كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ وَهَدْيٌ لِلْقِرَانِ الثَّانِي، وَأَمَّا الْقِرَانُ الْأَوَّلُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ بَلْ آلَ أَمْرُهُ إلَى فِعْلِ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ دَمِهِ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ كَمَا مَرَّ وَكَوْنُهُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ يُرْشِدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْأَوَّلِ إذْ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ هَدْيٌ لَكَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ هَدَايَا (ص) وَعُمْرَةٌ إنْ وَقَعَ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى هَدْيٍ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ وَلَوْ وَصَلَهُ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ وَصْلُهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا فَعَلَ بَعْضٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ أَيْ حَيْثُ قُلْنَا لَا فَسَادَ فَهَدْيٌ وَيَجِبُ مَعَ الْهَدْيِ عُمْرَةٌ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى إنْ وَقَعَ وَطْؤُهُ قَبْلَ تَمَامِ سَعْيٍ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَامِ الطَّوَافِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لِيَأْتِيَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ لَا ثَلْمَ فِيهِمَا وَإِنْ وَقَعَ وَطْؤُهُ بَعْدَ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ بِرَكْعَتَيْهِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحَلْقِ فَهَدْيٌ فَقَطْ لِسَلَامَةِ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ مِنْ الثَّلْمِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.

(ص) وَإِحْجَاجُ مُكْرَهَتِهِ وَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ الْمُحْرِمَةَ فَجَامَعَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْجِجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَيُهْدِيَ عَنْهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانِيَ عَلَى الْإِذْنِ لَهَا فِي الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ، فَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَذَلِكَ عَلَيْهَا دُونَهُ، وَأَمَّا أَمَتُهُ إذَا أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ فَلَمَّا أَحْرَمَتْ وَطِئَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْجِجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَيَهْدِيَ عَنْهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ أَيْ، أَوْ بَاعَ الْأَمَةَ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا فَإِنْ بَيَّنَ، وَإِلَّا فَعَيْبٌ (ص) وَعَلَيْهَا إنْ أَعْدَمَ وَرَجَعَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ إذَا أَعْدَمَ عَنْ إحْجَاجِ مُكْرَهَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهَةِ أَنْ تَحُجَّ وَتَهْدِيَ وَتَفْتَدِيَ مِنْ مَالِهَا، ثُمَّ إنْ أَيْسَرَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَا أَنْفَقَتْ فِي سَفَرِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّرَفِ وَبِالْأَقَلِّ فِي الْفِدْيَةِ مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِهِ، وَفِي الْهَدْيِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَبِالْأَقَلِّ فِي الْهَدْيِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي الْفِدْيَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ النُّسُكِ وَالْإِطْعَامِ أَيْ حَيْثُ أَطْعَمَتْ، وَأَمَّا حَيْثُ افْتَدَتْ بِشَاةٍ فَأَعْلَى فَهَلْ تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَثَمَنِهَا كَمَا فِي الْهَدْيِ، أَوْ تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ كَمَا إذَا افْتَدَتْ بِالْإِطْعَامِ وَهَلْ يُرَاعَى الْأَقَلُّ يَوْمَ الْإِخْرَاجِ، أَوْ يَوْمَ الرُّجُوعِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُسَلِّفَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالْمُتَقَدِّمِ) فِي الْحِلِّ يُلْقِي طِيبًا عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَمْ يَجِدْ الْمُلْقِي فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وَيَرْجِعْ بِالْأَقَلِّ إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِصَوْمٍ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِصَوْمٍ.

(ص) وَفَارَقَ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ مِنْ إحْرَامِهِ لِتَحَلُّلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ، أَوْ أُمَّتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ طَوْعًا حَالَ الْإِحْرَامِ وَقُلْنَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ بِهَا مِنْ قَابِلٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ الَّتِي أَفْسَدَ حَجَّهَا بِالْوَطْءِ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ لِحَجَّةِ الْقَضَاءِ إلَى أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ أَمْرٌ مُخِلٌّ بِالْعِبَادَةِ فَلَا فَرْقَ فِيهِمَا فِي أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ حُصُولِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الثَّانِي مِنْهُمَا شَيْءٌ عَلَى أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ فِي تَقَدُّمِ الْفَوَاتِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لِكَوْنِ الْعِبَادَةِ لَمْ تَتِمَّ بِخِلَافِ الْفَسَادِ فَإِنَّهُ مَعَهُ التَّمَامُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَرْطَ دَمِهِ. . . إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ وَعُمْرَةٌ إلَخْ) قَالَ الْحَطَّابُ وَانْظُرْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الْعُمْرَةِ هَلْ يَصِحُّ إحْرَامُهُ أَمْ لَا اهـ. قَالَ عج وَمُقْتَضَى جَعْلِهَا كَالْجُزْءِ مِنْ النُّسُكِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ إنْ وَقَعَ وَطْؤُهُ قَبْلَ تَمَامِ سَعْيٍ) يُصَوَّرُ بِمَا إذَا كَانَ أَخَّرَ سَعْيَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَدَّمَ السَّعْيَ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ يَصْدُقُ بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ وَبِمَا إذَا وَقَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ غَيْرِ الْمُفْسِدَةِ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَفْصِيلًا وَإِذَا كَانَ الْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا اعْتِرَاضَ بِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِحْجَاجُ مُكْرَهَتِهِ) وَلَوْ صَغِيرَةً وَقَوْلُهُ أَوْ كَرْهًا أَيْ مَا لَمْ تَتَزَيَّنْ لَهُ أَوْ تَطْلُبْهُ قَالَ فِي ك وَانْظُرْ لَوْ أَكْرَهَ صَبِيًّا وَلَاطَ بِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْجَاجُهُ أَمْ لَا وَلَوْ مَاتَ الْمُكْرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ تَحَاصَصَ بِأُجْرَةِ الْحَجِّ وَبِقِيمَةِ الْهَدْيِ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْحَجِّ تَرُدُّ الْأُجْرَةَ وَيَنْفُذُ الْهَدْيُ اهـ.
وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ رَجُلًا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ إحْجَاجُهُ وَانْظُرْ هَلْ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ قَضَاءٌ أَوْ هَدْيٌ أَمْ لَا وَانْظُرْ لَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُكْرَهَةُ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا مَا يَكْفِي حَجَّةً وَاحِدَةً مَا الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: إنْ أَعْدَمَ وَرَجَعَتْ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَعْدَمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ. . . إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ إجْحَافٌ وَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَرَجَعَتْ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ فِي الْكِرَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَمِمَّا اكْتَرَتْ بِهِ وَفِي النَّفَقَةِ تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَتْهُ وَمِنْ نَفَقَةِ مِثْلِهَا فِي السَّفَرِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّرَفِ وَبِالْأَقَلِّ فِي الْفِدْيَةِ مِنْ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ، أَوْ ثَمَنِهِ وَفِي الْهَدْيِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ قِيمَتِهِ إنْ اشْتَرَتْهُ وَبِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ تَشْتَرِهِ وَإِنْ صَامَتْ لَمْ تَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ وَكَيْلُ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنُهُ إذَا اشْتَرَتْهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَشْتَرِهِ فَبِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَرْجِعُ. . . إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِتِلْكَ الْعِبَارَةِ وَمَا تَقَدَّمَ وَيُمْكِنُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ احْتِبَاكًا حَذَفَ فِي الْأُولَى الطَّرَفَ الثَّانِيَ وَحَذَفَ فِي الثَّانِي الطَّرَفَ الْأَوَّلَ وَالتَّقْدِيرُ تَرْجِعُ مِنْ جِهَةِ الْأُجْرَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَا اكْتَرَتْ بِهِ وَمِنْ جِهَةِ النَّفَقَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ نَفَقَةِ الْمِثْلِ وَمَا أَنْفَقَتْ فِي سَفَرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْجِعُ فِي الْأَوَّلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا) هَذَا إذَا لَمْ تَشْتَرِهِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَتْهُ فَتَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ وَقِيمَةِ الطَّعَامِ.

(قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ) مُفَادُهُ أَنَّ عَامَ الْفَسَادِ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الطِّرَازِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْفَسَادُ حَصَلَ فِي عَامِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ وُجُوبُ الْإِتْمَامِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ صُورَةً لَيْسَ فِيهَا إفْسَادٌ ظَاهِرًا وَلِذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ عَامَ الْفَسَادِ كَذَلِكَ وَهُوَ وَاضِحٌ بَلْ

الصفحة 361