كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

صُورَتُهَا إنْسَانٌ مُحْرِمٌ، أَوْ فِي الْحَرَمِ وَمَعَهُ كَلْبٌ جَارِحٌ يَصْطَادُ بِهِ فَقَصَّرَ فِي رَبْطِهِ فَانْفَلَتَ مِنْهُ فَقَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ، أَوْ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ لَا تُؤْكَلُ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَقْصِيرِهِ فِي رَبْطِهِ فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي رَبْطِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ أَرْسَلَ بِقُرْبِهِ فَقَتَلَ خَارِجَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ الْكَلْبَ، أَوْ الْبَازَ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ قُرْبَ الْحَرَمِ فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ فِيهِ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَقَتَلَهُ خَارِجَهُ فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ لَا يُؤْكَلُ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَأَمَّا لَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ مِنْ الْحَرَمِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْكَلْبَ يَأْخُذُ الصَّيْدَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْحَرَمِ، أَوْ يَرْجِعُ عَنْهُ فَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ وَقَتَلَهُ فِيهِ، أَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهُ فَقَتَلَ الصَّيْدَ خَارِجَهُ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَلَا يُؤْكَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ يَعْنِي فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَلَوْ قَتَلَهُ خَارِجَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُ الْحَرَمَ فَلَا جَزَاءَ وَيُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِقُرْبِهِ سَوَاءٌ تَعَيَّنَ الْحَرَمُ طَرِيقَهُ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَرُبَ الْحَرَمُ جُوِّزَ دُخُولُهُ إيَّاهُ.

(ص) وَطَرْدُهُ مِنْ حَرَمٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ، ثُمَّ عَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا طَرَدَ الصَّيْدَ مِنْ الْحَرَمِ وَأَخْرَجَهُ إلَى الْحِلِّ فَصَادَهُ صَائِدٌ فِي الْحِلِّ، أَوْ هَلَكَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ لِلْحَرَمِ، أَوْ شَكَّ فِي هَلَاكِهِ وَهُوَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الطَّارِدَ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ التَّعْرِيضِ لِلتَّلَفِ فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.

(ص) وَرَمَى مِنْهُ، أَوْ لَهُ (ش) الضَّمِيرَانِ الْمَجْرُورَانِ رَاجِعَانِ لِلْحَرَمِ أَيْ أَنَّ مَنْ رَمَى مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ نَظَرًا لِابْتِدَاءِ الرَّمْيَةِ، وَكَذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِيمَا لَوْ رَمَى شَخْصٌ مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ وَلَوْ أَصَابَهُ فِي الْحِلِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَرُبَ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ بَعُدَ عَلَى الْمَشْهُورِ (تَنْبِيهٌ) ، وَمِثْلُ الرَّمْيِ فِي أَوَّلِهِ إرْسَالُ الْكَلْبِ ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَغْنَى بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَسَهْمٍ مَرَّ بِالْحَرَمِ عَنْ قَوْلِهِ وَرَمَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الرَّامِيَ فِي هَذَا كُلِّهِ حَلَالٌ (ص) وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ وَجَرْحُهُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ وَلَوْ بِنَقْصٍ (ش) عَطَفَ عَلَى بِقَتْلِهِ أَيْ وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْجَزَاءُ بِتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ كَمَا لَوْ نَتَفَ رِيشَهُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَحَهُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِنَقْصٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ وَلَمْ. . . إلَخْ قَيْدٌ فِيهِمَا أَيْ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ حَتَّى يُوَافِقَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَقْصٍ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ فَلَوْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَتُهُ فَلَا جَزَاءَ وَلَوْ كَانَ مَعَ نَقْصٍ خِلَافًا لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ وَمَعِيبًا مُدَّيْنِ فَيَلْزَمُهُ مُدٌّ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ.

(ص) وَكَرَّرَ إنْ أَخْرَجَ لِشَكٍّ، ثُمَّ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْجَزَاءَ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِ الصَّيْدِ فَإِذَا جَرَحَ الصَّيْدَ وَغَابَ عَنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَاتَ أَمْ لَا فَأَخْرَجَ جَزَاءَهُ عَلَى شَكٍّ مِنْ مَوْتِهِ، ثُمَّ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ جَزَاءَهُ ثَانِيًا، وَلَوْ كَانَتْ الرَّمْيَةُ أَنْفَذَتْ مَقَاتِلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَلَامُ لِشَكٍّ مُتَعَلِّقٌ بِأَخْرَجَ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ، أَوْ عَلَى التَّعْلِيلِ وَلَيْسَ تَعْلِيلًا لَكَرَّرَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَقَوْلُهُ: تَحَقَّقَ مَوْتُهُ أَيْ حُصُولُ مَوْتِهِ لَا الْإِخْبَارُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِمَوْتِهِ قَدْ يَكُونُ بِمَوْتٍ مُتَقَدِّمٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَوْتٍ مُتَأَخِّرٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا قَالَهُ ق (ص) كَكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَكَرَّرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَصُورَتُهَا إنْسَانٌ مُحْرِمٌ أَوْ فِي الْحَرَمِ إلَخْ) الدَّلِيلُ عَلَى هَذَا لَفْظُ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُطْلَبُ مَعَهُ رَبْطُ الْكَلْبِ، أَوْ الْبَازِ إنَّمَا هُوَ مَنْ يُمْنَعُ مِنْ الصَّيْدِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ كَسَهْمٍ مَرَّ بِالْحَرَمِ.

وَقَوْلُهُ: وَكَلْبٌ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ أُرْسِلَ بِقُرْبِهِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْجَزَاءُ لِانْتِهَاكِهِ الْحُرْمَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلَهُ خَارِجَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُ الْحَرَمَ إلَخْ) أَيْ مَعَ الْقُرْبِ هَكَذَا تَرَى الشَّارِحَ حَكَى الْخِلَافَ وَلَمْ يَذْكُرْ عج قَوْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْمُقَابِلُ يَقُولُ: مَا قَرُبَ مِنْ الْحَرَمِ فَلَهُ حُكْمُ الْحَرَمِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ قَوْلِهِ فَصَادَهُ. . . إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَنْجُو بِنَفْسِهِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى طَارِدِهِ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ التَّلَفُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ صِيدَ لِأَنَّ طَرْدَهُ لَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ: إرْسَالُ الْكَلْبِ) أَيْ مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ وَفِيهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ) فَاعِلُ التَّعَرُّضِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّيْدُ وَهُوَ الْمُحْرِمُ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ حَلَالًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَتَحَقَّقْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَطَرْدُهُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَرَمَى مِنْهُ أَوْ لَهُ وَلِقَوْلِهِ وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَتَفَ رِيشَهُ) أَيْ الَّذِي لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الطَّيَرَانِ وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ وَإِذَا نَتَفَ رِيشَهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ عِنْدَهُ حَتَّى نَبَتَ وَأَطْلَقَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِنَقْصٍ) فَكَمَا لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي أَبْعَاضِ الْإِنْسَانِ كَذَلِكَ لَا تَجِبُ فِي أَبْعَاضِ الصَّيْدِ

(قَوْلُهُ لِشَكٍّ) أَيْ مُطْلَقِ تَرَدُّدٍ مَعَ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ حِينَئِذٍ فَلَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ لَمْ يُكَرِّرْ وَكَذَا إنْ تَحَقَّقَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مَوْتَهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَمْ يَجِبْ التَّكْرَارُ (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِ الصَّيْدِ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ وَجَرْحُهُ وَلَمْ تَتَحَقَّ سَلَامَتُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أُخْرِجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ) أَيْ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ الشَّكِّ أَيْ أَنَّهُ كَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّهُ أُخْرِجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ) أَيْ حُصُولُ مَوْتِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّقْدِيرِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْ هَذَا بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ بِمَوْتٍ مُتَقَدِّمٍ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ مَوْتُهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَا يَتَكَرَّرُ

الصفحة 368