كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

الْمُرَادَ بِجِيرَانِهِ مَنْ يُجَاوِرُهُ مِمَّنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يُشِيرُ لَهُ ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَهُ " وَعَلِمَ مِنْ جِيرَانِهِ إلَخْ " تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ " إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ جُذَامُهُ " وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ خِلَافُ قَوْلِ الشَّارِحِ " فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ أَيْ: الْجُذَامُ وَتَضَرَّرَ مَنْ خَلْفَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَنَحَّى عَنْهُمْ فَإِنْ أَبَى إلَخْ جُبِرَ انْتَهَى مِنْ شَرْحِ (هـ) . وَيَنْبَغِي أَنَّ الْبَرَصَ مِثْلُ الْجُذَامِ

. (ص) وَصَبِيٌّ بِمِثْلِهِ. (ش) أَيْ: وَيَجُوزُ لِلصَّبِيِّ أَنْ يَؤُمَّ أَمْثَالَهُ مِنْ الصِّبْيَانِ. (ص) وَعَدَمُ إلْصَاقِ مَنْ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَسَارِهِ بِمَنْ حَذْوَهُ. (ش) أَيْ: وَيَجُوزُ لِمَنْ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ عَلَى جِهَةِ يَسَارِهِ أَنْ يَقِفَ مَكَانَهُ وَلَا يَلْتَصِقُ بِمَنْ خَلْفَهُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِمَنْ حَذْوَهُ، وَمَعْنَى الْجَوَازِ هُنَا الْمُضِيُّ إذَا وَقَعَ لَا أَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.
(فَائِدَةٌ) يَسَارٌ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَفْصَحُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ أَوَّلُهَا يَاءٌ مَكْسُورَةٌ إلَّا قَوْلَهُمْ يِسَارٌ لِلْيَدِ

. (ص) وَصَلَاةُ مُنْفَرِدٍ خَلْفَ صَفٍّ وَلَا يَجْذِبُ أَحَدًا وَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الصَّفِّ وَلَا يَجْذِبَ إلَيْهِ أَحَدًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَإِنْ فَعَلَ وَأَطَاعَهُ الْآخَرُ فَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا أَيْ: مِنْ الْجَاذِبِ لِفِعْلِهِ وَالْمَجْذُوبِ لِإِطَاعَتِهِ وَيُقَالُ: جَبَذَ وَجَذَبَ لُغَتَانِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَلَيْسَتْ مَقْلُوبَةً وَوَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ وَفِي قَوْلِهِ " وَلَا يَجْذِبُ إلَخْ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا فِي الصَّفِّ وَإِلَّا كُرِهَ. وَقَوْلُهُ " وَصَلَاةُ مُنْفَرِدٍ إلَخْ " مَعَ حُصُولِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَفَوَاتِ فَضِيلَةِ الصَّفِّ حَيْثُ كُرِهَ فِعْلُهُ وَإِلَّا حَصَلَتْ لَهُ فَضِيلَةُ الصَّفِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ نَاوِيًا الدُّخُولَ فِيهِ. (ص) وَإِسْرَاعٌ لَهَا بِلَا خَبَبٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِسْرَاعُ لِلصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُهَرْوِلَ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْخَبَبِ وَإِنَّمَا جَازَ الْإِسْرَاعُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى الطَّاعَةِ وَالِاهْتِمَامَ بِهَا مَطْلُوبٌ. وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ الْخَبَبِ أَيْ: نَهْيَ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ وَالسَّكِينَةَ وَقَالَ فِي التَّكْمِيلِ: لَا بَأْسَ بِإِسْرَاعِ الْمُصَلِّي لِلصَّلَاةِ مَا لَمْ يُسْرِعْ بِخَبَبٍ وَلَا بَأْسَ بِتَحْرِيكِ دَابَّتِهِ لِيُدْرِكَ الصَّلَاةَ ابْنُ رُشْدٍ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ إسْرَاعُهُ عَنْ السَّكِينَةِ فِيهِمَا وَسَوَاءٌ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا انْتَهَى

. (ص) وَقَتْلُ عَقْرَبٍ أَوْ فَأْرٍ بِمَسْجِدٍ. (ش) هَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَصُّهُ: وَيَجُوزُ قَتْلُ الْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ فِي الْمَسْجِدِ لِإِيذَائِهِمَا وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُمَا فِي الْحَرَمِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لَا يُقَالُ هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي بَابِ السَّهْوِ " وَقَتْلُ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ أَوَّلًا فِيمَا لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَلَا سُجُودَ فِيهِ وَهُنَا ذَكَرَ الْحُكْمَ وَهُوَ الْجَوَازُ وَقِيلَ بِالِاسْتِحْبَابِ لِإِيذَائِهِمَا. وَاعْلَمْ أَنَّ قَتْلَ الْفَأْرِ فِي الْمَسْجِدِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَأَنَّ قَتْلَ الْعَقْرَبِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ جَائِزٌ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَأَمَّا لِمَنْ فِي الصَّلَاةِ فَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ تُرِيدَهُ فَيَجُوزَ وَإِلَّا كُرِهَ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَازَ قَتْلُ الْفَأْرِ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْعَقْرَبِ؟ قُلْت: لِأَنَّ فَسَادَهُ عَامٌّ وَالْعَقْرَبُ إنَّمَا يَحْصُلُ مِنْهَا شَيْءٌ خَاصٌّ وَلَا يَكُونُ حَيْثُ لَمْ تُرِدْهُ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَازَ قَتْلُ الْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ بِشَرْطِهِ وَكُرِهَ قَتْلُ الْبُرْغُوثِ؟ قُلْت: لِأَنَّ ضَرَرَهَا أَشَدُّ فَإِنْ. قِيلَ: لِمَ جَازَ قَتْلُ الْفَأْرِ وَكُرِهَ قَتْلُ الْبُرْغُوثِ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِمَّنْ يُصَلِّي إلَخْ) لِلتَّبْعِيضِ أَيْ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بِقُرْبِهِ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ خَلْفَهُ. (قَوْلُهُ: تَفْسِيرٌ إلَخْ) أَيْ: إنَّ ضَابِطَ التَّفَاحُشِ كَوْنُهُ يُعْلَمُ مِنْ جِيرَانِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ) الْمُخَالَفَةُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّنَحِّيَ عَلَى كَلَامِ ق عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ فَهُوَ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ وَإِنْ كَانَ عَبَّرَ بِيَنْبَغِي لِقَوْلِهِ: فَإِنْ أَبَى جُبِرَ. وَأَقُولُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ يَنْبَغِي فِي كَلَامِ الْمَوَّاقِ عَلَى الْوُجُوبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (فَإِنْ قُلْت) إنَّ الْمُخَالَفَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّفَاحُشَ عَلَى كَلَامِ الْمَوَّاقِ عِلْمُ التَّأَذِّي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ كَلَامِ بَهْرَامَ فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِالْكَثْرَةِ. (قُلْت) ذَلِكَ يُمْكِنُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ التَّفَاحُشِ الْكَثْرَةَ وَقَدْ فُسِّرَ بِالْعِلْمِ الْمَذْكُورِ فَيُمْكِنُ تَفْسِيرُ الْكَثْرَةِ بِذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ إلْصَاقِ إلَخْ) صُورَتُهُ: خَلْفَهُ وَاحِدٌ مُحَاذٍ لَهُ وَعَلَى يَمِينِهِ وَاحِدٌ وَعَلَى يَسَارِهِ وَاحِدٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي الصَّفِّ الَّذِي حَذْوَهُ فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ عَلَى يَسَارِهِ أَنْ لَا يَلْتَصِقَ بِمَنْ حَذْوَهُ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ: يَعْنِي إذَا وَقَفَتْ طَائِفَةٌ حَذْوَ الْإِمَامِ أَيْ: خَلْفَهُ ثُمَّ جَاءَتْ طَائِفَةٌ فَوَقَفَتْ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَلَمْ تَلْتَصِقْ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الْجَوَازِ هُنَا الْمُضِيُّ) أَيْ: بِمَعْنَى: لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ الْأَحْسَنُ قَوْلُ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ: وَعَدَمُ أَيْ: وَجَازَ جَوَازًا غَيْرَ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَوَازَ يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى فَقَطْ لَا مَا يَشْمَلُ الْكَرَاهَةَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ يُفِيدُ أَنَّ الْحُكْمَ الْكَرَاهَةُ

. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُنْفَرِدِ إلَخْ) أَيْ: إذَا عَسِرَ عَلَيْهِ الْوُقُوفُ فِي الصَّفِّ وَإِلَّا كُرِهَ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا) قَالَ تت: وَلَمْ يَذْكُرُوا عَيْنَ الْحُكْمِ هَلْ الْكَرَاهَةُ أَوْ الْمَنْعُ.
(أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ كَمَا قُيِّدَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ مَقْلُوبَةً) أَيْ: وَلَيْسَ جَذَبَ مَقْلُوبَ جَبَذَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ: كُرِهَ لَهُ جُلُوسُهُ خَارِجَ الصَّفِّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كُرِهَ فِعْلُهُ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَحْتَمِلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَمَ بِالْجَوَازِ وَهَذِهِ مَكْرُوهَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: وَفِي قَوْلِهِ: وَلَا يَجْذِبُ إلَخْ. بَقِيَ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَقَوْلُهُ: وَلَا يَجْذِبُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ الْمَعْنَى وَهُوَ الْمَظْرُوفُ فِي اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ: وَإِسْرَاعٌ لَهَا بِلَا خَبَبٍ) وَأَمَّا إنْ خَافَ بِتَرْكِ الْخَبَبِ فَوَاتَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَجِبُ. (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ: فِي إسْرَاعِ الدَّابَّةِ وَإِسْرَاعِ الرَّجُلِ. (قَوْلُهُ: كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا) وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ اللَّخْمِيُّ: السَّكِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ، وَإِدْرَاكُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِنْ السَّكِينَةِ اهـ. فَإِدْرَاكُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِنْ الرَّكْعَةِ

. (قَوْلُهُ: بِالْمَسْجِدِ) أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَازَ قَتْلُ الْفَأْرِ وَكُرِهَ قَتْلُ الْبُرْغُوثِ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ جَوَابُهُ مِنْ الْعِلْمِ يَكُونُ الْفَأْرُ أَشَدَّ مِنْ الْعَقْرَبِ مِنْ حَيْثُ

الصفحة 33