كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ فِيهَا، وَوَقْتُ أَدَاءِ غَيْرِهَا مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ الزَّوَالِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَرَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الثَّلَاثِ مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ، فَلَوْ رَمَى فِي وَاحِدٍ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يُجْزِهِ وَالْأَفْضَلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ مِنًى بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَا يَصِحُّ الرَّمْيُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ، وَالْأَفْضَلُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ أَيْ: قَضَاءُ جَمِيعِ الْجِمَارِ: الْعَقَبَةُ وَغَيْرُهَا يَنْتَهِي إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَإِنْ غَرَبَتْ مِنْهُ فَلَا قَضَاءَ لِفَوَاتِ الْوَقْتِ فَعَلَى هَذَا لَا قَضَاءَ لِلْيَوْمِ الرَّابِعِ؛ لِأَنَّ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْهُ يَخْرُجُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ مَا لَمْ يَكُنْ أَخْرَجَ أَوَّلًا وَإِلَّا تَكَرَّرَ (ص) وَحُمِلَ مُطِيقٌ وَرَمَى، وَلَا يَرْمِي فِي كَفِّ غَيْرِهِ (ش) تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمَرِيضَ، أَوْ الصَّغِيرَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الرَّمْيِ مَحْمُولًا وَوَجَدَ مَنْ يَحْمِلُهُ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ وَيَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَرْمِي الْحَصَاةَ فِي كَفِّ غَيْرِهِ لِيَرْمِيَ بِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ رَمْيًا، فَقَوْلُهُ: وَحُمِلَ مُطِيقٌ أَيْ: وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ: وَرَمَى أَيْ: بِيَدِهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَرْمِي إلَخْ أَيْ: لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ.

(ص) وَتَقْدِيمُ الْحَلْقِ، أَوْ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ (ش) هَذَا بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يُوجِبُ الدَّمَ وَهُوَ، قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ شَيْءٍ مِنْ التَّحَلُّلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا هَدْيَ كَمَا يُعْطِيهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْهَدْيِ فَإِذَا رَمَى الْعَقَبَةَ أَمَرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ الْأَوَّلَ وَقَعَ قَبْلَ مَحَلِّهِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ إذَا قَدَّمَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ عَلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مَعَ الْإِجْزَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَصْدُقُ بِتَقْدِيمِ الْإِفَاضَةِ عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كَلَا فِعْلٍ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا، وَلَوْ قَدَّمَ كُلًّا مِنْ الْإِفَاضَةِ وَالْحَلْقِ عَلَى الرَّمْيِ لَوَجَبَ فِيهِمَا فِدْيَةٌ وَهَدْيٌ، ثُمَّ إنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبَيْنَ الرَّمْيِ وَاجِبٌ إذْ لَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَمَا وَجَبَ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ هُوَ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ (ص) لَا إنْ خَالَفَ فِي غَيْرٍ (ش) أَيْ: لَا إنْ خَالَفَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا، أَوْ جَهْلًا فِي غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ: بِأَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ، أَوْ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ، أَوْ قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى النَّحْرِ، أَوْ عَلَى الْحَلْقِ، أَوْ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا دَمَ.

(ص) وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاجَّ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَنْ يَعُودَ إلَى مِنًى عَلَى الْفَوْرِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ فِي مَكَّةَ بِحَيْثُ يُدْرِكُ الْمَبِيتَ بِمِنًى فَإِذَا عَادَ إلَى مِنًى فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَبِيتَ فِيهَا فَوْقَ الْعَقَبَةِ مِنْ نَاحِيَةِ مِنًى لَا مِنْ أَسْفَلِهَا مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى؛ ثَلَاثَ لَيَالٍ إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ كَمَا يَأْتِي قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا خِلَافَ أَنَّ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ الْمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ إلَّا لِرِعَايَةٍ، أَوْ مَنْ وَلِيَ السِّقَايَةَ، أَوْ الْمُتَعَجِّلِ وَصَرَّحَ عِيَاضٌ بِسُنِّيَّةِ ذَلِكَ فَلَوْ وَقَعَ أَنَّهُ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مِنًى، وَلَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، وَقَوْلُهُ: فَوْقَ الْعَقَبَةِ أَيْ: فَوْقَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ مِنًى لَا لِقَوْلِهِ فِي مِنًى، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِيُفِيدَ أَنَّ مِنًى هُوَ مَا فَوْقَ الْعَقَبَةِ لَا أَنَّ فَوْقَ الْعَقَبَةِ بَعْضُ مِنًى وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعَقَبَةَ هِيَ حَدُّ مِنًى مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ.

(ص) ، وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ (ش) أَيْ: وَإِنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ فَوْقَ الْعَقَبَةِ وَبَاتَ دُونَهَا جِهَةَ مَكَّةَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِضَرُورَةٍ كَخَوْفٍ عَلَى مَتَاعِهِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ عَلَى حَسَبِ مَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِيمَنْ حَبَسَهُ مَرَضٌ فَبَاتَ بِمَكَّةَ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا (ص)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي لَيْلًا قَالَهُ الْبَدْرُ

. (قَوْلُهُ: مَعَ الْإِجْزَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ) قَالَ بَعْضٌ: وَانْظُرْ هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْهَدْيُ بِإِعَادَةِ الْإِفَاضَةِ بَعْدَ الرَّمْيِ؟ وَالظَّاهِرُ لَا يَسْقُطُ انْتَهَى.
وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ الْإِفَاضَةُ قَبْلَ الرَّمْيِ، وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ فَسَدَ حَجُّهُ ك

(قَوْلُهُ: وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى) تُرْسَمُ بِالْيَاءِ؛ لِأَنَّهَا وَاوِيَّةٌ بِخِلَافِ اُلْمُنَا بِضَمِّ الْمِيمِ فَإِنَّهُ يُرْسَمُ بِالْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ يَائِيٌّ بَدْرٌ (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا) حَذْفُ التَّاءِ مِنْ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا لَيَالٍ ك (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ) يُنَافِي قَوْلَهُ يَلْزَمُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ وَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ بَعْضٍ وَنَصُّهُ وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى أَيْ: فِيهَا فَلَا يَجِبُ فَوْرًا، بَلْ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ نَهَارًا بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَالْفَوْرُ أَفْضَلُ وَلَا يَمْضِي مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ فِي أَيَّامِ مِنًى، بَلْ يَلْزَمُ مَسْجِدَ الْخَيْفِ لِلصَّلَوَاتِ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَبِيتَ فِيهَا) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ يَعْنِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاجَّ أَنْ يَعُودَ إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْعَوْدَ إنَّمَا هُوَ لِلْبَيَاتِ فِيهَا وَلَكِنْ هِيَ عِبَارَاتٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ بِالسُّنِّيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ بِاللُّزُومِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ نَاحِيَةِ) بَيَانٌ لِفَوْقِ الْعَقَبَةِ وَإِضَافَةُ نَاحِيَةٍ إلَى مِنًى لِلْبَيَانِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ) أَيْ: أَوْ لَيْلَةً، أَوْ الثَّلَاثَ الْوَاجِبُ دَمٌ فَقَطْ وَلَا يَتَعَدَّدُ وَقَوْلُهُ: فَوْقَ الْعَقَبَةِ أَيْ: فَوْقَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ " جَمْرَةِ " وَيَقُولُ: فَوْقَ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمْرَةَ مِنْ مِنًى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) .
وَمُقَابِلُهُ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَبِيتَ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا، وَقَدْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: جُلُّ لَيْلَةٍ أَنَّهُ لَوْ بَاتَ بِمِنًى نِصْفَ لَيْلَةٍ فَمَا دُونَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى.

الصفحة 337