كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

كَمَا قَالَهُ ح أَيْ: فَتُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَوْلُهُ " إنْ حُصِبَ " أَيْ: فُرِشَ بِالْحَصْبَاءِ. وَقَوْلُهُ " أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ " عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: وَبَصَقَ بِهِ فَوْقَ حَصْبَائِهِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ فِي الْمُحَصَّبِ، وَالْجَوَازُ فِي الْبَصْقِ وَالنُّخَامَةِ مُقَيَّدٌ بِالْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ لَا أَكْثَرَ لِتَأْدِيَتِهِ لِتَقْطِيعِ حُصُرِهِ وَاسْتِقْذَارِهِ لِاسْتِجْلَابِ الدَّوَابِّ فَإِنْ أَدَّى إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ، وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ حَائِطَ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا كُرِهَ، وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِأَنْ لَا يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ وَإِلَّا مُنِعَ كَذَا يَنْبَغِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: هَذِهِ الْمَرَاتِبُ مُسْتَحَبَّةٌ فِي الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الِالْتِفَاتِ لَا خَارِجَهَا إذْ لَا ضَرُورَةَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَبْصُقُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَبْصُقَ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَصَّبٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُحَصَّبًا فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَكَرَهُ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ يَبْصُقُ فِي الْمُحَصَّبِ أَيْضًا فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ لَكِنْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ التَّرْتِيبُ الَّذِي فِي الْمُصَلِّي

. (ص) وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ لِعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَشَابَّةٍ لِمَسْجِدٍ وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ وَيُنْدَبُ لِلْمُتَجَالَّةِ الْمُسِنَّةِ الَّتِي لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَأَحْرَى لِلْفَرْضِ، أَمَّا مُتَجَالَّةٌ لَمْ يَنْقَطِعْ أَرَبُ الرِّجَالِ مِنْهَا بِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ، وَيَجُوزُ جَوَازًا مَرْجُوحًا لِلشَّابَّةِ أَنْ تَخْرُجَ لِلْمَسْجِدِ فِي الْفَرْضِ وَجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَقَرَابَتِهَا لَا لِذِكْرٍ وَمَجَالِسِ عِلْمٍ وَإِنْ انْعَزَلَتْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ بَادِيَةً فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ وَإِلَّا فَلَا تَخْرُجُ أَصْلًا وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِ الشَّابَّةِ بِالْخُرُوجِ لِلْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ) أَيْ: لَا فَوْقَهَا وَإِنْ دَلَكَهُ فِيهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَإِذَا بَصَقَ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ دَفَنَهُ بِهَا وَتُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ فِيهِ وَإِنْ غَطَّاهَا بِالْحَصْبَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النُّخَامَةِ أَنَّهَا تَكْثُرُ وَتَتَكَرَّرُ فَيَشُقُّ الْخُرُوجُ لَهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَضْمَضَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ كَرَاهَتِهَا بِهِ فِي مَحَلٍّ مُعَدٍّ لِلْوُضُوءِ حَيْثُ يَكُونُ لِلْمَاءِ سَرَبٌ بِالْأَرْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ النَّهْيُ بِبَلَّاعَةٍ فِي صَحْنِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ ذَكَرَهُ عب. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ، الْمُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ أَيْ: الْمُحَصَّبِ. (قَوْلُهُ: مُقَيَّدٌ بِالْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ) قَالَ عب وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ وَفِي يَوْمٍ فَقَطْ وَأَمَّا مَرَّةً مِنْ وَاحِدٍ وَمِثْلُهُ لِغَيْرِهِ، فَفَعَلَ كَثِيرٌ، فَلَا يَجُوزُ لِتَأَذِّي النَّاسِ غَالِبًا بِذَلِكَ أَمْ لَا اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرَ لِتَأْدِيَتِهِ) أَيْ: لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ثَمَنُهَا مِنْ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: لِاسْتِجْلَابِ الدَّوَابِّ) أَيْ: إنَّمَا يُؤْذِي لِاسْتِقْذَارِهِ لِاسْتِجْلَابِ الدَّوَابِّ وَقَوْلُهُ: إنْ أَدَّى إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ وَكَذَلِكَ الْمَخْطُ وَالْمَضْمَضَةُ إنَّمَا يُكْرَهَانِ فَقَطْ مَا لَمْ يُؤَدِّيَا لِلِاسْتِقْذَارِ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا إذَا كَانَ يَتَأَذَّى بِهِمَا الْغَيْرُ. (قَوْلُهُ: وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ حَائِطَ الْمَسْجِدِ) إذَا كَانَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَصْقِ فِي الْمُحَصَّبِ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ أَوْ تَحْتَ الْحَصِيرِ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ الْقَيْدُ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ أَمَامَهُ مِنْ أَنَّهُ يَبْصُقُ بِحَائِطِ الْقِبْلَةِ فَأَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا فِي حَائِطِ الْقِبْلَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَبْصُقُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ أَيْ: مُطْلَقًا أَيْ: فِي مُحَصَّبٍ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الِالْتِفَاتِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تُنْتِجُ التَّرْتِيبَ وَتُفِيدُ أَنَّ الْأَصْلَ الْخَلْفُ مَعَ أَنَّهُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَسَارِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) بِأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ أَيْ: لِقِلَّةِ الْحَصْبَاءِ وَقِلَّةِ التُّرَابِ فَيَبْصُقُ تَحْتَ الْقَدَمِ لِيَعْرُكَهَا بِقَدَمِهِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنْ يُقَدِّمَ الْبَصْقَ بِثَوْبِهِ عَلَى الْمُحَصَّبِ أَوْ الْمُتَرَّبِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّوْبَ يُطْلَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْجَمِيعِ وَيَتَعَيَّنُ فِي غَيْرِ الْمُحَصَّبِ وَهُوَ الْمُبَلَّطُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَصْقُ فِيهِ بِحَالٍ لَا عَلَى بَلَاطِهِ وَلَا فِي فُرُشِهِ اهـ. إلَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ فَيَتَنَخَّمُ أَمَامَهُ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّمَ فِي وَجْهِهِ فَإِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّمْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا وَوَصَفَ الْقَاسِمُ فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ» اهـ. يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَصَّبٍ) أَيْ: وَلَا مُتَرَّبٍ أَيْ: بِأَنْ كَانَ مُبَلَّطًا كَانَ لَهُ حَصِيرٌ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُحَصَّبًا) أَيْ: وَلَيْسَ لَهُ حَصِيرٌ.

. (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ) هَذَا حُكْمٌ خَارِجٌ عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَائِزِ فَيُتَوَهَّمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ جَائِزٌ غَيْرُ مَنْدُوبٍ مَعَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ: لَا أَرَبَ) أَيْ: لَا حَاجَةَ. (قَوْلُهُ: تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ) أَيْ: جَوَازًا مَرْجُوحًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّصُّ بِمَعْنًى خِلَافِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ فِي الْفَرْضِ وَغَيْرِهِ وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ فَفَارَقَتْ الشَّابَّةَ الْغَيْرَ الْمُتَجَالَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَثْرَةَ التَّرَدُّدِ مَكْرُوهَةٌ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ جَوَازًا مَرْجُوحًا) أَيْ: فَذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ شب. (قَوْلُهُ: وَجِنَازَةِ أَهْلِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: وَقَرَابَتِهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ: لَا لِذِكْرٍ وَمَجَالِسِ عِلْمٍ) أَيْ: فَيُمْنَعُ كَمَا فِي شب فَقَالَ: وَيُمْنَعُ خُرُوجُهَا لِمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَالْوَعْظِ وَإِنْ بَعُدَتْ وَإِنْ كَانَتْ مُنْعَزِلَةً عَنْ الرِّجَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَرَاهَةُ الشَّدِيدَةُ وَشَرَطَ الْعُلَمَاءُ فِي خُرُوجِهَا أَنْ تَكُونَ بِلَيْلٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ خُرُوجُهُنَّ لَيْلًا وَإِنَّمَا يَكُونُ نَهَارًا وَيُمْكِنُ اخْتِلَافُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ وَأَنْ يَكُنَّ غَيْرَ مُزَيَّنَاتٍ وَلَا مُتَطَيِّبَاتٍ وَلَا مُزَاحِمَاتٍ لِلرِّجَالِ، وَفِي مَعْنَى الطِّيبِ إظْهَارُ الزِّينَةِ وَأَنْ تَخْرُجَ فِي خَشِنِ ثِيَابِهَا وَأَنْ لَا تَتَحَلَّى بِحُلِيٍّ يَظْهَرُ أَثَرُهُ لِلرِّجَالِ بِنَظَرٍ أَوْ صَوْتٍ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَأَنْ لَا يَبْقَى بِالطَّرِيقِ مَا يُتَّقَى مَفْسَدَتُهُ عِيَاضٌ. وَإِذَا مُنِعْنَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى وَإِنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجْنَ فِي غَيْرِ اللَّيَالِيِ الْمَقْصُودَةِ بِالْخُرُوجِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَيَنْبَغِي فِي زَمَانِنَا الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ: بَادِيَةً) أَيْ: ظَاهِرَةً. (قَوْلُهُ: وَالنَّجَابَةِ) أَيْ: الْكَرَمِ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ وَالْمُرَادُ الْحُسْنُ تَقُولُ: امْرَأَةٌ كَرِيمَةٌ أَيْ: حَسَنَةٌ وَمِنْهُ كَرَائِمُ الْأَمْوَالِ لِخِيَارِهَا وَحُسْنِهَا، وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ.

الصفحة 35