كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

أَنْ يَنْفِرَ مِنْ الْبَيْتِ بِإِثْرِ طَوَافٍ، وَأَمَّا إنْ فَعَلَ فِعْلًا خَفِيفًا بَعْدَ الْوَدَاعِ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ بَاقٍ لَمْ يَبْطُلْ (ص) وَرَجَعَ لَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّا إذَا قُلْنَا بِبُطْلَانِ طَوَافِ الْوَدَاعِ،، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ، أَوْ تَرَكَهُ جُمْلَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ فَيَفْعَلُهُ مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ يَسِيرُ بِسَيْرِهِمْ وَإِلَّا مَضَى، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) وَحُبِسَ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ لِحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ قَدْرَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مُبْتَدَأَةً، أَوْ مُعْتَادَةً فَحَاضَتْ أَوْ نُفِسَتْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّ كَرِيَّهَا وَوَلِيَّهَا مَحْرَمًا كَانَ أَوْ زَوْجًا يُحْبَسُ أَيْ: يُجْبَرُ عَلَى إقَامَتِهِ مَعَهَا مِقْدَارَ حَيْضِهَا وَاسْتِظْهَارِهَا، أَوْ مِقْدَارَ نِفَاسِهَا إلَى زَوَالِ الْمَانِعِ فَتَطُوفُ، فَقَوْلُهُ: وَحُبِسَ إلَخْ أَيْ: لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ لَا لِلْوَدَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ (ص) وَقَيَّدَ إنْ أَمِنَ (ش) أَيْ: قَيَّدَ حَبْسَ الْكَرِيِّ إنْ أَمِنَ الطَّرِيقَ، وَأَمَّا الْوَلِيُّ فَذَكَرَ س فِي شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ نُقُولًا مَا نَصُّهُ قُلْت فَهَذِهِ النُّقُولُ كُلُّهَا بِالتَّقْيِيدِ إنَّمَا هِيَ فِي الْكَرِيِّ وَلَمْ أَرَهُمْ يَذْكُرُونَهُ فِي الْوَلِيِّ إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْحَبْسِ فَيُحْبَسُ عَلَيْهَا أَيْضًا مَنْ كَانَ مَعَهَا ذَا مَحْرَمٍ إلَى أَنْ يُمْكِنَهَا السَّفَرُ قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ.
(ص) وَالرُّفْقَةُ فِي كَيَوْمَيْنِ (ش) أَيْ: وَتُحْبَسُ الرُّفْقَةُ مَعَ كَرِيِّهَا إنْ كَانَ عُذْرُهَا يَزُولُ فِي كَيَوْمَيْنِ قَالَ بَعْضٌ وَلَعَلَّهُ مَعَ الْأَمْنِ كَمَا سَبَقَ وَلَا يُحْبَسُونَ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ الْكَرِيُّ وَحْدَهُ.

(ص) وَكُرِهَ رَمْيٌ بِمَرْمِيٍّ بِهِ (ش) أَيْ: أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُرْمَى بِمَا وَقَعَ الرَّمْيُ بِهِ وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ رَمَى بِهِ فِي يَوْمِهِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ رَمَى بِهِ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ، وَسَوَاءٌ رَمَى بِهِ فِي مِثْلِ مَا رَمَى بِهِ أَمْ لَا فِي حَجٍّ وَحَجَّ مُفْرِدًا فِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ غَيْرِهِ كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ كَمَاءٍ تُوَضِّئَ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ مَا فَوْقَ السَّاعَةِ الْفَلَكِيَّةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ) أَيْ: أَوْ مَنْعًا مِنْ كَرِيٍّ

(قَوْلُهُ قَدْرَهُ) ، سَوَاءٌ عَلِمَ الْكَرِيُّ بِحَمْلِهَا أَمْ لَا حَمَلَتْ عِنْدَ الْكِرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ نَفَقَتِهِ وَلَا نَفَقَةِ دَوَابِّهِ، قَالَ ح: وَيُسْتَحَبُّ لَهَا فِي النِّفَاسِ أَنْ تُعِينَهُ بِالْعَلَفِ لَا فِي الْحَيْضِ أَيْ: لِقِصَرِ زَمَنِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفِسَتْ) قَالَ الْمِصْبَاحُ نُفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَهِيَ نُفَسَاءُ وَالْجَمْعُ نِفَاسٌ وَمِثْلُهُ عُشَرَاءُ وَعِشَارٌ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ نَفِسَتْ تَنْفَسُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهِيَ نَافِسٌ مِثْلُ حَائِضٍ وَالْوَلَدُ مَنْفُوسٌ وَالنِّفَاسُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ (قَوْلُهُ: مِقْدَارُ حَيْضِهَا وَاسْتِظْهَارُهَا) فَيُحْبَسُ فِي حَيْضِ الْمُبْتَدَأَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ إنْ أَمِنَ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ كَمَا فِي هَذَا الزَّمَنِ يُفْسَخُ الْكِرَاءُ اتِّفَاقًا كَمَا لِعِيَاضٍ وَلَا يُحْبَسُ هُوَ وَلَا وَلِيٌّ لِأَجْلِ طَوَافِهَا وَمَكَثَتْ وَحْدَهَا لِلطَّوَافِ إنْ أَمْكَنَهَا الْمَقَامُ بِمَكَّةَ وَإِلَّا رَجَعَتْ لِبَلَدِهَا وَهِيَ عَلَى حَالِهَا ثُمَّ تَعُودُ فِي الْقَابِلِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَطَوَافُ الْعُمْرَةِ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ قَالَهُ وَالِدُ عب ثُمَّ فَسْخُ الْكِرَاءِ فِي عَدَمِ الْأَمْنِ يُعَارِضُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ مَا اسْتَوْفَى بِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا.
وَالْقِيَاسُ أَنَّ لِلْكَرِيِّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَرْكَبُ مَكَانَهَا وَقَالَ تت عَنْ عِيَاضٍ إنَّهَا فِي مِثْلِ هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهَا السَّيْرُ إلَّا مَعَ الرَّكْبِ تَصِيرُ كَالْمُحْصَرِ بِالْعَدُوِّ أَيْ: فَلَهَا التَّحَلُّلُ بِنَحْرِ هَدْيٍ، أَوْ ذَبْحٍ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهَا الدَّمُ أَصْلًا، أَوْ انْقَطَعَ بَعْضَ يَوْمٍ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ يَأْتِيهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْحَائِضِ إذْ هُوَ يَوْمُ حَيْضٍ فَلَا يَصِحُّ طَوَافُهَا بَلْ تَتَحَلَّلُ، وَأَمَّا إنْ انْقَطَعَ عَنْهَا يَوْمًا وَعَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَعُودُ قَبْلَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِعُودِهِ وَلَا بِعَدَمِهِ فَيَصِحُّ طَوَافُهَا؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ النَّقَاءَ أَيَّامَ التَّقَطُّعِ طُهْرٌ فَيَصِحُّ طَوَافُهَا فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الْحَيْضُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ، وَأَمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا فَاتَّفَقَ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ عَلَى عَدَمِ حَبْسِ الْكَرِيِّ، وَاخْتَلَفَا فِي فَسْخِ الْكِرَاءِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُفْسَخُ.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَا يُوضَعُ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْءٌ هَذَا تَقْرِيرُ الْمَذْهَبِ وَفِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا لَا يَخْفَى، وَالْمُنَاسِبُ لِلْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَإِذَا انْتَظَرَتْ الطُّهْرَ تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْعُودُ لِبَلَدِهَا أَنَّهَا إمَّا أَنْ تُقَلِّدَ مَا رَوَاهُ الْبَصْرِيُّونَ الْمَالِكِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى وَرَجَعَ لِبَلَدِهِ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا أَجْزَأَهُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا رَوَاهُ الْبَغْدَادِيُّونَ عَنْهُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ عُذْرَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَشَدُّ مِنْ عُذْرِ الْجَاهِلِ، وَأَمَّا أَبَا حَنِيفَةَ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الطَّوَافُ مِنْ الْحَائِضِ وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُ فِي الطَّوَافِ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَكَذَا هُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَيَلْزَمُهَا ذَبْحُ بَدَنَةٍ وَيَتِمُّ حَجُّهَا لِصِحَّةِ طَوَافِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَأْثَمُ بِدُخُولِ الْمَسْجِدِ حَائِضًا اهـ.
وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ فَيُقَدَّمُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ، (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُمْ يَذْكُرُونَهُ) أَيْ: التَّقْيِيدَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ) أَيْ: التَّقْيِيدُ فِي الْوَلِيِّ يُؤْخَذُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَرِيَّ أَخَذَ عِوَضًا دُونَ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِهِ: فِي التَّوْضِيحِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إلَى أَنْ يُمْكِنَهَا السَّفَرُ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ السَّفَرِ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْأَمْنِ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْمَوْضُوعَ فِي الْأَمْنِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحَبْسِ) أَيْ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْحَبْسِ فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، أَمَّا النُّفَسَاءُ فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِعَدَمِ حَبْسِ الْكَرِيِّ فِي النُّفَسَاءِ أَصْلًا لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا حَامِلٌ بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَمِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ، وَأَمَّا الْحَائِضُ فَظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْجَوَاهِرِ أَنَّ فِيهَا خِلَافًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي كَيَوْمَيْنِ) مُقْتَضَى مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْهُ إدْخَالُ مَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ شُرَّاحِهِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا قَدْرَ الزَّائِدِ

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ) أَيْ: وَهُوَ الْقَارِنُ، وَالْكَافُ تَمْثِيلٌ لِلْغَيْرِ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ: إمَّا مُفْرَدٌ فِيهِمَا، أَوْ قَارِنٌ فِيهِمَا، أَوْ مُفْرَدٌ فِي أَحَدِهِمَا، قَارِنٌ فِي الْآخَرِ قَالُوا، وَفِي قَوْلِهِ وَعُمْرَةٌ بِمَعْنَى مَعَ عُمْرَةٍ وَالْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ إنَّمَا هُوَ الْقَارِنُ.
وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ، وَلَوْ ثَانِيَ عَامٍ وَهُوَ قَضِيَّةٌ

الصفحة 343