كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

مُسْتَحَبٌّ، وَلَا بَأْسَ بِاسْتِلَامِهِ بِغَيْرِ طَوَافٍ، وَلَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ، وَقَوْلُهُ: بِفَمٍ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إذْ لَا يَكُونُ التَّقْبِيلُ إلَّا بِهِ، وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْمُصْحَفِ وَكَذَا الْخُبْزُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ امْتِهَانَهُ مَكْرُوهٌ (ص) ، وَفِي الصَّوْتِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ: وَفِي إبَاحَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَانِ (ص) وَلِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ ثُمَّ عُودٍ وَوُضِعَا عَلَى فِيهِ ثُمَّ كَبَّرَ (ش) أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَقْبِيلِ الْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَمَسُّهُ بِيَدِهِ إنْ قَدَرَ، ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ عَجَزَ فَإِنَّهُ يَمَسُّهُ بِعُودٍ، ثُمَّ يَضَعُهُ عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ فَلَا يَكْفِي الْعُودُ مَعَ إمْكَانِ الْيَدِ وَلَا الْيَدُ مَعَ إمْكَانِ التَّقْبِيلِ بِالْفَمِ، ثُمَّ إنْ عَجَزَ عَنْ اللَّمْسِ بِمَا ذُكِرَ كَبَّرَ فَقَطْ وَمَضَى بِغَيْرِ إشَارَةٍ إلَيْهِ بِيَدِهِ، وَلَا رَفْعٍ لَهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ الْإِشَارَةَ مَعَ التَّقْبِيلِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى عَدَمِهَا، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالتَّكْبِيرِ إلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَمَّا قَبْلَهُ هُوَ مَا نَسَبَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ.

(ص) وَالدُّعَاءُ بِلَا حَدٍّ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى السُّنَّةِ الثَّالِثَةِ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ وَمِثْلُهُ الذِّكْرُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كُلُّ ذَلِكَ بِلَا حَدٍّ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ وَهِيَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَذْكَارِ، وَلَا يَقْرَأُ، وَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ الْمَجِيدُ أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَرَأَ فِي الطَّوَافِ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُسِرَّ الْقِرَاءَةَ لِئَلَّا يَشْغَلَ غَيْرَهُ عَنْ الذِّكْرِ اهـ.

(ص) وَرَمَلَ رَجُلٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ (ش) هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ يَعْنِي: أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الرِّجَالِ مِنْ الْمِيقَاتِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ الرَّمَلُ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ، أَوْ مِنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ الرُّكْنِيِّ، وَلَا دَمَ عَلَى تَارِكِهِ، وَلَوْ عَمْدًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَالرَّمَلُ أَنْ يَثِبَ فِي مَشْيِهِ وَثْبًا خَفِيفًا يَهُزُّ مَنْكِبَيْهِ، وَلَيْسَ بِالْوَثْبِ الشَّدِيدِ، وَلَا رَمَلَ عَلَى النِّسَاءِ فِي طَوَافِهِنَّ، وَلَا هَرْوَلَةَ فِي سَعْيِهِنَّ، وَلَا فِيمَا بَعْدَ الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَلَوْ لِتَارِكِهِ مِنْ الْأُوَلِ عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا، وَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ إنْ فَعَلَ كَمَنْ قَرَأَ بِالسُّورَةِ فِي آخِرِ رَكَعَاتِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْأُولَيَيْنِ (ص) ، وَلَوْ مَرِيضًا وَصَبِيًّا حَمْلًا وَلِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ (ش) أَيْ: وَيُسَنُّ الرَّمَلُ، وَلَوْ كَانَ الطَّائِفُ مَرِيضًا وَصَبِيًّا حُمِلَ كُلٌّ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيَرْمُلُ الْحَامِلُ وَيُحَرِّكُ الدَّابَّةَ كَمَا يُحَرِّكُهَا بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ وَالْمَطْلُوبُ فِي الرَّمَلِ لِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا وَيُكْرَهُ الطَّوَافُ مُخْتَلِطًا بِالنِّسَاءِ وَالسُّجُودُ عَلَى الرُّكْنِ، وَاسْتِلَامُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرِ، وَكَثْرَةُ الْكَلَامِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَإِنْشَادُ الشِّعْرِ إلَّا مَا خَفَّ كَالْبَيْتَيْنِ إذَا اشْتَمَلَا عَلَى وَعْظٍ وَالشُّرْبُ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَتَغْطِيَةُ الرَّجُلِ فَمَهُ وَانْتِقَابُ الْمَرْأَةِ، وَالرُّكُوبُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَحَسْرُ الْمَنْكِبَيْنِ، وَالطَّوَافُ عَنْ الْغَيْرِ قَبْلَ الطَّوَافِ عَنْ نَفْسِهِ ابْنُ رَاشِدٍ، وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِاسْتِلَامِهِ بِغَيْرِ طَوَافٍ) أَيْ: بِتَقْبِيلِهِ بِغَيْرِ طَوَافٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ) أَيْ: فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ امْتِهَانَهُ مَكْرُوهٌ) ، وَلَوْ بِوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِي إبَاحَتِهِ) وَرَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ، قَوْلُهُ: ثُمَّ كَبَّرَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ أَيْ: وَالسُّنَّةُ تَقْبِيلُ حَجَرٍ أَوَّلَهُ ثُمَّ كَبَّرَ وَهَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَلِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ أَيْ: ثُمَّ كَبَّرَ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ عَوْدٌ أَيْ: ثُمَّ كَبَّرَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْعُودُ كَبَّرَ فَقَطْ فَالتَّكْبِيرُ مَطْلُوبٌ فِي حَالِ الْقُدْرَةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَصْوِيتٍ (قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مَعَ تَقْبِيلِهِ بِفِيهِ، أَوْ وَضْعِ يَدِهِ، أَوْ الْعُودِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمَرَاتِبِ كَمَا يَجْرِي فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ يَجْرِي فِيمَا عَدَاهُ، وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالِاسْتِلَامِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ صَرِيحُهَا أَنَّ التَّكْبِيرَ بَعْدَ التَّقْبِيلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَظَاهِرُ ابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهُ قَبْلَ التَّقْبِيلِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي اللَّمْسِ بِيَدٍ ثُمَّ عُودٍ.

(قَوْلُهُ: بِلَا حَدٍّ) أَيْ: فِي الدُّعَاءِ وَالْمَدْعُوِّ بِهِ جَمِيعًا فَلَا يَقْصُرُ دُعَاءَهُ عَلَى دُنْيَاهُ وَلَا عَلَى آخِرَتِهِ وَلَا عَلَى لَفْظٍ خَاصٍّ وَلَا عَلَى نَفْسِهِ، بَلْ يُعَمِّمُ فِي الْجَمِيعِ ك (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الذِّكْرُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ كَالدُّعَاءِ وَهَلْ الدُّعَاءُ وَالصَّلَاةُ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ، أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ، أَوْ الدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ وَالصَّلَاةُ كُلُّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ؟ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ جَعَلَ الذِّكْرَ سُنَّةً ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فَهُوَ تَنَافٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ خُصُوصَ الدُّعَاءِ سُنَّةٌ وَأَمَّا الذِّكْرُ وَالصَّلَاةُ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ فَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ أَيْ: فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ نَقَلَهَا عَنْ حَجّ لِأَنَّهَا عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: الْبَاقِيَاتُ) أَيْ: الْبَاقِي ثَوَابُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْرَأُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَأُجِيبُ بِجَوَابَيْنِ: أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَقْرَأُ أَيْ: غَيْرَ هَذِهِ، أَوْ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ لَا عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ

. (قَوْلُهُ: وَرَمَلَ رَجُلٌ) إذَا طَافَ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ لَا عَنْ امْرَأَةٍ وَاحْتُرِزَ بِرَجُلٍ عَنْ الْمَرْأَةِ فَلَا تَرْمُلُ، وَلَوْ نَابَتْ عَنْ رَجُلٍ؛ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ أَيْ: كَالْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ) وَأَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَالرَّمَلُ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الطَّائِفُونَ فِي الرَّمَلِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَيَرْمُلُ الرَّجُلُ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْمِيقَاتِ اتِّفَاقًا وَلَا تَرْمُلُ الْمَرْأَةُ وَالْمُتَطَوِّعُ وَالْمُوَدِّعُ اتِّفَاقًا، وَفِي فِعْلِ مُحْرِمٍ مِنْ مَكَّةَ وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ وَمِنْ التَّنْعِيمِ، وَالْمُرَاهِقُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَرِيضُ خِلَافٌ ا. هـ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَثِبَ) مِنْ وَثَبَ كَوَعَدَ يَعِدُ أَيْ: يَقْفِزُ (قَوْلُهُ: وَلَا رَمَلَ عَلَى النِّسَاءِ فِي طَوَافِهِنَّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ.
(قَوْلُهُ: وَالسُّجُودُ عَلَى الرُّكْنِ) أَيْ: عَلَى الْحِجْرِ (قَوْلُهُ يَلِيَانِ الْحَجَرَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (قَوْلُهُ: وَالرُّكُوبُ لِغَيْرِ عُذْرٍ) هَذَا ضَعِيفٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْيَ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ) فَقَدْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُقِرُّ، أَوْ بِأَنَّهُ يَلْمِسُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ

الصفحة 326