كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

كَانَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلَ تَرَجَّحَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا أَفْذَاذًا دَخَلُوهَا أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلَ فَلَا تَتَرَجَّحُ الصَّلَاةُ فِيهَا أَفْذَاذًا دَخَلُوهَا أَمْ لَا

. (ص) وَقَتْلُ كَبُرْغُوثٍ بِمَسْجِدٍ. (ش) أَيْ: وَكُرِهَ قَتْلُ بُرْغُوثٍ وَبَقٍّ وَبَعُوضٍ وَقَمْلٍ بِمَسْجِدٍ وَلَوْ فِي صَلَاةٍ، مَا عَدَا الْقَمْلَةَ وَإِنَّمَا كُرِهَ قَتْلُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهَا؛ وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ رَحْمَةٍ وَكَذَا إلْقَاؤُهَا فِيهِ وَيُصِرُّهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ؛ لِقَوْلِهَا " وَيُكْرَهُ قَتْلُ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَقْتُلُ الْقَمْلَةَ وَلَا يُلْقِيهَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ ابْنُ نَاجِي. وَتَتَفَاوَتُ الْكَرَاهَةُ فَفِي الْقَمْلَةِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ لَهَا نَفْسًا سَائِلَةً ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا قَلَّ وَإِلَّا حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ يَقْذُرُ الْمَسْجِدَ وَتَقْذِيرُهُ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَيْتَةٍ - مَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ - طَاهِرًا، وَتَعْفِيشُ الْمَسْجِد بِالطَّاهِرِ مَكْرُوهٌ لَكِنَّ الِاسْتِقْذَارَ حَرَامٌ، وَفَرْقٌ بَيْنَ التَّعْفِيشِ وَالِاسْتِقْذَارِ، لَا يُقَالُ: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْأَحْيَاءِ حَيْثُ قَالَ عَاطِفًا عَلَى الْمَمْنُوعِ: وَمُكْثٌ بِنَجِسٍ يَقْتَضِي حُرْمَةَ قَتْلِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْجِدِ لِنَجَاسَةِ الدَّمِ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا مِنْ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: خُفِّفَ مَا ذُكِرَ لِلضَّرُورَةِ أَوْ يُقَالُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُكْثَ بِالنَّجِسِ مَكْرُوهٌ. وَكَلَامُ الْحَطَّابِ فِيمَا يَأْتِي يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ. (ص) وَفِيهَا يَجُوزُ طَرْحُهَا خَارِجَهُ، وَاسْتَشْكَلَ. (ش) أَيْ: لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا، وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ حُرْمَتَهُ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَقْرَبًا قَلَّ مَنْ تَلْدَغُهُ إلَّا مَاتَ، وَالضَّمِيرُ فِي " طَرْحُهَا " لِلْقَمْلَةِ الَّتِي دَخَلَتْ تَحْتَ الْكَافِ، وَأَمَّا طَرْحُهَا فِيهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالنَّاسِ فَتُؤْذِيهِمْ كَمَا قَالَهُ ق وَفِي شَرْحِ (هـ) وَأَمَّا طَرْحُهَا فِيهِ فَيُكْرَهُ؛ لِقَوْلِهِ فِيهَا " وَلَا يُلْقِهَا فِيهِ وَلْيَصُرَّهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ

. (ص) وَجَازَ اقْتِدَاءٌ بِأَعْمَى وَمُخَالِفٍ فِي الْفُرُوعِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ إمَامَةَ الْأَعْمَى جَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ «لِاسْتِنَابَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي غَزَوَاتِهِ بِضْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً يَؤُمُّ النَّاسَ» وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ إمَامَةَ الْبَصِيرِ أَفْضَلُ عَلَى الرَّاجِحِ وَكَذَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ كَصَلَاةِ الْمَالِكِيِّ خَلْفَ الشَّافِعِيِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَذَاهِبِ وَلَوْ رَآهُ يَفْعَلُ خِلَافَ مَذْهَبِ الْمُقْتَدِي عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَمِثْلُهُ لِلْقَرَافِيِّ فِي الْفُرُوقِ. وَأَحْسَنُ الطُّرُقِ طَرِيقُ سَنَدٍ وَنَصُّهُ " وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ فِعْلُهُ لِلشَّرَائِطِ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا كَمَا لَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَفْصِيلًا فَإِنْ كَانُوا يُصَلُّونَ بِغَيْرِهَا جَمَاعَةً فَلَا يُطَالَبُونَ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَإِلَّا طُلِبُوا بِالدُّخُولِ، وَصَلَاتُهُمْ فِيهَا أَفْذَاذًا وَتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ

. (قَوْلُهُ: مَا عَدَا الْقَمْلَةَ) أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقَمْلَةَ إذَا كَانَتْ فِي صَلَاةٍ تَكُونُ أَشَدَّ كَرَاهَةً اهـ.
وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: مَا عَدَا الْقَمْلَةَ أَيْ: إنَّهَا تَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهَا) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ بُرْغُوثٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ أَنَّ مَيْتَتَهَا طَاهِرَةٌ مَا عَدَا الْقَمْلَةَ وَعِبَارَةُ تت: وَكُرِهَ قَتْلُ بُرْغُوثٍ وَقَمْلَةٍ وَبَقٍّ وَذُبَابٍ وَنَحْوِهِ بِمَسْجِدٍ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إلْقَاؤُهَا) أَيْ: الْقَمْلَةِ لَا كُلِّ مَا ذُكِرَ، كَمَا يُفِيدُهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ. وَأَمَّا إلْقَاءُ الْبُرْغُوثِ فِي الْمَسْجِدِ حَيًّا فَجَائِزٌ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَمِثْلُهُ مَا يُشْبِهُهُ مِنْ بَقٍّ وَنَحْوِهِ. وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّ طَرْحَ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ حَيَّةً لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالنَّاسِ فَتُؤْذِيهِمْ. (قَوْلُهُ: وَيُصِرُّهَا) أَيْ: الْقَمْلَةَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يُلْقِهَا فِيهِ كَمَا هُوَ مُفَادُ تت؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُلْقِيهَا فِيهِ حَيَّةً وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ. (أَقُولُ) إنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ عَنْ إلْقَاءِ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْإِيذَاءُ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَلَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: نُظِرَ لِكَوْنِ الْإِلْقَاءِ فِعْلًا مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَنْبَغِي التَّنَزُّهُ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ فَلَعَلَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَقْتُلُ الْقَمْلَةَ.
(فَإِنْ قُلْت) أَيُّ فَائِدَةٍ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَقْتُلُ الْقَمْلَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَيُكْرَهُ قَتْلُ الْقَمْلَةِ. (قُلْت) أَتَى بِهَا لِلْمُبَالَغَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : طَرْحُ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ قَتْلِهَا الْمَكْرُوهِ حَرَامٌ، وَصَرُّهَا بَعْدَ قَتْلِهَا فِيهِ ارْتِكَابُ مَكْرُوهِ قَتْلِهَا فِيهِ، وَأَمَّا رَمْيُ الْقِشْرِ فَمَهْمَا حُكِمَ عَلَى مَيْتَةِ الْقَمْلَةِ بِالنَّجَاسَةِ فَرَمْيُهَا فِيهِ مَيِّتَةً حَرَامٌ لِذَاتِهِ وَرَمْيُ قِشْرِ الْبُرْغُوثِ وَنَحْوِهِ حَرَامٌ إنْ لَزِمَ عَنْهُ تَقْذِيرٌ وَإِلَّا كُرِهَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالتَّعْذِيبِ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ لِلْقَمْلَةِ بِذَلِكَ اهـ.
وَتَأَمَّلْهُ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَقْرَبًا أَيْ: إنْ فُرِضَ أَنَّهَا لَمْ تَمُتْ. وَقَوْلُهُ: قَلَّ مَنْ لَدَغَتْهُ إلَّا إلَخْ أَيْ: انْتَفَى عَنْهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا مَوْتَهُ فَلَمْ يَنْتِفْ فَهُوَ ثَابِتٌ تَحْقِيقًا

. (قَوْلُهُ: بِضْعَ عَشْرَةَ) مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى) أَيْ: وَالْمُرَادُ بِلَفْظِ الْجَوَازِ مَعْنًى يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى أَيْ: وَالْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَالْمَعْنَى الَّذِي يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى شَيْءٌ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ: لِتَوَقِّيهِ النَّجَاسَةَ لِرُؤْيَتِهِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إمَامَةَ الْأَعْمَى أَفْضَلُ لِقِلَّةِ شَوَاغِلِ فِكْرِهِ. الثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَآهُ يَفْعَلُ خِلَافَ مَذْهَبِ الْمُقْتَدِي) أَيْ: بِأَنْ رَآهُ يَمْسَحُ بَعْضَ رَأْسِهِ لِكَوْنِهِ شَافِعِيًّا أَوْ يُقَبِّلُ زَوْجَتَهُ لِكَوْنِهِ حَنَفِيًّا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ ابْنِ نَاجِي وَالْقَرَافِيِّ: الْمَذْكُورِ فِي الْحَطَّابِ مُوَافَقَتُهُ لِمَا قَالَهُ الْعَوْفِيُّ مِنْ أَنَّ مَا يَرْجِعُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ كَمَا صَوَّرْنَا وَيَكُونُ سَاكِتًا عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِصِحَّةِ الِائْتِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعَمَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ رَآهُ يَفْعَلُ. بِشُمُولِهِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِصِحَّةِ الِائْتِمَامِ كَأَنْ يَجْعَلَهُ إمَامًا وَهُوَ مُتَنَفِّلٌ لِمَنْ يُصَلِّي فَرْضًا فَعَلَيْهِ يَكُونُ طَرِيقَةً ثَالِثَةً مُغَايِرَةً لِلْعَوْفِيِّ وَسَنَدٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: وَأَحْسَنُ الطُّرُقِ. حَيْثُ عَبَّرَ بِالْجَمْعِ الْمُتَبَادِرِ مِنْهُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَأَحْسَنُ الطُّرُقِ) سَيَأْتِي أَنَّهَا ضَعِيفَةٌ فَتِلْكَ الْأَحْسَنِيَّةُ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ مَنْ رَجَّحَ كَلَامَ سَنَدٍ. (قَوْلُهُ: لِلشُّرُوطِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْأَرْكَانَ هُوَ مَا تَخْتَلُّ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ.

الصفحة 31