: وَيُكْرَهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ وَصَلَاةُ امْرَأَةٍ بَيْنَ رِجَالٍ وَلَا تُفْسِدُ عَلَى الرِّجَالِ صَلَاتَهُمْ وَلَا عَلَى نَفْسِهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَهُ. وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَدَاخُلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " وَصَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ " الرَّجُلُ مُفْرَدٌ وَالنِّسَاءُ مُتَعَدِّدَةٌ، وَقَوْلَهُ " وَبِالْعَكْسِ " الْمَرْأَةُ مُفْرَدَةٌ وَالرِّجَالُ مُتَعَدِّدَةٌ فَأَحَدُهُمَا لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ " يُكْرَهُ صَلَاةُ الرَّجُلِ بَيْنَ صُفُوفِ النِّسَاءِ إلَخْ " فَإِنَّهُ مُتَدَاخِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ صَلَاتِهِ بَيْنَ صُفُوفِ النِّسَاءِ صَلَاةُ الْمَرْأَةِ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ بِخِلَافِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَإِنَّهُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ

. (ص) وَإِمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ رِدَاءٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ طُولُهُ وَأَقْسَامُهُ. (ص) وَتَنَفُّلُهُ بِمِحْرَابِهِ. (ش) أَيْ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّلَفِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَدْخُلُونَ بِالنِّعَالِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ) أَيْ: فَلَا يَخْلُو مِنْ عَبَثِهِمْ أَوْ وَسْوَسَتِهِمْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَاحِدُ) أَيْ: الْمُنْفَرِدُ الَّذِي لَيْسَ بِجَمَاعَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ) وَفِي بَهْرَامَ إنْ تَقَدَّمُوا كُلُّهُمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ اتِّفَاقًا وَفِي ك كَذَا فِي صَغِيرِهِ وَفِي كَبِيرِهِ إجْمَاعًا زَادَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ حَزْمٍ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَتَبْطُلُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَالرَّاجِحُ الصِّحَّةُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: خَوْفَ أَنْ يَطْرَأَ) فَإِنْ قُلْت: هَذَا يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ لَا الْكَرَاهَةَ بَلْ الْبُطْلَانَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا حَيْثُ خِيفَ بِالتَّقَدُّمِ مَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَدُورُ إلَخْ) أَيْ: لَا بِسَبَبِ الدَّوَرَانِ بَلْ بِسَبَبِ عَدَمِ مُرَاعَاةِ الْإِمَامِ فَلَا يُنْتَقَضُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْعُلُوِّ وَهَذَا يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْمِرْسَاةِ فَيُوَافِقُ تَقْيِيدُ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ الْمُصَنِّفَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْمِرْسَاةِ. (قَوْلُهُ: يُعِيدُ الْأَسْفَلُونَ فِي الْوَقْتِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْعُلُوِّ طَائِفَةً. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَالدُّكَّانِ) أَيْ: لِأَنَّ الدُّكَّانَ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ تِلْكَ الْعِلَّةُ الْمَوْجُودَةُ فِي السَّفِينَةِ. (قَوْلُهُ: يَكُونُ فِيهَا مَعَ الْإِمَامِ قَوْمٌ وَأَسْفَلَ قَوْمٌ) مَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْإِمَامِ أَحَدٌ لَمْ تُجْزِئْ إلَّا أَنَّ التُّونِسِيَّ قَالَ: لَوْ انْتَدَبَ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ عَلَى دُكَّانٍ فَجَاءَ رَجُلٌ فَصَلَّى أَسْفَلَ مِنْهُ لَجَازَتْ صَلَاتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقْصِدْ الْكِبْرَ وَكَذَا لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لِضِيقٍ. (قَوْلُهُ: فَافْتَرَقَا) أَيْ: فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعُلُوَّ فِي السَّفِينَةِ) أَيْ: فَيُقَيَّدُ مَا يَأْتِي بِمَا إذَا كَانَ الْعُلُوُّ مَظِنَّةَ كِبْرٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ كَمَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَاقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلَ إلَخْ " ثُمَّ يُشْكِلُ الْكَلَامُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ فِي قَوْلِهِ " وَاقْتِدَاءٌ إلَخْ " لَا بِالْجَوَازِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الطِّرَازِ) قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ قَطَعَ الْمَأْمُومُ وَلَا يَبْنِي لِنَفْسِهِ مَعَ وُجُودِ الْإِمَامِ اهـ. أَيْ: الْإِمَامِ الَّذِي فِي الْعُلُوِّ

. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَيُكْرَهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ إلَخْ) قَالَ فِي ك ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَلَّى كُلٌّ دَاخِلَ صَفِّ الْآخَرِ أَوْ بَيْنَ صُفُوفِهِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ وَإِلَّا كَانَ عَيْنَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَهُ) فَإِنَّهُ يَقُولُ: تَفْسُدُ صَلَاةُ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهَا وَآخَرَ عَنْ شِمَالِهَا وَعَلَى مَنْ خَلْفَهَا مَنْ يُقَابِلُهَا إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَعَلَى نَفْسِهَا إنْ نَوَى الْإِمَامُ دُخُولَهَا فِي إمَامَتِهِ وَعَلَى الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ وَالْمَرْأَةُ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ) وَجْهُ اللُّزُومِ أَنَّهُ يُعِدُّ ذَلِكَ الرَّجُلَ صَفًّا وَقَوْلُهُ: صَلَاةُ الْمَرْأَةِ أَيْ: جِنْسُ الْمَرْأَةِ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ الصَّفُّ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى صُفُوفِ النِّسَاءِ وَالرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ بَيْنَ صُفُوفِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ صَفًّا تَسَمُّحًا. (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ إنَّ الظَّنَّ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابِعٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصُّفُوفِ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي وَاحِدٍ فَيَكُونُ عَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ صُفُوفِ نِسَاءٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ وَالْمُدَوَّنَةَ يُمْكِنُ حَمْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صُورَتَيْنِ بِأَنْ يَقِفَ الرَّجُلُ بَيْنَ صَفِّ النِّسَاءِ أَوْ صُفُوفِهِنَّ وَالْمَرْأَةُ يُكْرَهُ لَهَا أَنْ تَقِفَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ أَوْ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ

. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ) وَأَمَّا الْمَأْمُومُ وَالْفَذُّ فَلَا يُكْرَهُ بَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَكَذَا الْأَئِمَّةُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ كَسَفَرٍ أَوْ مَنْزِلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَتَنَفُّلُهُ بِمِحْرَابِهِ) أَيْ: مِحْرَابِ الْإِمَامِ أَيْ: مَوْضِعِ الصَّلَاةِ كَانَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ شب.

الصفحة 29