كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

طَلَبَتْهُ بِخِلَافِ الْمُتَجَالَّةِ. وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا يُفِيدُهُ وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَغَيْرِهَا فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ عَلَى الزَّوْجِ وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ السَّمَاعِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَدَمُ الْقَضَاءِ وَلَوْ اشْتَرَطَ لَهَا ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ مُتَجَالَّةً، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُلِمَ أَنَّ النِّسَاءَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ

. (ص) وَاقْتِدَاءُ ذَوِي سُفُنٍ بِإِمَامٍ. (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَهْلِ السُّفُنِ الْمُتَقَارِبَةِ أَنْ يَقْتَدُوا بِإِمَامٍ وَاحِدٍ إنْ كَانُوا بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ تَكْبِيرَهُ وَيَرَوْا أَفْعَالَهُ وَسَوَاءٌ كَانُوا فِي الْمَرْسَى أَوْ سَائِرِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ طُرُوِّ مَا يُفَرِّقُهُمْ مِنْ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ فَرَّقَهُمْ الرِّيحُ اسْتَخْلَفُوا وَإِنْ شَاءُوا صَلَّوْا وُحْدَانًا فَلَوْ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعُوا لِإِمَامِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا عَمِلُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَمَلًا فَلَا يَرْجِعُوا إلَيْهِ وَلَا يَلْغُو مَا عَمِلُوا بِخِلَافِ مَسْبُوقٍ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ فَقَامَ لِلْقَضَاءِ فَتَبَيَّنَ خَطَأُ ظَنِّهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيُلْغِي مَا فَعَلَهُ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ، فَلَوْ اسْتَخْلَفُوا وَلَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا فَلَا يَرْجِعُوا أَيْضًا، وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ إمَامَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْمَنُونَ التَّفْرِيقَ ثَانِيًا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ.
(ص) وَفَصْلُ مَأْمُومٍ بِنَهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ طَرِيقٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَأْمُومَ يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ مِنْ نَهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ طَرِيقٍ وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ مَا يَأْمَنُونَ مَعَهُ عَدَمَ سَمَاعِ قَوْلِهِ أَوْ قَوْلِ مَأْمُومِهِ أَوْ رُؤْيَةَ فِعْلِ أَحَدِهِمَا، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ كُلَّ فَاصِلٍ. (ص) وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ وَلَوْ بِسَطْحٍ لَا عَكْسُهُ. (ش) يُرِيدُ أَنْ يَجُوزَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَكَان مُرْتَفِعٍ وَلَوْ كَانَ سَطْحًا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ عَنْ مَكَانِ الْمَأْمُومِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْعَكْسِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ أَيْ: وَكَانَ يَضْبِطُ أَحْوَالَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ تَعَذُّرٍ فَلَا يُشْكِلُ بِكَرَاهَةِ اقْتِدَاءِ مَنْ بِأَبِي قُبَيْسٍ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ضَبْطُ أَحْوَالِ إمَامِهِ فَلَوْ فُرِضَ التَّعَذُّرُ أَوْ عَدَمُهُ فِيهِمَا اسْتَوَيَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ " وَلَوْ بِسَطْحٍ " هُوَ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْكَرَاهَةُ نَعَمْ مَا نَقَلَهُ تت عَنْ صَاحِبِ الْإِشْرَافِ الْمَنْعُ فَقِفْ عَلَيْهِ. (ص) وَبَطَلَتْ بِقَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ الْكِبْرَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَصَدَ بِالِارْتِفَاعِ وَلَوْ يَسِيرًا التَّكَبُّرَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ أَوْ قَصَدَ الْمَأْمُومَ بِهِ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمَا، وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ الْقَصْدِ فَلَا بُطْلَانَ لَا لِإِمَامٍ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا كَمَا يَأْتِي فَيَجُوزَ، وَلَا لِمَأْمُومٍ مَعَ جَوَازِهِ لَهُ وَإِنْ كَثُرَ. وَأَحْسَنُ النُّسَخِ نُسْخَةُ " لِقَصْدِ " بِاللَّامِ وَيَلِيهَا نُسْخَةُ الْبَاءِ؛ لِأَنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَأَقْبَحُهَا نُسْخَةُ الْكَافِ عَلَى جَعْلِهَا لِلتَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي بُطْلَانَ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالْعُلُوِّ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْكِبْرَ وَهُوَ قَوْلٌ، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَتَصِحُّ عَلَى جَعْلِهَا لِلتَّعْلِيلِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] . وَقَوْلُهُ " بِهِ " أَيْ: بِالْعُلُوِّ الْمُطْلَقِ لَا الْعُلُوِّ بِسَطْحٍ، وَقَوْلُهُ " إلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَبِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَقُولُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَطَ لَهَا فِي الْعَقْدِ) أَيْ: وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي كَمَا فِي السَّمَاعِ أَنْ يَفِيَ بِهِ لِخَبَرِ " أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهَا مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ " وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: وَلَا يُقْضَى. بِأَنَّ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ عَدَمُ مَنْعِهَا لِخَبَرِ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» وَهُوَ مَعَ الشَّرْطِ آكَدُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَجَالَّةً) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ: وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِ الشَّابَّةِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِ الشَّابَّةِ. يَقْضِي بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا. قَاصِرٌ عَلَى الشَّابَّةِ. وَقَوْلِهِ: وَلَوْ مُتَجَالَّةً. يَقْتَضِي أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا شَابَّةً وَغَيْرَهَا. الْجَوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ: عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا

. (قَوْلُهُ: وَيَرَوْا أَفْعَالَهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ: أَوْ يَرَوْنَ أَفْعَالَهُ. وَحَذَفَ النُّونَ عَلَى لُغَةٍ كَقَوْلِهِ: وَتُسَلِّمُوا عَلَى فُلَانٍ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ الْجَوَازُ فِي الْمَرْسَى لَا فِي حَالِ السَّيْرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونُوا عَمِلُوا لِأَنْفُسِهِمْ) أَيْ: كَرُكُوعٍ لَا كَقِرَاءَةٍ فَهُمْ عَلَى مَأْمُومِيَّتِهِمْ فَيَتَّبِعُونَهُ وُجُوبًا وَإِنْ كَانَ هُوَ قَدْ عَمِلَ بَعْدَهُمْ عَمَلًا وَيَجْتَمِعُ لَهُمْ حِينَئِذٍ الْبِنَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْحَاصِلُ كَمَا كَتَبَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُمْ إذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَوْ اسْتَخْلَفُوا وَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا لَا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ وَإِنْ رَجَعُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا وَلَمْ يَسْتَخْلِفُوا وَجَبَ رُجُوعُهُمْ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : يُنْدَبُ كَوْنُ الْإِمَامِ فِي الَّتِي تَلِي الْقِبْلَةَ وَانْظُرْ لَوْ حَصَلَ تَفْرِيقُ الرِّيحِ لَهَا بَعْدَمَا قَرَأَ الْإِمَامُ هَلْ يُعْتَدُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَأْمُومِيَّةِ لَمْ يَزَلْ مُنْسَحِبًا عَلَيْهِمْ إلَى وَقْتِ التَّفْرِيقِ بَلْ وَبَعْدَهُ أَيْضًا حَيْثُ اجْتَمَعْنَ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ وَحُصُولِ عَمَلٍ أَوْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَسْبُوقٍ ظَنَّ إلَخْ) وَفُرِّقَ بِأَنَّ تَفْرِيقَ السُّفُنِ ضَرُورِيٌّ فَلِذَا اعْتَدُّوا بِمَا فَعَلُوا بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّ مُفَارَقَتَهُ لِلْإِمَامِ نَاشِئَةٌ عَنْ نَوْعِ تَفْرِيطٍ فِيهِ وَأَيْضًا لَا يُؤْمَنُ تَفْرِقَتُهُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ إلَخْ) فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْفَصْلُ بِالْكَبِيرِ غَيْرَ جَائِزٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ: يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ هَذَا مَا لَمْ يَقْصِدْ الْكِبْرَ وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعًا وَبَطَلَتْ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ بِقُيُودٍ ثَلَاثٍ أَنْ لَا يَكُونَ لِتَعْلِيمٍ وَأَنْ يَكُونَ دَخَلَ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ ضَرُورَةً فَإِنْ كَانَ لِتَعْلِيمٍ كَصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ فَجَاءَ مَنْ صَلَّى أَسْفَلَ مِنْهُ أَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ لِضَرُورَةٍ كَضِيقِ مَكَان وَنَحْوِهِ جَازَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَتَعَذَّرُ إلَخْ) فَالتَّعَذُّرُ مُحْتَمَلٌ وَلِذَلِكَ كُرِهَ وَلَوْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَرُمَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَرُمَ) ضَعِيفٌ إذَا الْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ. (قَوْلُهُ: وَأَحْسَنُ النُّسَخِ نُسْخَةُ لِقَصْدِ بِاللَّامِ) لِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِي التَّعْلِيلِ أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَهِيَ تَرْجِعُ لِلتَّعْلِيلِ فَمَا وَجْهُ الْأَحْسَنِيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّامَ ظَاهِرَةٌ فِي التَّعْلِيلِ ظُهُورًا قَوِيًّا بِخِلَافِ كَوْنِ الْبَاءِ لِلسَّبَبِيَّةِ فَلَيْسَتْ كَذَلِكَ فَتَأْتِي لِغَيْرِهَا كَالتَّعْدِيَةِ. (قَوْلُهُ: بِهِ أَيْ: بِالْعُلُوِّ) ظَاهِرُهُ لَوْ قَصَدَ الْكِبْرَ

الصفحة 36