كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى.

(ص) وَلَمْ يَخْتَصَّ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالذَّبْحِ الْهَدْيَ فَكَحُكْمِهِ (ش) أَيْ لَمْ يَخْتَصَّ النُّسُكُ ذَبْحًا أَوْ نَحْرًا أَوْ إطْعَامًا، أَوْ صِيَامًا بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان كَاخْتِصَاصِ الْهَدْيِ بِأَيَّامِ مِنًى وَبِمَكَّةَ، أَوْ مِنًى هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بِالْمَذْبُوحِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ النُّسُكِ الْهَدْيَ فَإِنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ فَكَحُكْمِهِ فِي الِاخْتِصَاصِ بِمِنًى إنْ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ، وَإِلَّا فَمَكَّةُ وَالْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَتَرْتِيبُهُ وَدُخُولُ الصَّوْمِ فِيهِ نِيَابَةً وَأَفْضَلِيَّةُ الْأَكْثَرِ فِيهَا لَحْمًا وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ فَكَحُكْمِهِ الْأَكْلُ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا بَعْدَ الْمَحَلِّ وَلَوْ جُعِلَتْ هَدْيًا كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ كَالْكَفَّارَةِ أَيْ أَنَّ حُكْمَ الْإِطْعَامِ هُنَا مِثْلُ الْحُكْمِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَيَأْتِي حُكْمُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ: وَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ وَلَا مُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ وَنَاقِصٍ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِغَالِبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا غَالِبِ قُوتِهِ هُوَ، وَأَنَّ الْمُدَّ يُعْتَبَرُ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذْ بِهِ تُؤَدَّى جَمِيعُ الْكَفَّارَاتِ مَا عَدَا كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَإِنَّهَا بِمُدِّ هِشَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مُدٌّ وَثُلُثَانِ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

(ص) وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَصْنَافِ فِدْيَةِ الْأَذَى إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ يَأْخُذُ كُلُّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ فَلَوْ أَطْعَمَهُمْ غَدَاءً وَعَشَاءً لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَمَّى مُدَّيْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ إطْعَامُ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ بَلَغَ مُدَّيْنِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَلَغَ مَا ذُكِرَ أَجْزَأَ وَلَوْ حَصَلَ لِبَعْضِهِمْ مُدَّانِ وَأَكْثَرُ وَأَقَلُّ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ لِمَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مُدَّانِ بَقِيَّتَهُمَا.

(ص) وَالْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَمْنُوعِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَعَلَيْهِمَا دَهْنُ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ أَيْ وَحَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْقُبْلَةُ لِوَدَاعٍ، أَوْ رَحْمَةٍ مَا لَمْ يُنْزِلْ وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَتُكْرَهُ فَقَطْ مَعَ عِلْمِهَا لِيَسَارَةِ الصَّوْمِ.

(ص) وَأَفْسَدَ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَطْءَ إذَا وَقَعَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا، فِي قُبُلِ أَوْ دُبُرِ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنْزَلَ أَوْ لَا مُبَاحَ الْأَصْلِ أَوْ لَا كَانَ مُوجِبًا لِلْمَهْرِ وَالْحَدِّ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْ بَالِغٍ، أَوْ لَا وَقَوْلُهُ (كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ وَإِنْ بِنَظَرٍ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَالْجِمَاعُ أَيْ كَمَا يَفْسُدُ الْحَجُّ بِالْجِمَاعِ كَذَلِكَ يُفْسِدُهُ اسْتِدْعَاءُ الْمَنِيُّ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِيَدِهِ أَوْ بِنَظَرِهِ الْمُسْتَدَامِ أَوْ بِتَذَكُّرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُتْبِعُهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ كَالْحُكْمِ الْآتِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَقَوْلُهُ كَالْكَفَّارَةِ قَالَ الْبَدْرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى) رَدَّ بِهِ عَلَى الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ) الْمَذْهَبُ أَنَّ الْإِبِلَ أَفْضَلُ، ثُمَّ دُونَهَا الْبَقَرُ ثُمَّ دُونَهَا الْغَنَمُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ مُدَّانِ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْتَصَّ) أَيْ النُّسُكُ إطْلَاقُ النُّسُكِ عَلَى غَيْرِ الشَّاةِ خُرُوجٌ عَنْ الِاصْطِلَاحِ كَمَا قَالَ مُحَشِّي تت وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ وَمُقْتَضَاهُ إطْلَاقُ النُّسُكِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَمُقْتَضَى الْآيَةِ تَخْصِيصُهُ بِالذَّبِيحَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ هَذَا الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ إطْعَامٌ. . . إلَخْ عُطِفَ عَلَى شَاةٍ وَأَنَّ نُسُكٌ مُسَلَّطٌ عَلَى الثَّلَاثِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّ أَوْ إطْعَامٌ عُطِفَ عَلَى نُسُكٍ فَلَا يَكُونُ الْإِطْعَامُ وَالصِّيَامُ مِنْ أَفْرَادِ النُّسُكِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ تَخْتَصَّ أَيْ وَلَمْ تَخْتَصَّ الْفِدْيَةُ بِأَنْوَاعِهَا الثَّلَاثَةِ مِنْ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ أَوْ الْإِطْعَامِ، أَوْ الصِّيَامِ اهـ وَقَالَ الْبَدْرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الذَّبْحَ نَهَارًا أَفْضَلُ وَالْإِطْعَامَ أَفْضَلُ أَنْوَاعِهَا كَالصَّوْمِ (قَوْلُهُ: أَوْ إطْعَامٌ أَوْ صِيَامًا) اُنْظُرْ هَلْ يُتَوَهَّمُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِزَمَانٍ، أَوْ مَكَان حَتَّى يَنْفِيَهُ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بِالْمَذْبُوحِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذُبِحَ فِي الْمُصَنِّفِ يُقْرَأُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ) بِأَنْ يُقَلِّدَهُ، أَوْ يُشْعِرَهُ فِيمَا يُقَلَّدُ أَوْ يُشْعَرُ وَلَمْ يَنْوِ فَتَقْلِيدُ مَا لَا يُقَلَّدُ كَالْغَنَمِ كَالْعُدْمِ فَيَذْبَحُهَا حَيْثُ شَاءَ فِي أَيِّ زَمَنٍ وَلَوْ نَوَى بِهَا الْهَدْيَ وَنِيَّةُ الْهَدْيِ فِيمَا يُقَلَّدُ أَوْ يُشْعَرُ بِدُونِ تَقْلِيدٍ وَإِشْعَارٍ كَالْعَدَمِ كَذَا ذَكَرَ شُرَّاحُهُ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت وَأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ (قَوْلُهُ وَتَرْتِيبُهُ) سَيَأْتِي أَنَّ الْهَدْيَ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ وَدُخُولُ الصَّوْمِ فِيهِ نِيَابَةً) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَوُّرُهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِجْزَاءَ مَعَ بُلُوغِ مُدَّيْنِ لَا يُنَافِي أَنَّ الْأَفْضَلَ خِلَافُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الظِّهَارِ وَلَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ كَفِدْيَةِ الْأَذَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ إجْزَائِهِمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِمَا هُنَا وَفِي الظِّهَارِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ لِكُلٍّ مُدٌّ وَهُوَ الْغَالِبُ فِي أَكْلِ كُلِّ شَخْصٍ فِي يَوْمٍ وَالْكَفَّارَةُ هُنَاكَ لِكُلٍّ مُدَّانِ وَهُمَا قَدْرُ أَكْلِ الشَّخْصِ فِي يَوْمَيْنِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فِيهِمَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ لِأَنَّهُمَا أَكْلُ يَوْمٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ) يُوهِمُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ أَشْهَبَ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يُجْزِئُهُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ وَقُيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُنْزِلْ) فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ.

(قَوْلُهُ وَأَفْسَدَ مُطْلَقًا) فِي شَرْحِ عب وشب تَبَعًا لعج وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْبَالِغُ عَلَى ذَكَرِهِ خِرْقَةً كَثِيفَةً، أَوْ غَيَّبَهُ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ أَنَّهُ يُفْسِدُ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْغُسْلَ كَوَطْءِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِيَدِهِ) اعْلَمْ أَنَّ اسْتِمْنَاءَ الشَّخْصِ بِيَدِهِ حَرَامٌ خَشِيَ الزِّنَا أَمْ لَا لَكِنْ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ الزِّنَا إلَّا بِهِ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ وَفِي اسْتِمْنَائِهِ بِيَدِ زَوْجَتِهِ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ وَهُوَ مَا دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَمَتُّعٌ بِغَيْرِ دُبُرٍ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِمَحْرَمٍ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ قَدَّمَ الْأَجْنَبِيَّةَ لِأَنَّهَا تُبَاحُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَدَّمَ الْغَيْرَ (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ كَوْنِ الِاسْتِدْعَاءِ مُوجِبَ الْفَسَادِ إنْ وَقَعَ قَبْلَ إفَاضَةِ مَحَلِّهِ حَيْثُ كَانَ الْغَالِبُ الْإِنْزَالَ عَنْ

الصفحة 358