كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

عَلَى سُنَنِ الطَّوَافِ شَرَعَ فِي سُنَنِ السَّعْيِ وَهِيَ عَلَى مَا ذَكَرَ هُنَا أَرْبَعٌ، وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهِنَّ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ سُنَنِهِ الْمَشْيُ وَحُكْمُهُ فِي الدَّمِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ الطَّوَافِ فِيهِ فَقَالَ (ص) وَلِلسَّعْيِ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَرَقْيُهُ عَلَيْهِمَا كَمَرْأَةٍ إنْ خَلَا (ش) أَيْ: وَمِنْ سُنَنِ السَّعْيِ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حِينَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ، ثُمَّ يَمُرُّ بِزَمْزَمَ فَيَشْرَبُ مِنْهَا وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَيِّ بَابٍ شَاءَ وَيُسْتَحَبُّ مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ، وَهُوَ بَابُ الصَّفَا لِقُرْبِهِ وَمِنْ سُنَنِهِ الرُّقِيُّ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلرَّجُلِ لِاسْتِيعَابِهِ مَا بَيْنَهُمَا وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا إنَّ خَلَا الْمَوْضِعُ أَيْضًا مِنْ الرِّجَالِ وَإِلَّا وَقَفَتْ أَسْفَلَهُمَا، وَقَوْلُهُ: إنْ خَلَا أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا وَلِذَا لَمْ يَقُلْ إنْ خَلَيَا وَأَتَى بِالْكَافِ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ لِمَا بَعْدَهَا وَلِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَى الْعَطْفِ الْجَرُّ مَعَ عَدَمِ الْجَارِ، وَلَوْ قَالَ وَقِيَامُهُ عَلَيْهِمَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الرُّقِيِّ الْقِيَامُ كَمَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ.

(ص) وَإِسْرَاعٌ بَيْنَ الْأَخْضَرَيْنِ فَوْقَ الرَّمَلِ (ش) السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ مِنْ سُنَنِ السَّعْيِ الْإِسْرَاعُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ فَقَطْ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ فَوْقَ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ قَالَ سَنَدٌ سَعْيًا شَدِيدًا جَيِّدًا وَهُمَا اللَّذَانِ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى الْمَرْوَةِ أَوَّلُهُمَا فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ تَحْتَ مَنَارَةِ بَابِ عَلِيٍّ وَالثَّانِي بَعْدَهُ قُبَالَةَ رِبَاطِ الْعَبَّاسِ وَثَمَّ مِيلَانِ آخَرَانِ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ فِي مُقَابَلَةِ الْمِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْخَبَبِ مِنْ عِنْدِ الْمِيلِ فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ، نَحْوُهُ فِي الْمَوَّاقِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَبِهِ يُرَدُّ اعْتِرَاضُ ح مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ قَبْلَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ بِنَحْوٍ مِنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ إلَخْ وَالْمِيلُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْمِرْوَدِ وَسُمِّيَا مِيلَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا يُشْبِهَانِ الْمِرْوَدَيْنِ.

(ص) وَدُعَاءٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ السُّنَّةَ الرَّابِعَةَ مِنْ سُنَنِ السَّعْيِ الدُّعَاءُ عِنْدَ الرُّقِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالسُّنَّةُ الرَّابِعَةُ دُعَاءٌ وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِيهِ حَدًّا وَهَذِهِ السُّنَّةُ عَامَّةٌ فِي حَقِّ مَنْ يَرْقَى عَلَيْهِمَا، وَمَنْ لَا يَرْقَى خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ.

(ص) ، وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَوُجُوبِهِمَا تَرَدُّدٌ (ش) اتَّفَقَ الْمَذْهَبُ عَلَى عَدَمِ رُكْنِيَّتِهِمَا، وَلَا خِلَافَ فِي مَشْرُوعِيَّتهمَا وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْوُجُوبِ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَبِالثَّانِي الْبَاجِيُّ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْقَوْلُ بِتَبَعِيَّتِهِمَا لِلطَّوَافِ مِنْ وُجُوبٍ وَنَدْبٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ، وَلَوْ اعْتَبَرَهُ لَقَالَ، وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَوُجُوبِهِمَا، وَالتَّبَعِيَّةُ لِلطَّوَافِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ الْإِشَارَةُ بِالتَّرَدُّدِ وَالْأَبْهَرِيُّ لَيْسَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْ: فَلَيْسَ مِمَّنْ يُشِيرُ لَهُ بِالتَّرَدُّدِ، وَوَجْهُ وُجُوبِهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ مَعَ نَدْبِ الطَّوَافِ أَنَّهُمَا لَمَّا كَانَتَا تَابِعَتَيْنِ لَهُ فَكَأَنَّهُمَا مِنْ تَتِمَّتِهِ وَبِالشُّرُوعِ فِيهِ كَأَنَّهُ شَارِعٌ فِيهِمَا فَلِذَلِكَ وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِمَا.

(ص) وَنَدْبًا كَالْإِحْرَامِ بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْقِرَاءَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حُكْمُ الطَّوَافِ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الدَّمِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: الْحَجَرِ) إذَا كَانَ عَلَى وُضُوءِ إذْ لَا يُقَبِّلُهُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ وَيَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ أَنَّهُ لِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ ثُمَّ عُودٍ وَوَضِعَا عَلَى فِيهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَجَعَلَ هَذِهِ السُّنَّةَ لِلسَّعْيِ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِالْحَجَرِ لِكَوْنِهِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ.
(قَوْلُهُ وَرُقِيُّهُ عَلَيْهِمَا) كُلَّمَا يَصِلُ لِأَحَدِهِمَا لَا عَلَيْهِمَا مَرَّةً فَقَطْ وَلَا عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ بَعْضُ سُنَّةٍ، وَالسُّنَّةُ تَحْصُلُ بِالرُّقِيِّ، وَلَوْ عَلَى سُلَّمٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى أَعْلَاهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالسُّنَّةُ تَحْصُلُ بِمُطْلَقِ الرُّقِيِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَمُرُّ بِزَمْزَمَ) أَيْ: عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ: فَيَشْرَبُ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ: وَيَنْوِي بِشُرْبِهِ مَا أَرَادَ فَإِنَّ «مَاءَ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بِهِ الْحَدِيثُ فَقَدْ جُرِّبْت بَرَكَتُهُ قَالَهُ سَيِّدِي زَرُّوقٌ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ (قَوْلُهُ: إنْ خَلَا الْمَوْضِعُ مِنْ الرِّجَالِ) أَيْ: مِنْ مُزَاحَمَةِ الرِّجَالِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْخُلُوُّ عَنْ مُطْلَقِ الرِّجَالِ، بَلْ عَنْ مُزَاحَمَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى السُّنَّةِ فَقَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى دَفْعِ ذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي السُّنَنِ لَا فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ

. (قَوْلُهُ: وَإِسْرَاعٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ مَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِسْرَاعَ الْمَذْكُورَ خَاصٌّ بِالذَّهَابِ إلَى الْمَرْوَةِ وَلَا يَكُونُ فِي الْعَوْدِ مِنْهَا إلَى الصَّفَا وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحِكْمَةُ الْإِسْرَاعِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ مَحَلُّ الْأَنْصَابِ أَيْ: الْأَصْنَامِ وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ تَقْتَضِي سُنِّيَّةَ الْإِسْرَاعِ ذَهَابًا وَإِيَابًا فِي جَمِيعِ الْأَشْوَاطِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ

(قَوْلُهُ: وَدُعَاءٌ إلَخْ) لَوْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَدُعَاءٌ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَرُقِيُّهُ كَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ إنَّمَا هِيَ مَطْلُوبَةٌ عِنْدَ الرَّقِّيِّ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِيهِ حَدًّا) أَيْ: لَا فِي الْمَدْعُوِّ بِهِ وَلَا فِي الْمَدْعُوِّ لَهُ، وَلَا فِي صِيغَةٍ مِنْ الصِّيَغِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ الرَّقِّيِّ عَلَيْهِمَا أَيْ: الَّذِي هُوَ مُفَادُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى

(قَوْلُهُ:، وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ، ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي التَّطَوُّعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَاجِبِ مَا يَشْمَلُ الرُّكْنَ وَأَخَّرَ الْكَلَامَ عَلَى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إلَى فَرَاغِ سُنَنِ السَّعْيِ مَعَ تَقَدُّمِهِمَا عَلَيْهِ فِعْلًا لِلِاخْتِلَافِ فِي حُكْمِهِمَا فَقَدَّمَ السُّنَّةَ قَطْعًا الْمُتَعَلِّقَةَ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَأَخَّرَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا.
وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا غَيْرُهُمَا.
(تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ تَرَكَ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى تَبَاعَدَ، أَوْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ فَعَلَهُمَا مُطْلَقًا وَأَهْدَى إنْ كَانَتَا مِنْ فَرْضٍ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَتَبَاعَدْ وَلَا رَجَعَ لِبَلَدِهِ رَكَعَهُمَا فَقَطْ مِنْ فَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ إنْ لَمْ تَنْتَقِضْ طَهَارَتُهُ وَإِلَّا أَعَادَ الطَّوَافَ، وَلَوْ غَيْرَ فَرْضٍ وَصَلَّى رَكْعَتَيْهِ وَأَعَادَ السَّعْيَ إنْ تَعَمَّدَ النَّقْصَ وَإِلَّا أَعَادَ الطَّوَافَ الْفَرْضَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْهِ وَأَعَادَ السَّعْيَ، فَإِنْ كَانَ نَفْلًا صَلَّى رَكْعَتَيْهِ، وَخُيِّرَ فِيهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ

الْقِرَاءَة تُسْتَحَبّ فِي رَكْعَتِي كُلّ طَوَاف بِسُورَةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] بَعْد أُمّ الْقُرْآن فِي الرَّكْعَة الْأُولَى وَسُورَة الْإِخْلَاص مَعَ الْفَاتِحَة فِي الثَّانِيَة وَنُدِبَ فِي كُلِّ طَوَافٍ وَاجِبٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ (قَوْلُهُ: يَقْدِرُ لِقَوْلِهِ وَاسْتِلَامُ إلَخْ) كَلَامٌ فِيهِ تَسَامُحٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: اسْتَعْمَلَ " اسْتِلَامُ " فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازُهُ بِالنَّظَرِ لِلْحَجَرِ وَهُوَ التَّقْبِيلُ (قَوْلُهُ: وَالنِّعْمَةَ) الْمَشْهُورُ فِي النِّعْمَةِ النَّصْبُ عَلَى الْعَطْفِ عِيَاضٌ يَجُوزُ فِيهَا الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَإِنْ شِئْت جَعَلْت الْمَحْذُوفَ خَبَرَ " إنَّ " كَذَا قِيلَ وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ النَّصْبَ مُتَعَيَّنٌ فِي النِّعْمَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ عَمَلِهَا، وَصَوَابُهُ وَالْأَشْهَرُ فِي الْمِلْكِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَعَنْهُ كَرَاهَةُ الزِّيَادَةِ) مُغَايِرٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَفْضَلِ الْكَرَاهَةُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خِلَافَ الْأَوْلَى فَإِنْ قُلْت: الزِّيَادَةُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ كَمَا قَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهَا غَيْرُ مَرْفُوعَةٍ وَلِذَا قَالَ غَيْرُهُ وَمُتَابَعَتُهُمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْوُقُوفُ عِنْدَ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَشِدَّةُ وَرَعِهِمْ مَعْلُومَةٌ فَمَا مَعْنَى زِيَادَتِهِمْ عَلَى الْمَرْفُوعِ حَتَّى كَرِهَهَا مَالِكٌ مَرَّةً وَأَبَاحَهَا أُخْرَى قُلْت: قَالَ الْأَبِيُّ: لَعَلَّهُمْ فَهِمُوا عَدَمَ الْقَصْرِ عَلَى أُولَئِكَ الْكَلِمَاتِ وَأَنَّ الثَّوَابَ يُضَاعَفُ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ، وَاقْتِصَارُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانٌ لِأَقَلِّ مَا يَكْفِي، أَوْ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ لَيْسَتْ نَسْخًا لَهُ وَأَنَّ الشَّيْءَ وَحْدَهُ هُوَ كَذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ، فَالزِّيَادَةُ لَا تُنَافِي الْإِتْيَانَ بِتَلْبِيَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَوْلُهُ: وَعَنْهُ إبَاحَتُهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْإِذْنُ؛ لِأَنَّ هَذَا ذِكْرٌ وَلَا يُعْقَلُ فِيهِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ فَيَكُونُ الْقَصْدُ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ (قَوْلُهُ: وَمَرْغُوبًا إلَيْك) أَيْ: فِيك أَيْ: فِي إحْسَانِك وَبَرَكَتِك (قَوْلُهُ: وَالرَّغْبَاءُ) يُقَالُ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَعَ الْمَدِّ وَبِقَصْرِهَا مَعَ الضَّمِّ وَحَكَى أَبُو عَلِيٍّ الْفَتْحَ وَالْقَصْرَ وَقَوْلُهُ: وَأَخَوَاتُهُ كَسَعْدَيْكَ وَدَوَالَيْكَ (قَوْلُهُ: مَعْنَاهَا التَّكْثِيرُ) ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ مُفْرَدٌ فَمَعْنَى لَبَّيْكَ إجَابَةٌ لَك (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ التَّكْرِيرِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مُثَنَّاةٌ لَفْظًا مَعْنَاهَا التَّكْثِيرُ (قَوْلُهُ وَمَذْهَبُ يُونُسَ إلَخْ) رَدَّهُ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ سِيبَوَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِثْلَ لَدَيْك وَعَلَيْك لَمْ يُقْلَبْ مَعَ الظَّاهِرِ كَمَا لَمْ يُقْلَبْ مَعَ لَدَى وَعَلَى إذَا دَخَلَا عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّك تَقُولُ: لَدَى زَيْدٍ وَدَخَلْت عَلَى عُمَرَ وَبِخِلَافِ لَبَّى؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا
لَبَّى فَلَبَّى يَدَيْ مِسْوَرٍ

الصفحة 327