كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْإِطْعَامَ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْإِطْعَامَ الْمَذْكُورَ فِي الْحِجَامَةِ وَلَا فِي تَخْفِيفِ الرَّأْسِ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِمَا خِيفَةُ قَتْلِ الدَّوَابِّ.

(ص) وَتَجْفِيفُهُ بِشِدَّةٍ وَنَظَرٌ بِمِرْآةٍ وَلُبْسُ امْرَأَةٍ قَبَاءً مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُجَفِّفَ رَأْسَهُ بِشِدَّةٍ بِثَوْبٍ أَوْ بِغَيْرِهِ إذَا غَسَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَقْتُلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَجْفِيفَهُ فِي الْهَوَاءِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْمِرْآةِ حَالَ إحْرَامِهِ وَالْمِرْآةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ، ثُمَّ مَدَّةٌ الَّتِي يُنْظَرُ فِيهَا وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى شُعْثًا فَيُزِيلَهُ وَكَذَا يُكْرَهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ الْقَبَاءَ بِالْمَدِّ وَهُوَ مَا كَانَ مَفْتُوحًا حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُحْرِمَةً أَوْ غَيْرَ مُحْرِمَةٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَصِفُهُنَّ أَيْ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا.

(ص) وَعَلَيْهِمَا دَهْنُ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الْمَرْأَةِ إلَخْ وَعَلَى الرَّجُلِ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ فِي حَالِ إحْرَامِهِمَا أَنْ يَدْهُنَا شَعْرَهُمَا رَأْسًا أَوْ لِحْيَةً أَوْ غَيْرَهُمَا بِالدُّهْنِ مُطْلَقًا أَيْ مُطَيَّبًا أَوْ غَيْرَ مُطَيَّبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُمَا شَعْرٌ أَمْ لَا وَلِهَذَا قَالَ (وَإِنْ صُلْعًا) وَهِيَ الْمُنْحَسِرَةُ شَعْرَ الْمُقَدَّمِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: وَعَلَيْهِمَا دَهْنُ اللِّحْيَةِ إنْ وُجِدَتْ لِلْمَرْأَةِ وَمَوْضِعُهَا لَهُمَا وَالرَّأْسُ وَإِنْ صُلْعًا جَمْعُ أَصْلَعَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الرَّأْسَ مُذَكَّرٌ فَكَيْفَ يَصِفُهُ بِصِفَةِ الْمُؤَنَّثِ وَالْمُرَادُ شَعْرُ الرَّأْسِ وَشَعْرُ اللِّحْيَةِ، وَأَمَّا دَهْنُ الْبَشَرَةِ فَهُوَ مِنْ دَهْنِ الْجَسَدِ.

(ص) وَإِبَانَةُ ظُفْرٍ، أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَسَخٍ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً أَنْ يُبِينَ ظُفْرَهُ أَيْ يُقَلِّمَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ حَفْنَةً إنْ لَمْ يَكُنْ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى، وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إذَا انْكَسَرَ ظُفْرُهُ أَنْ يُقَلِّمَهُ، وَأَمَّا ظُفْرُ غَيْرِهِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَإِبَانَةُ ظُفْرِ غَيْرِهِ لَغْوٌ اهـ.
وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا أَنْ يُزِيلَا شَعْرَهُمَا، أَوْ شَيْئًا مِنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِنَتْفٍ أَوْ حَلْقٍ، أَوْ نُورَةٍ، أَوْ قَرْضٍ بِأَسْنَانٍ لَكِنْ إنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا فَإِنَّهُ يُطْعِمُ حَفْنَةً مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي كَمَا يَأْتِي وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فِي حَالِ إحْرَامِهِ أَنْ يُزِيلَ الْوَسَخَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُحْرِمِ أَنْ يَكُونَ شَعِثًا وَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَلَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُنَقِّيَ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ مِنْ الْوَسَخِ وَلَا فِدْيَةَ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِمَا عَدَا مَا تَحْتَ الْأَظْفَارِ (ص) إلَّا غَسْلَ يَدَيْهِ بِمُزِيلِهِ (ش) أَيْ مِنْ غَيْرِ طِيبٍ كَحُرُضٍ بِضَمَّتَيْنِ آخِرُهُ ضَادٌ سَنَدٌ وَهُوَ الْغَاسُولُ وَالْأُشْنَانُ وَالصَّابُونُ وَكُلُّ مَا يُنَقِّي الزَّفَرَ وَيَقْطَعُ رِيحَهُ أَوْ خِطْمِيٌّ وَهُوَ بِزْرُ الْخَبِيزَيْ سَنَدٌ، وَيَجْتَنِبُ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الرَّيَاحِينِ وَالْفَوَاكِهِ الْمُطَيَّبَةِ الَّتِي تَبْقَى فِي الْيَدِ رَائِحَتُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالتَّطَيُّبِ فَإِنْ خُلِطَ مَعَ الْأُشْنَانِ وَشِبْهِهِ شَيْءٌ مِمَّا لَهُ رِيحٌ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَوْ اُسْتُعْمِلَ مُفْرَدًا لَمْ يَفْتَدِ مِنْهُ فَكَذَلِكَ إذَا خَلَطَهُ اهـ.
وَأَخْرَجَ بِيَدَيْهِ رَأْسَهُ فَفِي غَسْلِهِ بِمَا ذُكِرَ الْفِدْيَةُ، وَأَفْهَمَ الْغَسْلُ أَنَّ الْإِزَالَةَ بِغَيْرِ الْغَسْلِ أَحْرَى وَأَفْهَمَ الْمُزِيلُ أَنَّ الْغَسْلَ بِغَيْرِهِ أَحْرَى أَيْضًا وَالضَّمِيرُ فِي بِمُزِيلِهِ لِلْوَسَخِ.

(ص) وَتَسَاقُطُ شَعْرِهِ لِوُضُوءٍ أَوْ رُكُوبٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ إذَا تَوَضَّأَ فَمَرَّ بِيَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ، أَوْ نَحْوِهِ فَسَقَطَ مِنْهُ شَعْرٌ، أَوْ رَكِبَ دَابَّتَهُ فَحَلَقَ سَاقَهُ الْإِكَافُ وَنَحْوُهُ فَهُوَ مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى، وَانْظُرْ تَفْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَدَهْنُ الْجَسَدِ كَكَفٍّ وَرِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ، أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ وَلَهَا قَوْلَانِ اخْتَصَرْت
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَغْمِسُ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ وَذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِالْكَرَاهَةِ أَخْذًا بِظَاهِرِ قَوْلِهَا: وَأَكْرَهُ لَهُ غَمْسَ رَأْسِهِ فِي الْمَاءِ وَقَوْلِهَا: بِإِثْرِهِ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ الْمَنْعُ إذْ لَا إطْعَامَ فِي كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِطْعَامَ وَاجِبٌ وَقَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ بِاسْتِحْبَابِهِ خِلَافُهَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَصِفُهُنَّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقُفْطَانَ لَمَّا كَانَ مُفَرَّجًا يَجِبُ أَنْ تَضُمَّ أَطْرَافَهُ لِجَسَدِهَا فَيَحْصُلُ الْوَصْفُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَيْ يُكْرَهُ أَنْ تَلْبَسَهُ الْمَرْأَةُ أَيْ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا.

(قَوْلُهُ وَعَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْأُنْثَى وَالذَّكَرِ لِيَشْمَلَ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ. . . إلَخْ) يُنَافِي مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَانَ جَمْعًا بِأَنْ يُقْرَأَ بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ وَيُرَادُ جِنْسُ الرَّأْسِ وَإِلَّا يَلْزَمُ الْإِخْبَارُ بِالْجَمْعِ عَنْ الْمُفْرَدِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ أَيْ ذَا صَلَعٍ وَقَوْلُهُ جَمْعًا أَيْ لَا مُفْرَدًا بِأَنْ يُقْرَأَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَالْمَدِّ تَأْنِيثُ الْأَصْلَعِ؛ لِأَنَّ الْوُرُودَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا قُرِئَ مُفْرَدًا.

(قَوْلُهُ وَالْأُشْنَانُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، وَقَوْلُهُ بِضَمَّتَيْنِ وَيُقْرَأُ أَيْضًا بِسُكُونِ الرَّاءِ وَقَدْ فُسِّرَ الْحُرُضُ بِالْغَاسُولِ فَتَكُونُ الثَّلَاثَةُ أَلْفَاظٍ مُتَرَادِفَةً (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ) أَيْ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَوْ اُسْتُعْمِلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُخَالِطُ لِلْأُشْنَانِ مَاءَ وَرْدٍ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُذَكَّرٍ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ إذَا خَلَطَهُ) لَا فِدْيَةَ فِيهِ

(قَوْلُهُ لِوُضُوءٍ) أَيْ أَوْ غُسْلٍ وَاجِبَيْنِ، أَوْ مَنْدُوبَيْنِ، أَوْ مَسْنُونِ الْغُسْلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا قُتِلَ فِي وَاجِبٍ وَكَذَا فِي مَسْنُونٍ وَمَنْدُوبٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ كَثُرَ وَكَذَا يَجُوزُ الطُّهْرُ لِتَبَرُّدٍ وَلَوْ تَسَاقَطَ فِيهِ شَعْرٌ فَإِنْ قَتَلَ فِيهِ كَثِيرًا افْتَدَى فَإِنْ قَلَّ كَالْوَاحِدَةِ وَنَحْوِهَا فَعَلَيْهِ قَبَصَاتٌ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ جَمْعُ قَبْصَةٍ وَهِيَ التَّنَاوُلُ بِأَطْرَافِ الْأَنَامِلِ وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ الْآتِي: أَوْ قَمْلَةٌ أَوْ قَمَلَاتٌ بِغَيْرِ مَا قُتِلَ فِي غُسْلِ تَبَرُّدٍ وَأَرَادَ بِقَبَصَاتٍ قَبْصَةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ الْجَمْعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: بِمُطَيِّبٍ) أَيْ بِمَا فِيهِ طِيبٌ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَافْتَدَى بِمُطَيِّبٍ وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ

الصفحة 351