كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

بِمَا إذَا لَمْ تُفَضَّلْ السَّرَاوِيلُ عَلَى الثَّوْبِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ اللَّخْمِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَلَنْسُوَةِ وَالْعِمَامَةِ أَمَّا إذَا نَزَلَ فَتَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ انْتَفَعَ ثَانِيًا بِغَيْرِ مَا انْتَفَعَ بِهِ أَوَّلًا اهـ. قَالَ بَعْضٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّامِلِ.

(ص) وَشَرْطُهَا فِي اللُّبْسِ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لَا إنْ نَزَعَ مَكَانَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِدْيَةَ لَا تَجِبُ فِيمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ طُولٍ إلَّا بَعْدَ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا إذَا لَبِسَ قَمِيصًا، أَوْ خُفًّا وَانْتَفَعَ بِهِ مِنْ دَفْعِ إذَايَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، أَوْ دَوَامٍ كَالْيَوْمِ فَلَوْ لَبِسَهُ وَنَزَعَهُ مَكَانَهُ لِقِيَاسٍ وَنَحْوِهِ فَلَا تَجِبُ فِيهِ فِدْيَةٌ، وَأَمَّا مَا لَا يَقَعُ إلَّا مُنْتَفَعًا بِهِ كَحَلْقِ الشَّعْرِ وَالطِّيبِ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (ص) وَفِي صَلَاةٍ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَفِي انْتِفَاعِهِ بِالْمَلْبُوسِ فِي صَلَاةٍ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا قَوْلَانِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ سَنَدٌ فَرَاعَى مَرَّةً حُصُولَ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ وَنَظَرَ مَرَّةً إلَى التَّرَفُّهِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالطُّولِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ: بِالْفِدْيَةِ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ قَالَ بَعْضٌ فَفِيهِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَكَانَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجَوَاهِرِ يُفِيدُ أَنَّ لُبْسَهُ دُونَ الْيَوْمِ لَا شَيْءَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعْ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ يَشْمَلُ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ، وَهَذَا مَا لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا فَإِنْ طَوَّلَ فِيهَا طُولًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.

(ص) وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ إذَا فَعَلَ مَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ لِأَجْلِ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَأَمَّا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَيَأْثَمُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ جَوَازَ الْإِقْدَامِ عَلَى فِعْلِ الْمُوجِبِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ.
وَقَالَ التَّاجُورِيُّ إنَّ خَوْفَ وُجُودِ الْعُذْرِ كَافٍ فِي ذَلِكَ.

وَلَمَّا كَانَتْ دِمَاءُ الْحَجِّ عَلَى ضَرْبَيْنِ هَدْيٌ وَهُوَ مَا وَجَبَ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَمَا نَوَى بِهِ مِنْ النُّسُكِ الْهَدْيَ، كَمَا سَيَأْتِي وَنُسُكٌ وَهُوَ مَا وَجَبَ لِإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَطَلَبِ الرَّفَاهِيَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِفِدْيَةِ الْأَذَى كَمَا أَفَادَ التَّسْمِيَتَيْنِ بِقَوْلِهِ (ص) وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ فَأَعْلَى أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدَّانِ كَالْكَفَّارَةِ أَوْ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِدْيَةَ هِيَ النُّسُكُ أَيْ الْعِبَادَةُ مُخَيَّرٌ فِيهَا بَيْنَ أَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ يَذْبَحَ شَاةً فَأَكْثَرَ لَحْمًا مِنْهَا مِنْ بَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ لَكِنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ طِيبَ اللَّحْمِ هُنَا أَفْضَلُ كَالضَّحَايَا وَإِمَّا أَنْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَمِنْ غَالِبِ عَيْشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَإِمَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ تُفَضَّلْ السَّرَاوِيلُ عَلَى الْعِمَامَةِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا فُضِّلَتْ السَّرَاوِيلُ عَلَى الْعِمَامَةِ أَيْ بِالْكَثِيرِ فَتَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ بِالسَّرَاوِيلِ انْتِفَاعٌ مِنْ دَفْعِ بَرْدٍ فَتَتَعَدَّدُ بِلُبْسِهَا (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الْقَلَنْسُوَةِ وَالْعِمَامَةِ) أَشَارَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ إلَى أَنَّهُ إذَا عَظُمَتْ الْعِمَامَةُ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ بِأَنْ نَزَلَتْ تَحْتَ الْقَلَنْسُوَةِ أَيْ بِكَثِيرٍ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ تَتَعَدَّدُ وَإِلَى مَا ذَكَرْنَا أَشَارَ فِي الشَّامِلِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَبِسَ قَلَنْسُوَةً ثُمَّ عِمَامَةً أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يُفَضَّلْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ مَنْ ائْتَزَرَ بِمِئْزَرٍ فَوْقَ مِئْزَرٍ فَعَلَيْهِ فِدْيَتَانِ إلَّا أَنْ يَبْسُطَهُمَا وَيَتَّزِرَ بِهِمَا وَأَمَّا رِدَاءٌ فَوْقَ رِدَاءٍ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَالْحَالُ أَنَّهُ عَقَدَ كُلًّا مِنْ تِلْكَ الْمَآزِرِ وَأَطَالَ مَا بَيْنَ الْمِئْزَرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ الرِّدَاءِ وَغَيْرِهِ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ) إذَا تَعَدَّدَ مُوجِبُ الْحَفْنَةِ جَرَى فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا فَتَتَّحِدُ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ.

(قَوْلُهُ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْعَامَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ (قَوْلُهُ: أَوْ دَوَامٍ كَالْيَوْمِ) كَمَا لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا رَقِيقًا لَا يَقِي حَرًّا وَلَا بَرْدًا وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الِانْتِفَاعِ غَالِبًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّوَامِ يُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُرَادَ انْتِفَاعٌ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ فَتَدْخُلُ تِلْكَ الصُّورَةُ فِي الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَرَاعَى مَرَّةً حُصُولَ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ السِّتْرُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَمَرَّةً نَظَرَ إلَى التَّرَفُّهِ) الَّذِي مَرْجِعُهُ إلَى الِانْتِفَاعِ مِنْ الْحَرِّ، أَوْ الْبَرْدِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعْ) أَيْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ يَشْمَلُ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ) ، وَالظَّاهِرُ خُرُوجُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، أَوْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ جَارٍ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ طَوَّلَ فِيهَا طُولًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ) وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا أَيْ، وَأَمَّا لَوْ طَوَّلَ فِيهَا فَالْفِدْيَةُ اتِّفَاقًا وَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّولِ مَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ أَيْ بِأَنْ كَانَ كَالْيَوْمِ لَا مَا زَادَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَإِلَّا فَالْفِدْيَةُ قَطْعًا وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ كَلَامِ عب.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ) فَإِنْ زَالَ الْعُذْرُ وَاسْتَمَرَّ تَعَدَّدَتْ لِأَنَّ نِيَّتَهُ كَانَتْ بِلُبْسِهِ حَالَ الْعُذْرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ مَعْنَاهَا وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِخَوْفِ عُذْرٍ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عب قَالَ مَا نَصُّهُ: وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ حَاصِلٍ بِالْفِعْلِ أَوْ مُتَرَقَّبٍ فَخَوْفُ الْعُذْرِ كَافٍ.

(قَوْلُهُ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَمَا نَوَى بِهِ إلَخْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي جَعْلِهِ جَزَاءَ الصَّيْدِ مِنْ أَفْرَادِ الْهَدْيِ (قَوْلُهُ التَّفَثُ إلَخْ) هُوَ نَحْوُ قَصِّ الْأَظْفَارِ وَالشَّارِبِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ التَّسْمِيَتَيْنِ) هِيَ نُسُكٌ وَفِدْيَةُ الْأَذِي (قَوْلُهُ نُسْكٌ) مُثَلَّثُ النُّونِ مَعَ سُكُونِ السِّينِ وَبِضَمَّتَيْنِ الْعِبَادَةُ وَكُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: بِشَاةٍ) حَلُّ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَهِيَ نُسُكٌ مُصَوَّرٌ إمَّا بِشَاةٍ وَإِمَّا إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ وَإِمَّا بِصِيَامٍ (قَوْلُهُ شَاةٍ) وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ السِّنِّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الضَّحِيَّةِ، وَالظَّاهِرُ لَا بُدَّ مِنْ ذَبْحِهَا وَلَا يَكْفِي إخْرَاجُهَا غَيْرَ مَذْبُوحَةٍ وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي الضَّحَايَا الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَضَأْنٌ مُطْلَقًا ثُمَّ مَعْزٌ إلَخْ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ طِيبَ اللَّحْمِ هُنَا أَفْضَلُ. . . إلَخْ وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْإِبِلَ أَفْضَلُ ثُمَّ دُونَهَا الْبَقَرُ ثُمَّ دُونَهَا الْغَنَمُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ لِكُلٍّ مُدَّانِ) فَإِنْ حَصَلَ لِبَعْضٍ أَكْثَرُ مِنْ مُدَّيْنِ وَلِبَعْضٍ أَقَلُّ مِنْهُمَا كَمَّلَ لَهُ بَقِيَّتَهُمَا وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ نَزْعَ الْأَكْثَرِ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ إذَا بَيَّنَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ

الصفحة 357