كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

أَوْ حَجًّا إلَّا فِي الْعُمْرَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى فَاتَ الْوُقُوفُ فِي الْعَامِ الثَّانِي، وَإِلَّا أُمِرَ وُجُوبًا بِالتَّحَلُّلِ مِنْ الْفَاسِدِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَوْ دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ وَقَضَاهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي.

(ص) وَفَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَطَوُّعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَفْسَدَ حَجَّةَ الْفَرْضِ أَوْ التَّطَوُّعِ أَوْ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ فَيَقْضِي الْحَجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَيَقْضِي الْعُمْرَةَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ فَاسِدِهَا فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَوْرًا فَقَدْ أَثِمَ قَالَ بَعْضٌ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَضِّحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ قَضَاءَ فَاسِدِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَفَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي؛ لِأَنَّهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ وَجَبَ

(ص) وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ قَضَاءً عَمَّا أَفْسَدَهُ، ثُمَّ إنَّهُ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ حَجَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأَصْلِ وَالْأُخْرَى عَنْ الْقَضَاءِ الَّذِي أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ وَلَوْ تَسَلْسَلَ.

(ص) وَنَحْرُ هَدْيٍ فِي الْقَضَاءِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ أَيْ وَوَجَبَ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ حَجَّتَهُ أَوْ عُمْرَتَهُ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيًا فِي زَمَانِ قَضَاءِ حَجِّهِ، أَوْ عُمْرَتِهِ لَا فِي زَمَانِ فَسَادِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِيَتَّفِقَ لَهُ الْجَابِرُ الْمَالِيُّ وَالْجَابِرُ النُّسُكِيُّ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ؛ لِأَنَّ هَدْيَ الْفَسَادِ جَابِرٌ لِلْفَسَادِ فَيَكُونُ فِي الْقَضَاءِ الْجَابِرِ لِلْفَسَادِ أَيْضًا فَالْوُجُوبُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مُنْصَبٌّ عَلَى كَوْنِهِ فِي الْقَضَاءِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ أَيْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَسَادِ فِي الْقَضَاءِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ تُعْطِي أَنَّ الْهَدْيَ لِلْقَضَاءِ فَلَوْ قَالَ وَنَحَرَ هَدْيَهُ فِيهِ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي هَدْيِهِ عَائِدًا عَلَى الْفَسَادِ وَفِي فِيهِ عَائِدًا عَلَى الْقَضَاءِ كَانَ أَحْسَنَ.

(ص) وَاتَّحَدَ وَإِنْ تَكَرَّرَ لِنِسَاءٍ (ش) ضَمِيرُ وَإِنْ تَكَرَّرَ عَائِدٌ عَلَى مُوجِبِ الْهَدْيِ وَطْئًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ عُمْرَتَهُ بِغَيْرِ الْوَطْءِ أَوْ بِالْوَطْءِ مِرَارًا فِي نِسَاءٍ أَوْ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَجْلِ الْفَسَادِ الْوَاقِعِ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَهُ فَقَطْ (ص) بِخِلَافِ صَيْدٍ وَفِدْيَةٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَزَاءَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ جَزَاءَهُ عِوَضٌ عَمَّا أَتْلَفَ وَالْأَعْوَاضُ تُكَرَّرُ بِحَسَبِ تَكَرُّرِ الْإِتْلَافِ وَسَوَاءٌ فَعَلَهُ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَإِنْ لِمَخْمَصَةٍ وَجَهْلٍ وَنِسْيَانٍ وَكَذَلِكَ فِدْيَةُ الْأَذَى تَتَعَدَّدُ أَيْضًا بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهَا يُرِيدُ إذَا فَعَلَهَا عَمْدًا؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّكْرَارَ إلَّا فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ: وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ. . . إلَخْ.

(ص) وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَدْيَ الْفَسَادِ إذَا عَجَّلَهُ قَبْلَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ أَيْ قَبْلَ قَضَاءِ الْمُفْسَدِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَضَاءِ وَأَجْزَأَ إنْ قَدَّمَ.

(ص) وَثَلَاثَةٌ إنْ أَفْسَدَ قَارِنًا ثُمَّ فَاتَهُ وَقَضَى (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حَالَ كَوْنِهِ قَارِنًا، ثُمَّ إنَّهُ أَفْسَدَ حَجَّهُ هَذَا بِأَنْ وَطِئَ ثُمَّ فَاتَهُ ذَلِكَ الْحَجُّ بِأَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوَّلًا، ثُمَّ أَفْسَدَهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَإِنَّمَا أَتَى بِثُمَّ لِلنَّصِّ عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَوَهَّمِ فِيهَا عَدَمُ تَعَدُّدِ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهِ وُجُوبًا وَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ هَدَايَا هَدْيٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أُمِرَ وُجُوبًا بِالتَّحَلُّلِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّهُ يَجِبُ إتْمَامُ الْمُفْسِدِ وَإِتْمَامُهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أَدْرَكَ الْوُقُوفَ فِي عَامِ الْفَسَادِ وَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ الْحَلُّ وَإِنَّمَا الَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ أَيْ إذَا كَانَ لَمْ يُتِمَّ حَجَّهُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ فِعْلِ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ عُهْدَةِ الْأَوَّلِ عَنْ زَمَنٍ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مِنْهُ إلَّا لِعُذْرٍ، وَأَمَّا إذَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ فِي عَامِ الْفَسَادِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَيُفَصَّلُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَّا بَعْدَ أَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فِي عَامِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ وَإِنْ تَحَلَّلَ قَبْلَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الْقَضَاءُ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَهُوَ شَبِيهٌ بِاَلَّذِي أَدْرَكَ الْوُقُوفَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ يَصْدُقُ بِالصُّورَتَيْنِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَوَجَبَ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ

(قَوْلُهُ وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ أَنَّ الْحَجَّ كُلْفَتُهُ شَدِيدَةٌ يُشَدَّدُ فِيهِ بِقَضَاءِ الْقَضَاءِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُتَهَاوَنَ فِيهِ وَأَمَّا مَنْ أَفْسَدَ قَضَاءَ صَلَاةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَلْ لَهُ تَقْدِيمُ الْقَضَاءِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَنْحَرُهُ فِي الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ وَالْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ لِيَتَّفِقَ لَهُ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ) الَّذِي هُوَ حَجَّةُ الْقَضَاءِ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ الَّذِي هُوَ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ أَيْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَسَادِ فِي الْقَضَاءِ) أَيْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَسَادِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي زَمَنِ الْقَضَاءِ (فَائِدَةٌ) نَصَّ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي قَوْلِهِ: كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَنُوبُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَنَصَّ عج فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ آخِرَ الْبَابِ أَنَّ مَنْ حَلَّلَ زَوْجَتَهُ مِنْ حَجِّهَا الْفَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاءُ مَا حَلَّلَهَا مِنْهُ بَلْ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَفْسَدَهُ عَلَيْهَا فَيَجِبُ إتْمَامُهُ وَقَضَاؤُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَيْضًا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ اهـ.
وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْمُفْسَدِ لَا يُسْقِطُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْفَائِتِ الْمُتَحَلَّلِ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَقَضَاؤُهُ كَافٍ عَنْهَا وَجَعَلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا كَلَامَ الشَّيْخِ سَالِمٍ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ

(قَوْلُهُ لِنِسَاءٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي وَنِسَاءٌ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ (قَوْلُهُ وَفِدْيَةٌ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَصَيْدٌ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ فِي الْجَزَاءِ أَنْ يَقُولَ وَمُوجِبُ فِدْيَةٍ فَيُجْعَلُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ (قَوْلُهُ إذَا فَعَلَهَا عَمْدًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إذَا فَعَلَهُ عَمْدًا.

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ إلَخْ) لَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي الْفَوَاتِ وَهَذَا فِي الْقَضَاءِ عَلَى أَنَّ التَّكْرَارَ إنَّمَا يُنْسَبُ لِلثَّانِي

(قَوْلُهُ الْمُتَوَهَّمِ فِيهَا عَدَمُ تَعَدُّدِ الْهَدْيِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ

الصفحة 360