كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

نَصًّا

(ص) وَكَبُّ رَأْسٍ عَلَى وِسَادَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَكُبَّ رَأْسَهُ عَلَى وِسَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرَفُّهِ، وَأَمَّا وَضْعُ خَدِّهِ عَلَيْهَا عِنْدَ النَّوْمِ فَلَا يُكْرَهُ، ثُمَّ إنَّ الرَّأْسَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْعُضْوِ بِتَمَامِهِ فَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ جُزْئِهِ أَيْ وَكَبُّ وَجْهٍ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِكْبَابٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكَبَّ.

(ص) وَمَصْبُوغٌ لِمُقْتَدًى بِهِ (ش) أَيْ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ أَنْ يَلْبَسَ فِي حَالَ إحْرَامِهِ الْمَصْبُوغَ الَّذِي لَا طِيبَ فِيهِ إذَا أَشْبَهَ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ كَالْمُوَرَّدِ وَهُوَ الْمُعَصْفَرُ غَيْرَ الْمُفْدَمِ، أَوْ الْمُفْدَمُ إذَا غُسِلَ، أَوْ الَّذِي صُبِغَ بِالْوَرْدِ أَقْوَالٌ فِي تَفْسِيرِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِلْمُقْتَدَى بِهِ مِنْ إمَامٍ وَعَالِمٍ مَا ذُكِرَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ الْجَاهِلُ بِفِعْلِهِ إلَى لُبْسِ غَيْرِ الْجَائِزِ وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِالْإِحْرَامِ مُخْرِجٌ لِغَيْرِ حَالَةِ الْإِحْرَامِ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ غَيْرَ الْمُفْدَمِ وَهُوَ الْمُوَرَّدُ وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِمَصْبُوغٍ غَيْرِ الْمُطَيَّبِ مُخْرِجٌ لِلْمَصْبُوغِ الْمُطَيَّبِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ فِي الْإِحْرَامِ كَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُوَرَّسِ، وَمِثْلُهُمَا الْمُعَصْفَرُ الْمُفْدَمُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْمُفْدَمُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الْقَوِيُّ الصَّبْغِ وَتَقْيِيدُنَا الْمَكْرُوهَ بِمَا يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ مُخْرِجٌ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَلْوَانِ فَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ وَلَوْ لِلْمُقْتَدَى بِهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامُ التِّلِمْسَانِيِّ وَالْقَرَافِيِّ مِنْ كَرَاهَةِ مَا سِوَى الْأَبْيَضِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ.

(ص) وَشَمُّ كَرَيْحَانٍ وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ وَاسْتِصْحَابُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشُمَّ فِي حَالِ إحْرَامِهِ الطِّيبَ الْمَذْكُورَ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ كَالْيَاسَمِينِ وَالرَّيْحَانِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَلَا فِي مَسِّهِ وَكَذَا يُكْرَهُ شَمُّ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ كَالْمِسْكِ وَالْوَرْسِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا فِدْيَةَ أَيْضًا بِخِلَافِ مَسِّهِ وَلَا يُكْرَهُ شَمُّ وَلَا مَسُّ الشِّيحِ وَالْعُصْفُرِ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَمْكُثَ مَعَ رَجُلٍ مُتَطَيِّبٍ، أَوْ بِمَكَانٍ غَيْرِ الْبَيْتِ الشَّرِيفِ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ مِنْهُ قُرْبَةٌ وَكَذَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ الطِّيبَ مَعَهُ، أَوْ مَعَ رُفْقَتِهِ وَلَا فِدْيَةَ.

(ص) وَحِجَامَةٌ بِلَا عُذْرٍ وَغَمْسُ رَأْسِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ فِعْلُهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَحْتَجِمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ خَشْيَةَ أَنْ يَقْتُلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ حَيْثُ لَمْ يَزُلْ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَيْهَا فَيَجُوزُ وَيَفْتَدِي عَلَى الْمَعْرُوفِ وَمَفْهُومُ بِلَا عُذْرٍ الْإِبَاحَةُ لِعُذْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَغْمِسَ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ مَخَافَةَ قَتْلِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ وَقَيَّدَ ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ وَفْرَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَكَبُّ رَأْسٍ) لَا يَخْتَصُّ بِالْمُحْرِمِ لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ النَّوْمُ عَلَى الْوَجْهِ نَوْمُ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ النَّارِ وَالشَّيَاطِينِ (قَوْلُهُ اسْمٌ لِلْعُضْوِ بِتَمَامِهِ) أَيْ اسْمٌ لِمَا فَوْقَ الْعُنُقِ كَمَا أَفَادَهُ شَرْحُ شب (قَوْلُهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ أَكَبَّ) وَالصَّوَابُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ أَكَبَّ مُتَعَدٍّ وَكَبَّ لَازِمٌ وَهُوَ مِنْ الْقَلِيلِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ) أَيْ لَا لِغَيْرِهِ فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْمُوَرَّدُ (قَوْلُهُ أَوْ الَّذِي صُبِغَ بِالْوَرْدِ) أَيْ وَلَيْسَ كَالْوَرْسِ؛ لِأَنَّ الْوَرْسَ مِنْ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ بِخِلَافِ الْوَرْدِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي صُبِغَ بِالْوَرْدِ يُفَصَّلُ فِيهِ كَمَا فُصِّلَ فِي الْمُعَصْفَرِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعَصْفَرُ غَيْرُ الْمُفْدَمِ) بَلْ وَالْمُفْدَمُ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ عب وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِالْإِحْرَامِ مُخْرِجٌ لِغَيْرِ حَالَةِ الْإِحْرَامِ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ اهـ أَيْ عَلَى نَقْلِ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ جَوَازُهُ وَظَاهِرُ الطِّرَازِ كَرَاهَتُهُ مُطْلَقًا وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «ابْنِ عُمَرَ لَمَّا لَبِسَ الْمُعَصْفَرَ نَهَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ لِبَاسِ الْكُفَّارِ» وَصَرَّحَ الْحَطَّابُ بِكَرَاهَةِ الْمُفْدَمِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَالْوَرْسُ نَبْتٌ بِالْيَمَنِ صَبْغُهُ بَيْنَ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْمُعَصْفَرُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَالْمُطَيَّبِ وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ وَلَمْ يَرَهُ مِنْ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ (قَوْلُهُ هُوَ الْقَوِيُّ الصَّبْغِ) أَيْ الَّذِي صُبِغَ فِي الْعُصْفُرِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى صَارَ ثَخِينًا (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُ الْبَيَاضِ بَلْ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» .

(قَوْلُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ) أَيْ تَعَلُّقُهُ بِمَا مَسَّهُ مِنْ جَسَدٍ، أَوْ ثَوْبٍ تَعَلُّقًا غَيْرَ شَدِيدٍ وَالْمُؤَنَّثُ مَا يَظْهَرُ لَوْنُهُ وَأَثَرُهُ أَيْ تَعَلُّقُهُ بِمَا مَسَّهُ تَعَلُّقًا شَدِيدًا وَقِيلَ الْمُذَكَّرُ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَتْ رَائِحَتُهُ وَالْمُؤَنَّثُ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ كَالْمِسْكِ (قَوْلُهُ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ) أَيْ فِي شَمِّهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَسِّهِ) أَيْ مَسِّ الْمُؤَنَّثِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَقْسَامَ الْمُؤَنَّثِ أَرْبَعَةٌ: اثْنَانِ مَكْرُوهَانِ وَهُمَا مُكْثُهُ بِمَكَانٍ بِهِ وَاسْتِصْحَابُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَوَاحِدٌ حَرَامٌ وَهُوَ مَسُّهُ وَسَيَذْكُرُهُ، وَوَاحِدٌ مَكْرُوهٌ وَهُوَ شَمُّهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لَا هُنَا وَلَا فِيمَا يَأْتِي وَلَكِنْ تُفْهَمُ الْكَرَاهَةُ فِيهِ مِنْ كَرَاهَةِ شَمِّ الْمُذَكَّرِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِالْأَوْلَى وَكَذَلِكَ أَقْسَامُ الْمُذَكَّرِ أَرْبَعَةٌ وَاحِدٌ مَكْرُوهٌ وَهُوَ شَمُّهُ وَثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ وَهِيَ مُكْثُهُ بِمَكَانٍ بِهِ وَاسْتِصْحَابُهُ وَمَسُّهُ بِدُونِ شَمٍّ فِي الْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ: خِيفَةَ أَنْ يَقْتُلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ) فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيُهَا لَمْ يُكْرَهْ بِلَا عُذْرٍ أَيْ فَلَيْسَ تَعْلِيلًا بِالْمَظِنَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَيَفْتَدِي (قَوْلُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قِيلَ مِنْ سُقُوطِهَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَالْفَرْضُ الِاضْطِرَارُ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ) أَيْ حَفْنَةً مِلْءَ يَدٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ وَفْرَةٌ) هِيَ فِي الْأَصْلِ الشَّعْرُ الطَّوِيلُ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا مُطْلَقُ شَعْرٍ يُمْكِنُ أَنْ تَخْفَى فِيهِ الْقَمْلَةُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا

الصفحة 350