كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

طَافَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَمَنْ طَافَ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَنْ يُؤَخِّرَ الطَّوَافَ حَتَّى يُصَلِّي الْمَغْرِبَ (ص) وَبِالْمَسْجِدِ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوقِعَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَلَفَ الْمَقَامِ (ص) وَرَمَلُ مُحْرِمٍ مِنْ كَالتَّنْعِيمِ (ش) الْكَلَامُ السَّابِقُ فِي سُنِّيَّةِ الرَّمَلِ فِيمَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ، وَقَدْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ الْمِيقَاتِ، أَوْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ، فَقَوْلُهُ: مِنْ كَالتَّنْعِيمِ مُتَعَلِّقٌ بِمُحْرِمٍ لَا بِرَمَلٍ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ بِهِمَا مِنْ الْجِعْرَانَةِ، أَوْ مِنْ التَّنْعِيمِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمُلَ فِي طَوَافِهِ لِلْقُدُومِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَاهَقَهُ أَيْ: إضَافَةَ الْوَقْتِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ كَنَاسٍ لَهُ وَمُحْرِمٍ مِنْ مَكَّةَ مَكِّيًّا، أَوْ آفَاقِيًّا أَنْ يَرْمُلَ إذَا طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ بِالْإِفَاضَةِ لِمُرَاهِقٍ) أَيْ: وَنَحْوِهِ فَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ، أَوْ قَالَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَعُمَّ مَنْ فَقَدَ شَرْطَهُ، أَوْ نَسِيَهُ أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ، أَمَّا لَوْ طَافَ لِلْقُدُومِ وَتَرَكَ الرَّمَلَ نِسْيَانًا، أَوْ عَمْدًا فَلَا يَرْمُلُ لِإِفَاضَتِهِ.

(ص) لَا تَطَوُّعَ وَوَدَاعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَافَ طَوَافًا تَطَوُّعًا، أَوْ طَافَ لِلْوَدَاعِ لَا يُسْتَحَبُّ الرَّمَلُ فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ الْوَارِدِ فِيهِ أَيْ: يُكْرَهُ الرَّمَلُ فِيهِمَا، وَعَطْفُ الْوَدَاعِ عَلَى التَّطَوُّعِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.

(ص) وَكَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ وَنَقَلَهُ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مَنْ بِمَكَّةَ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ وَيَتَوَضَّأُ وَيَغْتَسِلُ بِهِ مَا أَقَامَ بِمَكَّةَ وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ شُرْبِهِ وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك عِلْمًا نَافِعًا، وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَصَحَّحَ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» ، ابْنُ عُيَيْنَةَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ فِيهِ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ ذِكْرِ طُرُقِهِ: إنَّهُ يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ قَوَاعِدِ الْحَدِيثِ، وَحَدِيثُ الْبَاذِنْجَانِ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا نَقْلُ مَاءِ زَمْزَمَ مِنْ مَكَّةَ لِغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ إلَى بَلَدِهِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ «عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ مَاءَ زَمْزَمَ وَتُخْبِرُ أَنَّهُ كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَحْمِلُهُ» .

(ص) وَلِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْدُوبِ قَبْلَهُ أَيْ: وَنُدِبَ لِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ مَا عَدَا الِاسْتِقْبَالَ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ، وَلَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، أَوْ تَذَكَّرَ حَدَثًا، أَوْ أَصَابَهُ حَقْنٌ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْنِي، فَإِنْ أَتَمَّ سَعْيَهُ كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَاسْتُخِفَّ اشْتِغَالُهُ بِالْوُضُوءِ وَلَمْ يَرَهُ مُخِلًّا بِالْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ فِي السَّعْيِ لِيَسَارَتِهِ.

(ص) وَخُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ خُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ يَوْمِ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ، وَلَا يَجْلِسُ فِي وَسَطِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ يَفْتَتِحُهَا بِالتَّلْبِيَةِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَبَاقِي الْخُطَبِ يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ: اثْنَتَانِ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَرْجَحُ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ اُنْظُرْ ح (ص) يُخْبِرُ بِالْمَنَاسِكِ (ش) أَيْ: يُخْبِرُ فِي الْخُطْبَةِ بِالْمَنَاسِكِ الَّتِي تُفْعَلُ مِنْهَا إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ خُرُوجِهِمْ إلَى مِنًى وَصَلَاتِهِمْ بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَمَبِيتِهِمْ لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَصَلَاتِهِمْ الصُّبْحَ صَبِيحَتَهَا بِمِنًى وَغُدُوِّهِمْ إلَى عَرَفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَحْرِيضِهِمْ عَلَى النُّزُولِ بِنَمِرَةَ.

(ص) وَخُرُوجُهُ لِمِنًى قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الثَّامِنِ وَيُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ لِمِنًى
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِالْمَقَامِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُمَا مُسْتَحَبَّانِ أَيْ: كَوْنُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَخَلْفَ الْمَقَامِ إلَّا أَنَّ كَوْنَهُ خَلْفَ الْمَقَامِ عُرِفَ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْجِعْرَانَةِ، أَوْ التَّنْعِيمِ) ظَاهِرٌ فِي الْعُمْرَةِ، وَأَمَّا الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ فَهُوَ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْجِعْرَانَةَ وَالتَّنْعِيمَ لَيْسَا مِيقَاتَيْنِ مَعْرُوفَيْنِ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ، سَوَاءٌ كَانَ مُفْرِدًا، أَوْ قَارِنًا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الطَّوَافِ لَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ طَوَافُ الْقُدُومِ، بَلْ طَوَافُ الْعُمْرَةِ الرُّكْنِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْإِفَاضَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مِنْ كَالتَّنْعِيمِ، وَالتَّقْدِيرُ وَرَمَلَ مُحْرِمٌ مُلْتَبِسًا بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، أَوْ الْمَعْطُوفِ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ، أَوْ طَائِفٌ مُلْتَبِسٌ بِالْإِفَاضَةِ وَيَكُونُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ مُحْرِمٌ وَقَوْلُهُ: لِمُرَاهِقٍ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمُرَاهِقٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ) أَيْ: بِأَنْ قَالَ لَكَمُرَاهِقٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَالَ كَمِنْ الْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ وَيَأْتِي بَدَلَهَا بِاللَّامِ

(قَوْلُهُ: لَا تَطَوُّعَ وَوَدَاعَ) فِي شَرْحِ عب، وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ فِي هَذَيْنِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَحَدِيثُ الْبَاذِنْجَانِ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: «الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ» (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ) أَيْ: يَأْخُذُهُ زَادَ بِأَنْ يَشْرَبَهُ فِي الطَّرِيقِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ يَتَزَوَّدُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُغَذِّي فَيَقُومُ مَقَامَ الزَّادِ فَهَذِهِ غَيْرُ قَوْلِهِ: قَبْلَ نَقْلِ مَاءِ زَمْزَمَ

(قَوْلُهُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ) أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ أَيْ: الْمُمْكِنَةِ

(قَوْلُهُ وَاحِدَةً) يَجُوزُ رَفْعُ " وَاحِدَةً " صِفَةً لِخُطْبَةِ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً لِوَصْفِهَا بِالظَّرْفِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: أَيْ وَنُدِبَ خُطْبَةٌ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ظُهْرِ يَوْمِ السَّابِعِ) فَلَوْ قَعَدَ قَبْلَ ظُهْرِ يَوْمِ السَّابِعِ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالْمُسْتَحَبِّ ك (قَوْلُهُ وَلَا يَجْلِسُ فِي وَسَطِهَا) .
اعْلَمْ أَنَّ الْوَحْدَةَ تَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْجُلُوسِ فَمَنْ رَآهَا وَاحِدَةً نَفَى الْجُلُوسَ، وَمَنْ رَآهَا اثْنَتَيْنِ أَثْبَتَهُ لَا مَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، وَالْخِلَافُ فِي الْجُلُوسِ كَمَا أَشَارَ لَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: يَفْتَتِحُهَا إلَخْ) ، وَفِي الشَّارِحِ وتت الِاقْتِصَارُ عَلَى افْتِتَاحِهَا بِالتَّكْبِيرِ وَذَكَرَهُمَا الْحَطَّابُ قَوْلَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ مُحْرِمًا وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ التَّكْبِيرُ كَمَا شَرَحَ شب (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَرْجَحُ) قَالَ مُحَشِّي تت وَلَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَهُ فَمُفَادُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: يُخْبِرُ بِالْمَنَاسِكِ) أَيْ: يُذَكِّرُ مَنْ كَانَ عَارِفًا وَيُعَلِّمُ الْجَاهِلَ فَهُوَ شَامِلٌ لِهَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ ثُمَّ إنَّ إخْبَارَهُ بِالْمَنَاسِكِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَحَقُّقُ هَذِهِ الْخُطْبَةِ فَإِنْ لَمْ يُخَيَّرْ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِهَا

. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ) أَيْ: وَيَوْمَ النُّقْلَةِ لَمَّا كَانُوا يَحْمِلُونَ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ إلَى عَرَفَةَ

الصفحة 330