كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

الْمُحْرِمَ إذَا نَصَبَ لَهُ خَيْمَةً وَهِيَ الْمُرَادُ بِالْفُسْطَاطِ فَتَعَلَّقَ بِأَحَدِ أَطْنَابِهَا صَيْدٌ فَمَاتَ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا لِلْمَاءِ فَهَلَكَ فِيهَا صَيْدٌ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَى صَاحِبِ الْخَيْمَةِ وَلَا عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: وَذَلِكَ فِعْلُ الصَّيْدِ بِنَفْسِهِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِمَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ فَمَاتَ رَجُلٌ فَلَا فِدْيَةَ لَهُ عَلَى الْحَافِرِ فَلَا مَفْهُومَ لِبِئْرِ الْمَاءِ.

(ص) وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ أَوْ حِلٍّ (ش) أَيْ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ وَالصَّيْدُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ كَانَ الْمَدْلُولُ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا وَقَوْلُهُ أَوْ حِلٍّ كَانَ الْمَدْلُولُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ أَوْ حِلٍّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَفَاعِلُهُ الْمُحْرِمُ أَيْ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ بِسَبَبِ دَلَالَتِهِ عَلَى الصَّيْدِ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا إذَا قَتَلَهُ الْمَدْلُولُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا لَوْ أَعَانَ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا عَلَى الصَّيْدِ بِمُنَاوَلَةِ سَوْطٍ، أَوْ رُمْحٍ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُعِينِ بَلْ عَلَى الْمَدْلُولِ أَوْ الْمُعَانِ إذَا كَانَ مُحْرِمًا.

(ص) وَرَمْيِهِ عَلَى فَرْعِ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ (ش) الْمَشْهُورُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ شَجَرَةٌ ثَابِتَةٌ أَصْلُهَا بِالْحَرَمِ وَمِنْهَا فَرْعٌ فِي الْحِلِّ وَعَلَيْهِ طَائِرٌ فَرَمَاهُ الْحَلَالُ بِسَهْمِهِ فَقَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحِلِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ عَلَى فَرْعٍ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ.

(ص) ، أَوْ بِحِلٍّ وَتَحَامَلَ فَمَاتَ بِهِ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى فَرْعٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بِالْحَرَمِ، وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى عَلَى فَرْعِ أَصْلِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّائِدُ وَالْمَصِيدُ فِي الْحِلِّ وَضَرَبَهُ فَتَحَامَلَ الصَّيْدُ فَمَاتَ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ أَمْ لَا لَكِنْ فِي حَالِ إنْفَاذِهَا يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَى الضَّارِبِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُنْفِذْ مَقَاتِلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يُنْفِذْ عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ.

(ص) أَوْ أَمْسَكَهُ لِيُرْسِلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ وَغَرِمَ الْحِلُّ لَهُ الْأَقَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَمْسَكَ صَيْدًا لِيُرْسِلَهُ لَا لِيَقْتُلَهُ فَعَدَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَقَتَلَهُ فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ لَهُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا فِي الْحَرَمِ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ لَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ فِي الْحِلِّ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ لِئَلَّا يَخْلُوَ الصَّيْدُ عَنْ الْجَزَاءِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ لَكِنْ إنْ صَامَ الْمُحْرِمُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ وَإِنْ أَطْعَمَ أَوْ أَخْرَجَ الْمِثْلَ رَجَعَ عَلَى الْحَلَالِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الصَّيْدِ طَعَامًا وَمِثْلِهِ وَيَنْبَغِي عَلَى مَا مَرَّ، أَوْ ثَمَنَ الطَّعَامِ إنْ اشْتَرَاهُ كَمَا قَالَهُ س فِي شَرْحِهِ.

(ص) وَلِلْقَتْلِ شَرِيكَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَمْسَكَ الصَّيْدَ لِأَجْلِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ نَظَرًا إلَى التَّسَبُّبِ وَالْمُبَاشَرَةِ، وَأَمَّا إنْ قَتَلَهُ حَلَالٌ فَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَهُ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ وَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحِلِّ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ وَيَغْرَمُ الْحَلَالُ لَهُ قِيمَتَهُ.

(ص) وَمَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ مَيْتَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا صَادَ صَيْدًا مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ) وَلَوْ حَفَرَ الْبِئْرَ عَلَى الطَّرِيقِ فَلَيْسَ كَالْآدَمِيِّ فِي هَذَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصَّيْدَ شَأْنُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ مُعَيَّنَةٌ بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ، ثُمَّ رَأَيْته ذَكَرَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ فِي ك بَعْدَ مَا قَالَهُ هُنَا.

(قَوْلُهُ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ) لِأَنَّ الدَّالَّ إمَّا مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ وَالْمَدْلُولَ كَذَلِكَ وَالصَّيْدَ فِي الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ وَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ حَاصِلَةٌ عَلَى إضَافَتِهِ لِلْفَاعِلِ وَعَلَى إضَافَتِهِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُعَيِّنُ أَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ أَيْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَالصُّوَرُ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الثَّالِثَةُ أَحْسَنُهَا وَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الدَّالَّ عَلَيْهَا الْمُحْرِمُ فَقَطْ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ قَالَ فِي الْإِكْمَالِ إذَا دَلَّ الْمُحْرِمُ الْحَلَالَ عَلَى الصَّيْدِ لَمْ يُؤْكَلْ الصَّيْدُ انْتَهَى، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُورُ عَبْدًا أَوْ وَلَدًا لِلْآمِرِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ إطَاعَتُهُ فَالْجَزَاءُ عَلَى الْآمِرِ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ ضَمَانٌ بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ صَيْدٌ فَأَمَرَ عَبْدَهُ فَذَبَحَهُ فَعَلَيْهِمَا الْجَزَاءُ.

(قَوْلُهُ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ) أَيْ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ جِدَارِ الْحَرَمِ وَيُؤْكَلُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْفَرْعُ مُسَامِتًا لِجِدَارِ الْحَرَمِ وَالطَّيْرُ فَوْقَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ الْجَزَاءَ كَمَا لَوْ كَانَ الطَّيْرُ عَلَى الْجِدَارِ نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى غُصْنٍ بِالْحَرَمِ وَأَصْلُهُ فِي الْحِلِّ وَأَوْلَى فِي الْحُرْمَةِ وَالْجَزَاءِ وَعَدَمِ الْأَكْلِ إذَا كَانَ الْغُصْنُ وَالْأَصْلُ فِي الْحَرَمِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَيْضًا) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ وُجُوبِ الْجَزَاءِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا فَاسِدٌ) إنَّمَا كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي الْحِلِّ وَالْفَرْعُ فِي الْحَرَمِ وَرَمَى عَلَى الصَّيْدِ الَّذِي فَوْقَ الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ (فَائِدَةٌ) لَوْ كَانَ بَعْضُ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضَهُ فِي الْحَرَمِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى، قَالَ الْأُجْهُورِيُّ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ رَأْسُهُ كَانَ نَائِمًا فِي الْحِلِّ وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَيُؤْكَلُ فِي هَذِهِ أَيْضًا اعْتِبَارًا بِأَصْلِ الرَّمْيِ لَا بِوَقْتِ الْإِنْفَاذِ بَلْ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ لِلْقَوْلِ بِأَكْلِهِ لَا لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ فَإِنَّ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَحَدَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ الْجَزَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلِهِ) قَالَ فِي ك وَجَدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَغَرِمَ الْأَقَلَّ أَيْ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ طَعَامًا وَمِنْ الْمِثْلِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمِثْلُ كَالشَّاةِ مَثَلًا فِي الثَّعْلَبِ وَيُنْظَرَ لِلْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّيْدِ مِثْلٌ فَقِيمَةُ الصَّيْدِ.

(قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ الْحَلَالُ لَهُ قِيمَتَهُ) أَيْ قِيمَتَهُ طَعَامًا أَيْ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا حَلَالَيْنِ فِي الْحَرَمِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْرِمًا وَالْآخَرُ حَلَالًا بِالْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ كَصُورَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَلَالًا أَوْ بِالْحَرَمِ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْجَزَاءُ عَلَى الْمُحْرِمِ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ مُحْرِمٍ وَلَيْسَ بِالْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

الصفحة 370