كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

لِقِلَّتِهِ، أَوْ ذِي تَلْبِيدٍ، أَوْ ضَفْرٍ، أَوْ عَقْصٍ مُتَعَيِّنٍ وَحَلْقُ، غَيْرِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّقْصِيرِ فِي الْحَجِّ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُسْتَحَبُّ الْبُدَاءَةُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ انْتَهَى.

(ص) ، وَهُوَ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ (ش) أَيْ: التَّقْصِيرُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِنَّ، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتَ عَشْرِ سِنِينَ، أَوْ تِسْعٍ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَحْلِقَ بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَحْلِقَ رَأْسَهَا؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ بِهِنَّ نَعَمْ إنْ كَانَ بِرَأْسِهَا أَذًى فَإِنَّهَا تَحْلِقُ؛ لِأَنَّهُ صَلَاحٌ لَهَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ إلَّا التَّقْصِيرُ انْتَهَى.
فَإِنْ لَبَّدَتْ شَعْرَهَا فَإِنَّهُ تُقَصِّرُهُ بَعْدَ زَوَالِ تَلْبِيدِهِ بِالِامْتِشَاطِ وَنَحْوِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَعْنَى قَوْلِهِ: وَهُوَ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ إلَّا هُوَ لَا أَنَّهُ فِي حَقِّهَا سُنَّةٌ، وَلَهَا أَنْ تَفْعَلَ غَيْرَهُ، وَقَوْلُهُ: الْمَرْأَةِ أَيْ: الْأُنْثَى مَا لَمْ تَصْغُرْ جِدًّا، وَلَمَّا كَانَتْ صِفَةُ التَّقْصِيرِ مُخْتَلِفَةً بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (تَأْخُذُ) الْمَرْأَةُ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهَا (قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ) مِنْ جَمِيعِهِ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ، وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى الْأُنْمُلَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ، أَوْ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ، أَوْ دُونَهَا بِهِ وَرِوَايَةُ الطِّرَازِ " قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ " لَا أَعْرِفُهَا، وَقَوْلُهُ: (وَالرَّجُلُ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي تَأْخُذُ أَيْ: وَيَأْخُذُ الرَّجُلُ فِي تَقْصِيرِهِ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ أَخْطَأَ وَيُجْزِئُهُ، فَقَوْلُهُ: مِنْ قُرْبٍ أَصْلُهُ اسْتِحْبَابًا وَبِهِ وَفَّقَ بَيْنَ كَلَامِ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمُدَوَّنَةِ.

(ص) ، ثُمَّ يُفِيضُ (ش) أَتَى بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ إشَارَةً مِنْهُ إلَى أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَمِنْ النَّحْرِ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ إلَى مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَطُوفَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ سَبْعًا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَقْضِي حَوَائِجَهُ وَيُسْتَحَبُّ طَوَافُهُ فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ وَهَذَا هُوَ التَّحَلُّلُ الْأَكْبَرُ، فَيَحِلُّ بِهِ كُلُّ مَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ أَوْ مَكْرُوهًا: فَيَطَأُ النِّسَاءَ، يَصْطَادُ، يَسْتَعْمِلُ الطِّيبَ، وَلَا يَضُرُّهُ بَقَاؤُهُ، وَلَا الْمَبِيتُ بِمِنًى بِلَا خِلَافٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (ص) وَحَلَّ بِهِ مَا بَقِيَ (ش) أَيْ: وَحَلَّ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ حُرْمَةُ قِرْبَانِ النِّسَاءِ بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ، أَوْ عَقْدٍ وَالصَّيْدِ وَكَرَاهَةِ الطِّيبِ (إنْ حَلَقَ) أَيْ: وَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا، وَقَدْ كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ السَّعْيَ فَلَا يَحِلُّ مَا بَقِيَ إلَّا بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ الْإِفَاضَةِ، وَقَوْلُنَا: وَرَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا احْتِرَازًا مِمَّا إذَا أَفَاضَ قَبْلَ رَمْيِهَا فَإِنَّهُ إذَا وَطِئَ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ هَدْيٌ إنْ وَطِئَ قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِهَا، وَأَمَّا إنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَبَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَطِئَ بَعْدَ فِعْلِهَا وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: إنْ وَقَعَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ وَعَقَبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ وَإِلَّا فَهَدْيٌ.

(ص) ، وَإِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ فَدَمٌ بِخِلَافِ الصَّيْدِ (ش) أَيْ: وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ الْحَلْقِ، وَهُوَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَأَمَّا إنْ صَادَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِخِفَّةِ الصَّيْدِ عَنْ الْوَطْءِ (ص) كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الدَّمِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ إلَى أَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَلَوْ كَانَتْ الْحَجَّةُ بَاقِيَةً وَيَكْفِي الطُّولُ فِي لُزُومِ الدَّمِ فِيمَنْ بِلَادُهُ بَعِيدَةٌ فَلَوْ زَادَ، أَوْ طُولًا بَعْدَ قَوْلِهِ: لِبَلَدِهِ لَأَفَادَ الْمَسْأَلَتَيْنِ.

(ص) أَوْ الْإِفَاضَةُ لِلْمُحْرِمِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ فَلَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ السَّعْيِ، أَوْ السَّعْيَ وَحْدَهُ إلَى أَنْ مَضَتْ هَذِهِ الْأَشْهُرُ وَدَخَلَ الْمُحَرَّمُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْإِفَاضَةِ فِي الْأُولَى وَبِهِ مَعَ السَّعْيِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ سَنَدٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ ضَفْرٍ، أَوْ عَقْصٍ) الضَّفْرُ أَنْ يُضَفِّرَ شَعْرَ رَأْسِهِ إذَا كَانَ ذَا جُمَّةٍ لِيَمْنَعَهُ مِنْ الشَّعَثِ، وَالْعَقْصُ أَنْ يَعْقِصَ شَعْرَهُ فِي قَفَاهُ إذَا كَانَ ذَا جَمَّةٍ لِئَلَّا يَشْعَثَ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إلَخْ) ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَالِغِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَالْحُرْمَةُ تَتَعَلَّقُ بِوَلِيِّهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَبَّدَتْ) أَيْ: بِأَنْ جَعَلَتْ الصَّمْغَ فِي الْغَاسُولِ ثُمَّ يُلَطَّخُ بِهِ الرَّأْسُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ لِيَمْنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ الشَّعَثِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَصْغُرْ جِدًّا) وَهِيَ بِنْتٌ أَقَلُّ مِنْ تِسْعٍ (قَوْلُهُ: وَرِوَايَةُ الطِّرَازِ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ اقْتَصَرَتْ عَلَى الْأُنْمُلَةِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ وُفِّقَ) .
اعْلَمْ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ قَدْ قَالَتْ: جَزَّ ذَلِكَ جَزًّا، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَطْرَافِهِ أَخْطَأَ وَيُجْزِيهِ وَقَالَتْ الْمُدَوَّنَةُ إذَا قَصَّرَ الرَّجُلُ فَلْيَأْخُذْ مِنْ جَمِيعِ رَأْسِهِ وَمَا أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ فَحُمِلَتَا عَلَى الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الْأَخْذِ وَقُرْبِ الْأَصْلِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، قَالَ الْحَطَّابُ: وَهُوَ الْحَقُّ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُفِيضُ) وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ قَالَهُ الْبَدْرُ.
وَلَكِنْ يَلْزَمُ فِي تَقْدِيمِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ دَمٌ (قَوْلُهُ: فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ: إزَارٍ وَرِدَاءٍ) أَيْ: وَيَفْعَلُهُ عَقِبَ حَلْقِهِ (قَوْلُهُ: يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَهَدْيٌ) أَيْ:، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَهَدْيٌ صَادِقٌ بِمَا إذَا وَقَعَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَيَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ، وَلَوْ فَاتَ وَقْتُهَا فَيُسْتَثْنَى مَا إذَا فَاتَ وَقْتُهَا فَإِنَّهُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ فِعْلِهَا

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّيْدِ) وَأَوْلَى الطِّيبُ فَلَا دَمَ لِخِفَّتِهِمَا عَنْ الْوَطْءِ، وَأَمَّا إنْ وَطِئَ قَبْلَ السَّعْيِ فَيُهْدِي، أَوْ صَادَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ (قَوْلُهُ: كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ) أَيْ: عَامِدًا، أَوْ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الطُّولُ إلَخْ) بِأَنْ يَحْلِقَ بَعْدَ أَنْ يَرْمِيَ الثَّلَاثَ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ أَيْ: إنْ ذَكَرَ بِالْقُرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَلْ يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ اسْتِحْبَابًا أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ لِبَلَدِهِ قَبْلَ الْحَلْقِ لَزِمَهُ دَمٌ وَلَوْ كَانَتْ أَيَّامُ مِنًى بَاقِيَةً وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا ذَهَبَتْ أَيَّامُ مِنًى

. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالسَّعْيِ) أَيْ: فَقَطْ أَيْ: فِي الْأَخِيرَةِ إنْ قَرُبَ السَّعْيُ مِنْ الطَّوَافِ، وَإِنْ بَعُدَ الْأَمْرُ يُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لِأَجْلِ السَّعْيِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ يَكُونُ بَعْدَ تَقَدُّمِ طَوَافٍ وَيَجِبُ اتِّصَالُهُمَا، وَلَوْ فَعَلَ الطَّوَافَ قَبْلَ غُرُوبِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَفَعَلَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَانَ كَمَنْ فَعَلَهُمَا مَعَهُ فِي الْحِجَّةِ، وَلَوْ أَوْقَع السَّعْيَ عَقِبَ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ سَعْيَهُ صَحِيحٌ لِاتِّصَالِهِ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَعَلَيْهِ الدَّمُ لِفِعْلِ السَّعْيِ فِي الْمُحَرَّمِ ثُمَّ إنْ فَعَلَ بَعْضَ السَّعْيِ فِي الْمُحَرَّمِ كَفِعْلِ كُلِّهِ فِيهِ، فَلَوْ

الصفحة 335