كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

أَيْ يَشُقُّهُ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ وَيُخْرِجَ مَا فِيهِ بِعَصْرٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِ ذَلِكَ كَوَضْعِ لَزْقَةٍ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْجُرْحِ الدُّمَّلُ وَنَحْوُهُ.

(ص) وَحَكُّ مَا خَفِيَ بِرِفْقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُكَّ مَا خَفِيَ مِنْ بَدَنِهِ مِثْلُ رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِرِفْقٍ خَشْيَةَ قَتْلِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ وَمَفْهُومُ بِرِفْقٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِشِدَّةٍ فَيُكْرَهُ، وَأَمَّا مَا يَرَاهُ فَلَهُ حَكُّهُ وَإِنْ أَدْمَاهُ

(ص) وَفَصْدٌ إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْصِدَ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْصِبْهُ فَإِنْ عَصَبَهُ افْتَدَى وَإِنْ اُضْطُرَّ لِتَعْصِيبِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَمَّا الْفَصْدُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ كَمَا فِي الْحِجَامَةِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَفَصْدٌ إلَخْ لَيْسَ ضَرُورِيَّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ كَعَصْبِ جُرْحِهِ.

(ص) وَشَدُّ مِنْطَقَةٍ لِنَفَقَتِهِ عَلَى جِلْدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ شَدُّ مِنْطَقَةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ عَلَى جِلْدِهِ تَحْتَ إزَارِهِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِشَدِّهَا إدْخَالُ خُيُوطِهَا فِي أَثْقَابِهَا، أَوْ فِي الْكُلَابِ، أَوْ الْإِبْزِيمُ مَثَلًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ عَقَدَهَا عَلَى جِلْدِهِ افْتَدَى (ص) وَإِضَافَةُ نَفَقَةِ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُضِيفَ نَفَقَةَ الْغَيْرِ إلَى نَفَقَتِهِ الَّتِي شَدَّهَا أَوَّلًا عَلَى جِلْدِهِ لَا ابْتِدَاءً فَإِنْ شَدَّ نَفَقَةَ الْغَيْرِ ابْتِدَاءً، أَوْ شَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ، أَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ تَبَعًا أَوْ فَوْقَ مِئْزَرِهِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ) وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَلَى جِلْدِهِ مِمَّا إذَا شَدَّهَا فَوْقَ مِئْزَرِهِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ أُمُورًا جَائِزَةً فَقَالَ (ص) كَعَصْبِ جُرْحِهِ، أَوْ رَأْسِهِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَيْهِ فِي عَصْبِ جُرْحِهِ لِضَرُورَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا بِخِرْقَةٍ كَبِيرَةٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْجَرِيحِ وَالصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الْفِدْيَةُ فِي عَصْبِ رَأْسِهِ مِنْ صُدَاعٍ، أَوْ غَيْرِهِ (ص) أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ كَدِرْهَمٍ (ش) أَيْ عَلَى جُرْحِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَدِيَةَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْخِرْقَةُ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَعَلَّ نُكْتَةَ ذِكْرِهِ كَوْنُ الْحُكْمِ فِيهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ بِخِلَافِ الْخِرْقَةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مُقَيَّدٌ بِالدِّرْهَمِ فَأَكْثَرَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْبَغْلِيُّ.

(ص) أَوْ لَفُّهَا عَلَى ذَكَرٍ، أَوْ قُطْنَةٍ بِأُذُنَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا لَفَّ ذَكَرَهُ بِخِرْقَةٍ لِأَجْلِ الْبَوْلِ أَوْ لِأَجْلِ الْمَنِيِّ، أَوْ الْمَذْيِ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَهُ فِي خِرْقَةٍ مِنْ غَيْرِ لَفٍّ عِنْدَ النَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إذَا جَعَلَ قُطْنَةً كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً بِأُذُنَيْهِ لِعِلَّةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا مُطَيَّبَةً أَوْ غَيْرَ مُطَيَّبَةٍ وَكَذَلِكَ الْأُذُنُ الْوَاحِدَةُ.

(ص) أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ (ش) أَيْ أَوْ بِصُدْغٍ وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا جَعَلَ عَلَى صُدْغَيْهِ قِرْطَاسًا لِضَرُورَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَفْتَدِي لَكِنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ مَعَ الضَّرُورَةِ.

(ص) ، أَوْ تَرْكِ ذِي نَفَقَةٍ ذَهَبٍ، أَوْ رَدَّهَا لَهُ (ش) تَرْكُ مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى عَصْبٍ مِنْ قَوْلِهِ كَعَصْبِ رَأْسِهِ مُشَارِكٍ لَهُ فِي الْفِدْيَةِ أَيْ يَجِبُ الْفِدْيَةُ بِتَرْكِ ذِي نَفَقَةِ ذَهَبٍ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ وَقَدْ نَفِدَتْ نَفَقَتُهُ الَّتِي ضَمَّهَا إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُبْقِي نَفَقَةَ الْغَيْرِ مَعَهُ وَلَا يُخْرِجُهَا إلَى غَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ تَرْكِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَدِّهَا مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى ذِي الْمُضَافِ إلَيْهِ تَرْكٍ أَيْ، أَوْ تَرْكِ رَدِّهَا لَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ رَدَّ الْأُخْرَى إلَى صَاحِبِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا افْتَدَى.

(ص) وَلِمَرْأَةٍ خَزٌّ وَحُلِيٌّ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ فِي حَالِ إحْرَامِهَا الْخَزَّ وَالْحُلِيَّ وَجَمِيعَ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي اللِّبَاسِ كَحُكْمِهَا قَبْلَهُ إلَّا فِي سِتْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْخَزُّ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ خِلَافُهُ وَيَدْخُلُ فِي الْحُلِيِّ الْخَاتَمُ.

(ص) وَكُرِهَ شَدُّ نَفَقَتِهِ بِعَضُدِهِ، أَوْ فَخِذِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَشُدَّ نَفَقَتَهُ بِعَضُدِهِ، أَوْ فَخِذِهِ، أَوْ سَاقِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا فِدْيَةَ وَلَمْ يُوَسِّعْ مَالِكٌ أَنْ يَشُدَّهَا إلَّا فِي الْوَسَطِ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْفِدْيَةُ فِي الْعَضُدِ وَالْفَخِذِ لَا أَعْرِفُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَجْ فَيُكْرَهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَصْدٌ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ يُكْرَهُ

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَفَصْدٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ كَعَصْبِ جُرْحِهِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَشَدُّ مِنْطَقَةٍ) هِيَ الْهِمْيَانُ وَهِيَ مِثْلُ الْكِيسِ يَجْعَلُ فِيهَا الدَّرَاهِمَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرَقٍ كَمَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ (قَوْلُهُ وَإِضَافَةُ نَفَقَةٍ) أَيْ بِأَنْ يُودِعَهُ رَجُلٌ نَفَقَةً بَعْدَ شَدِّهَا لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ فَيَجْعَلُهَا مَعَهَا مِنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ فَإِنْ شَدَّ نَفَقَةَ الْغَيْرِ ابْتِدَاءً) وَدَخَلَ تَحْتَ إلَّا مَا إذَا شَدَّ مِنْطَقَتَهُ فَارِغَةً، أَوْ لِلتَّجْرِ وَنَفَقَتِهِ، أَوْ شَدَّهَا مُجَرَّدَةً عَنْ قَصْدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ شَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ أَيْ، أَوْ شَدَّ الْمِنْطَقَةَ لِلتِّجَارَةِ أَيْ تِجَارَتِهِ، أَوْ تِجَارَةِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ فِي الْخِرْقَةِ الصَّغِيرَةِ مَعَ أَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ (قَوْلُهُ أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ كَدِرْهَمٍ) يَعْنِي بِمَوْضِعٍ، أَوْ مَوَاضِعَ لَوْ جُمِعَتْ كَانَتْ دِرْهَمًا وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي جَمْعِهِ مَوَاضِعَ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَصْبَ وَالرَّبْطَ أَشَدُّ مِنْ اللَّصْقِ إذْ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ حُصُولِ شَيْءٍ عَلَى الْجِسْمِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ اللَّصْقِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَفُّهَا عَلَى ذَكَرٍ) لَا بِقَيْدِ دِرْهَمٍ فِيمَا يَظْهَرُ

(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ تَرْكِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ تَرْكٌ إلَّا مَعَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى ذِي الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ فِي الْمَعَاطِيفِ إذَا تَكَرَّرَتْ أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَجَعَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ مَعْطُوفًا عَلَى عَصْبٍ وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ وَيَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ تَرْكِ رَدِّهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ تَرْكِ ذِي نَفَقَةٍ ذَهَبٍ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ أَوْ رَدِّهَا لَهُ.

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) وَمُقَابِلٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ شَدُّ نَفَقَتِهِ بِعَضُدِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ عَادَةَ قَوْمٍ فَلَا يُكْرَهُ.

الصفحة 349