كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

بِكَشِبْرٍ " مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ " لَا عَكْسُهُ " سَوَاءٌ حُمِلَ عَلَى الْمَنْعِ أَوْ الْكَرَاهَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى وَصْلُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ الْكِبْرِ، وَفِي كَلَامِ الطِّخِّيخِيِّ نَظَرٌ حَيْثُ جَعَلَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَصْدِ الْكِبْرِ وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَ الصَّلَاةِ مَعَ قَصْدِهِ وَلَوْ بِالْعُلُوِّ الْيَسِيرِ ثُمَّ إنَّ مِثْلَ الشِّبْرِ عَظْمُ الذِّرَاعِ مِنْ طَيِّ الْمِرْفَقِ إلَى مَبْدَأِ الْكَفِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى الذِّرَاعُ الْمُتَوَسِّطُ.
(ص) وَهَلْ يَجُوزُ إنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ تَرَدُّدٌ. (ش) أَيْ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي قَوْلِهِ " لَا عَكْسُهُ " سَوَاءٌ حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ اُخْتُلِفَ هَلْ ذَلِكَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ أَوْ كَانَ وَحْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَوْ مَحَلُّ النَّهْيِ إذَا كَانَ وَحْدَهُ فِي الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَلَا مَنْعَ حَيْثُ كَانَ الْغَيْرُ لَا مِنْ الْأَشْرَافِ بَلْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَمَّا لَوْ صَلَّى مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُهُ فَخْرًا وَعَظَمَةً وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ " كَغَيْرِهِمْ تَرَدُّدٌ "

. (ص) وَمُسَمِّعٌ وَاقْتِدَاءٌ بِهِ أَوْ بِرُؤْيَتِهِ وَإِنْ بِدَارٍ. (ش) أَيْ: وَجَازَتْ صَلَاةُ مُسَمِّعٍ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ بِصَوْتِ الْمُسَمِّعِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ صَوْتَهُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمُسَمِّعِ فَإِنَّهُ مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامِ وَكَمَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِصَوْتِ الْمُسَمِّعِ وَأَوْلَى صَوْتُ الْإِمَامِ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِرُؤْيَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَدِي فِي الْأَرْبَعِ بِدَارٍ وَالْإِمَامُ خَارِجَهَا بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ، فَقَوْلُهُ " وَمُسَمِّعٌ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: جَازَتْ صَلَاةُ مُسَمِّعٍ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِي التَّقْرِيرِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " وَاقْتِدَاءٌ بِهِ " وَمِنْ لَازِمِ جَوَازِهَا صِحَّتُهَا لَا الْعَكْسُ فَلِهَذَا عَدَلَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَصِحُّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ بِالتَّكْبِيرِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مُجَرَّدَ إسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُمْ فَصَّلُوا تَفْصِيلًا لَا نَقُولُ بِهِ، وَفِي قَوْلِهِ " وَاقْتِدَاءٌ بِهِ " مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ إنَّمَا هُوَ بِالْإِمَامِ أَيْ: وَجَازَ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَعْتَمِدَ فِي انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ عَلَى صَوْتِ الْمُسَمِّعِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ شُرُوطِ الْإِمَامِ أَتْبَعَهَا بِشُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ، وَالْمُسَاوَاةُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمُتَابَعَةُ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ. وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ.
(ص) وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ. (ش) أَيْ: وَشَرْطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ نِيَّةُ اتِّبَاعِ إمَامِهِ أَوَّلًا فَلَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَنْتَقِلَ لِلْجَمَاعَةِ وَلَا الْعَكْسُ، فَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الشَّرْطِ إلَّا فِي عَدَمِ الِانْتِقَالِ وَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَيْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ كَالْعَكْسِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُفَرِّعَ قَوْلَهُ " وَلَا يَنْتَقِلُ إلَخْ " بِالْفَاءِ عَلَى هَذَا كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ الِاقْتِدَاءِ بِدُونِ نِيَّةٍ فَإِنَّ مَنْ وَجَدَ شَخْصًا يُصَلِّي وَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَهُوَ مَأْمُومٌ وَحَصَلَتْ لَهُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَإِنْ نَوَى أَنَّهُ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَهُوَ مُنْفَرِدٌ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ إنْ قَرَأَ وَإِلَّا بَطَلَتْ مِنْ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ لَا لِتَرْكِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فَفِي أَيِّ صُورَةٍ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مَأْمُومٌ وَلَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ. (ص) بِخِلَافِ الْإِمَامِ وَلَوْ بِجِنَازَةٍ. (ش) أَيْ: بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَلَيْسَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَلَا فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَلَوْ جِنَازَةً إذْ الْجَمَاعَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا بَلْ شَرْطُ كَمَالٍ.
(ص) إلَّا جُمُعَةً وَجَمْعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِتَقَدُّمِهِ لِلْإِمَامَةِ أَوْ قَصَدَ الْكِبْرَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى آخَرَ فَلَا تَكُونُ بَاطِلَةً وَالتَّعْلِيلُ بِفِسْقِ الْمُتَكَبِّرِ يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

. (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ: فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَجَازَتْ. بِمَعْنًى خِلَافِ الْأَوْلَى بِمَعْنَى أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: الِاقْتِدَاءُ بِهِ بِصَوْتِ الْمُسَمِّعِ) هَذِهِ مَرْتَبَةٌ وَقَوْلُهُ: وَأَوْلَى صَوْتُ الْإِمَامِ مَرْتَبَةٌ ثَانِيَةٌ، وَرُؤْيَةُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مَرْتَبَتَانِ إلَّا أَنَّ أَعْلَاهَا رُؤْيَةُ فِعْلِ الْإِمَامِ، فَسَمَاعُ قَوْلِهِ، فَرُؤْيَةُ فِعْلِ الْمَأْمُومِينَ، فَسَمَاعُ قَوْلِهِمْ.
(تَنْبِيهٌ) : لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ أَوْ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَاخْتَارَهُ اللَّقَانِيِّ وَحَكَى الْبُرْزُلِيُّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الصِّحَّةَ فِي الْأَرْبَعِ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ الصِّحَّةَ إلَّا فِيمَنْ لَيْسَ مُصَلِّيًا أَوْ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ. (قَوْلُهُ: فَصَّلُوا تَفْصِيلًا لَا نَقُولُ بِهِ) أَيْ: فَقَالُوا: إنْ قَصَدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَصَدَ الذِّكْرَ أَوْ الذِّكْرَ وَالْإِعْلَانَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ فَبَاطِلَةٌ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مُسَامَحَةٌ) أَيْ: لَوْ أُرِيدَ بِهِ ظَاهِرُهُ وَأَمَّا حَيْثُ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلَا مُسَامَحَةَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَشَرْطُ صِحَّةِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَشَرْطُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ وُقُوعُهُ أَوَّلًا، وَمَصَبُّ الشَّرْطِيَّةِ قَوْلُهُ: أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُتَفَرِّعَ الصُّورَتَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الثَّانِيَةُ لَا دَخْلَ لَهَا فِي التَّفْرِيعِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) تَعْلِيلُ التَّقْدِيرِ أَوَّلًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ الِاقْتِدَاءِ بِدُونِ نِيَّةٍ فَكَيْفَ يَقُولُ: وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ الْمُفِيدُ إمْكَانَ وُجُودِ الِاقْتِدَاءِ بِدُونِ نِيَّةٍ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنْصَبَّةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَأْمُومٌ) أَيْ: مُقْتَدًى بِهِ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ مُنْفَرِدٌ أَيْ: لَيْسَ بِمُقْتَدٍ وَقَوْلُهُ: وَحَصَلَتْ لَهُ نِيَّةُ إلَخْ. الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَحَصَلَ الِاقْتِدَاءُ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ مُنْفَرِدٌ أَيْ: وَلَمْ يَحْصُلْ الِاقْتِدَاءُ. (قَوْلُهُ: فَفِي أَيِّ صُورَةٍ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ أَيْ: لَا تُوجَدُ صُورَةٌ.
(تَنْبِيهٌ) : نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ حَقِيقِيَّةً؛ لِأَنَّ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي كَانْتِظَارِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ بِالْإِحْرَامِ وَلَوْ سُئِلَ حِينَئِذٍ عَنْ سَبَبِ الِانْتِظَارِ لَأَجَابَ بِأَنَّهُ مُؤْتَمٌّ وَالْأَوْلَى أَنَّ " نِيَّةُ " مُبْتَدَأٌ " وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ " خَبَرُهُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ إذَا كَانَا مَعْرِفَتَيْنِ أَنْ يُجْعَلَ الْأَعْرَفُ مُبْتَدَأً، وَنِيَّتُهُ أَعْرَفُ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ لِلضَّمِيرِ " وَشَرْطٌ " مُضَافٌ لِلْمُحَلَّى بِأَلْ، وَالضَّمِيرُ أَعْرَفُ مِنْ الْمُحَلَّى بِأَلْ وَهَذَا عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي أَقَلِّهَا وَشُرِطَ لِلِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ بِجَعْلِ شُرِطَ فِعْلًا مَبْنِيًّا لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِمَامِ) أَيْ: بِخِلَافِ إمَامَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُقَابِلُ الِاقْتِدَاءَ الْإِمَامَةُ. (قَوْلُهُ: إلَّا جُمُعَةً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي فَتَقَدُّمُ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ وَالِاسْتِخْلَافُ دَالٌّ عَلَيْهَا فَاشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ وَفِي حُصُولِ

الصفحة 37