كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

فَفِيهِ فِدْيَةٌ فَإِنْ قَلَّمَهُ لِكَسْرِهِ أَوْ أَزَالَ وَسَخَهُ، أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَ حَلَالٍ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَانْظُرْ لِمَ قَلَّمَ ظُفْرَ مِثْلِهِ لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ قُلِّمَ لَهُ بِأَمْرِهِ افْتَدَى وَإِنْ فُعِلَ بِهِ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ مِنْ حَلَالٍ، أَوْ حَرَامٍ اهـ.
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ الْوَاحِدِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ الْفِدْيَةُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى أَمْ لَا وَلَوْ أَبَانَ وَاحِدًا بَعْدَ إبَانَةِ آخَرَ فَإِنْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَفِيهِمَا الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ حَفْنَةٌ (ص) كَشَعْرَةٍ أَوْ شَعَرَاتٍ أَوْ قَمْلَةٍ، أَوْ قَمَلَاتٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي إطْعَامِ حَفْنَةٍ مِنْ طَعَامٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَزَال مِنْ جَسَدِهِ شَعْرَةً وَاحِدَةً، أَوْ شَعَرَاتٍ إلَى عَشْرَةٍ وَمَا قَارَبَهَا لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَإِنَّهُ يُطْعِمُ حَفْنَةً مِنْ طَعَامٍ وَتَقَدَّمَ مَا إذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهِ لِوُضُوءٍ، أَوْ رُكُوبٍ، أَوْ غَسْلٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَزَالَ وَسَخَ نَفْسِهِ أَيْ الْوَسَخَ الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ حَفْنَةٌ إذَا قَتَلَ قَمْلَةً، أَوْ قَمَلَاتٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّعْرِ، وَمِثْلُ قَتْلِ الْقَمْلِ طَرْحُهُ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْبُرْغُوثِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ (وَطَرْحِهَا) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قَتْلِ الْمُقَدَّرِ (ص) كَحَلْقِ مُحْرِمٍ لِمِثْلِهِ مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَ الْقَمْلِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ أَيْ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ حَفْنَةٌ لِحَلْقِ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ لِمُحْرِمٍ آخَرَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَعَادَ حَرْفَ التَّشْبِيهِ فِي الْحَفْنَةِ وَإِنْ أَغْنَى عَنْهُ الْعَطْفُ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ الْحَالِقُ نَفْيَ الْقَمْلِ عَنْ رَأْسِ الْمَحْلُوقِ فَلَا حَفْنَةَ عَلَى الْحَالِقِ وَعَلَى الْمَحْلُوقِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْفِدْيَةُ (ص) وَتَقْرِيدِ بَعِيرِهِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُطْعِمُ الْمُحْرِمُ حَفْنَةً مِنْ طَعَامٍ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ إذَا قَرَّدَ بَعِيرَهُ أَيْ أَزَالَ عَنْهُ الْقُرَادَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلْقَتْلِ وَأَحْرَى بَعِيرُ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ فِي كَثِيرِهِ وَحَفْنَةٌ فِي قَلِيلِهِ، وَمِثْلُ الْقُرَادِ فِيمَا ذُكِرَ سَائِرُ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ جَسَدِ الْبَعِيرِ وَيَعِيشُ فِيهِ كَالْحَلَمِ وَنَحْوِهِ.

(ص) لَا كَطَرْحِ عَلَقَةٍ، أَوْ بُرْغُوثٍ (ش) جَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ يُدْخِلُ الْكَافَ عَلَى الْمُضَافِ وَمُرَادُهُ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَيْ وَلَا شَيْءَ فِي طَرْحِ مَا لَا يَتَوَلَّدُ مِنْ جَسَدِ غَيْرِهِ كَعَلَقَةٍ وَبُرْغُوثٍ وَنَمْلٍ وَذَرٍّ وَبَعُوضٍ وَذُبَابٍ وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ إلَّا الْقَمْلَ عَنْ جَسَدِهِ وَالْقُرَادَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ عَنْ دَابَّتِهِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ طَرْحِ أَنَّ قَتْلَ مَا ذُكِرَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ إنْ كَثُرَ ذَلِكَ.

(ص) وَالْفِدْيَةُ فِيمَا يُتَرَفَّهُ بِهِ، أَوْ يُزِيلُ أَذًى كَقَصِّ الشَّارِبِ، أَوْ ظُفْرٍ، أَوْ قَتْلِ قَمْلٍ كَثُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِدْيَةَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى: " {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] " يَكُونُ سَبَبُهَا مُنْحَصِرًا فِي أَمْرَيْنِ: التَّرَفُّهُ وَإِمَاطَةُ الْأَذَى وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فَعَلَهُ الْمُحْرِمُ مِمَّا يَحْصُلُ لَهُ بِهِ التَّرَفُّهُ أَوْ يُزِيلُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَذًى فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَمَا إذَا حَلَقَ عَانَتَهُ، أَوْ قَصَّ أَظْفَارَهُ أَوْ شَارِبَهُ، أَوْ نَتَفَ إبْطَهُ أَوْ أَنْفِهِ، أَوْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا بِأَنْ زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْتُلْهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ كَثُرَ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ يُتَرَفَّهُ أَيْ يُتَنَعَّمُ بِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيُزِيلُ أَذًى بِالْوَاوِ وَهِيَ بِمَعْنَى، أَوْ وَأَوْلَى لَوْ اجْتَمَعَا وَقَوْلُهُ كَقَصِّ الشَّارِبِ أَوْ ظُفْرٍ مِثَالَانِ صَالِحَانِ لِلْأَمْرَيْنِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَخَضْبً بِكَحِنَّاءٍ وَإِنَّمَا عَرَّفَ الشَّارِبَ لِاتِّحَادِهِ وَنَكَّرَ الظُّفْرَ لِتَعَدُّدِهِ.

(ص) وَخَضْبٍ بِكَحِنَّاءٍ وَإِنْ رُقْعَةً إنْ كَبُرَتْ (ش) الْحِنَّاءُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْمَدِّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إذَا خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ رَأْسَهُ، أَوْ لِحْيَتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ) أَيْ ظُفْرَ نَفْسِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ خِلَافًا لِمَا فِي عب وَقَوْلُهُ: أَوْ قُلِّمَ لَهُ بِأَمْرِهِ أَيْ قَلَّمَ لَهُ الْغَيْرُ بِأَمْرِهِ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا رَضِيَ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ حَفْنَةٌ) أَيْ إنْ أَبَانَ الثَّانِيَ بَعْدَ مَا أَخْرَجَ مَا وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ هَذَا مَا يُفِيدُهُ عج وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُ هَذَا فِيمَا إذَا قَتَلَ قَمْلَةً وَأُخْرَى (قَوْلُهُ وَمَا قَارَبَهَا) وَهُوَ الْأَحَدَ عَشْرَ وَالِاثْنَا عَشْرَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَيَلْزَمُ الْفِدْيَةُ كَمَا إذَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْقَمْلِ (قَوْلُهُ بِالْجَرِّ) وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مُبْتَدَأً مَحْذُوفَ الْخَبَرِ أَيْ وَطَرْحُهَا كَذَلِكَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الْقَطْعِ عَنْ الْعَطْفِ إلَى غَيْرِهِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الرَّضِيُّ وَحَاصِلُ مَا عِنْدَهُ فِيهَا أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَطْعُ عَنْ الْعَطْفِ إلَى غَيْرِهِ إنْ كَانَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيُّ يُفْهَمُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ لَبْسٍ وَيَمْتَنِعُ إنْ حَصَلَ لَبْسٌ (قَوْلُهُ وَتَقْرِيدِ بَعِيرِهِ) ظَاهِرُهُ فِي الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَقَالَ مَالِكٌ: يَفْتَدِي فِي الْكَثِيرِ وَيُطْعِمُ فِي الْيَسِيرِ وَكَلَامُ الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَالنَّفْسُ أَمْيَلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ بَعْضٌ وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْكَثْرَةِ قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَثْرَةَ هُنَا كَالْكَثْرَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَمْلِ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ وَأَحْرَى بَعِيرُ غَيْرِهِ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ بَعِيرَهُ لَمَّا كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَالْقُرَادُ يُضْعِفُهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي تَقْرِيدِهِ.

(قَوْلُهُ لَا كَطَرْحِ عَلَقَةٍ) أَيْ عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعِيرِهِ لِأَنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بُرْغُوثٍ أَيْ طَرْحِ بُرْغُوثٍ (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ طَرْحُ إلَخْ) وَبَعْضُهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّ قَتْلَ الْبُرْغُوثِ فِيهِ قَوْلَانِ قِيلَ يُطْعِمُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: يُتَرَفَّهُ بِهِ) أَيْ يُتَنَعَّمُ بِهِ (قَوْلُهُ مِثَالَانِ صَالِحَانِ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظُّفْرَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِإِمَاطَةِ الْأَذِي بَلْ لِلتَّرَفُّهِ فَلَيْسَ فِيهِ فِدْيَةٌ وَإِنَّمَا فِيهِ حَفْنَةٌ (قَوْلُهُ لِاتِّحَادِهِ) أَيْ فَصَارَ مُتَعَيِّنًا فِي الْأَذْهَانِ فَلِذَلِكَ عَرَّفَهُ

(قَوْلُهُ وَخَضْبٍ بِكَحِنَّاءٍ) مِثَالٌ صَالِحٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ الْوَسْمَةَ بِكَسْرِ السِّينِ وَتَسْكِينِهَا كَمَا فِي الصِّحَاحِ نَبْتٌ مِنْ شَجَرَةٍ كَالْكُزْبَرَةِ يُدَقُّ وَيُخْلَطُ مَعَ الْحِنَّاءِ سُمِّيَتْ وَسْمَةً مِنْ الْوَسَامَةِ وَهِيَ الْحُسْنُ لِأَنَّهَا تُحَسِّنُ الشَّعْرَ

الصفحة 355