كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

التَّلَفِ بِمَحَلِّهِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ عَلَى التَّخْيِيرِ فَإِنْ شَاءَ الْإِنْسَانُ أَخْرَجَ مِثْلَهُ مِنْ النَّعَمِ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ طَعَامًا مَا يَعْدِلُ قِيمَةَ الصَّيْدِ يَوْمَ تَلَفِهِ مِنْ جُلِّ عَيْشِ مَكَانَ التَّلَفِ لَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا يَوْمَ الْقَضَاءِ وَلَا الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا فَالضَّمِيرُ فِي مِثْلِهِ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ أَيْ مِثْلُ الصَّيْدِ أَوْ مُقَارِبُهُ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا فَالْقَدْرُ كَافٍ وَالْمُرَادُ بِالنَّعَمِ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: بِمَحَلِّهِ لِلْإِتْلَافِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: إطْعَامٌ وَبِقِيمَةِ الصَّيْدِ أَيْ وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ الْإِطْعَامِ وَالتَّقْوِيمِ بِمَحَلِّهِ أَيْ مَحَلِّ التَّلَفِ فَيُقَالُ كَمْ يُسَاوِي هَذَا الظَّبْيُ مَثَلًا مِنْ طَعَامِ غَالِبِ عَيْشِ هَذَا الْمَحَلِّ فَيُقَالُ كَذَا فَيَلْزَمُهُ.
(ص) وَإِلَّا فَبِقُرْبِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فِي مَحَلِّ الْإِتْلَافِ، أَوْ لَمْ يَجِدْ بِهِ مَسَاكِينَ فَيُقَوَّمُ، أَوْ يُطْعِمُ بِقُرْبِ مَحَلِّ التَّلَفِ مِنْ الْأَمَاكِنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ عَلَيْهِ حَتَّى رَجَعَ لِأَهْلِهِ فَأَرَادَ الْإِطْعَامَ حَكَّمَ اثْنَيْنِ مِمَّنْ يَجُوزُ تَحْكِيمُهُمَا وَوَصَفَ لَهُمَا الصَّيْدَ وَذَكَرَ لَهُمَا سِعْرَ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِ الصَّيْدِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا تَقْوِيمُهُ بِالطَّعَامِ قَوَّمَاهُ بِالدَّرَاهِمِ وَيَبْعَثُ بِالطَّعَامِ إلَى مَوْضِعِ الصَّيْدِ كَمَا يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ إلَى مَكَّةَ وَقَوْلُهُ (وَلَا يَجْزِي بِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَا يَجْزِي شَيْءٌ مِنْ التَّقْوِيمِ أَوْ الْإِطْعَامِ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ مَعَ الْإِمْكَانِ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ س (ص) وَلَا زَائِدَ عَنْ مُدٍّ لِمِسْكِينٍ (ش) قَدْ عَلِمَتْ أَنَّهُ يَدْفَعُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا فَقَطْ فَإِنْ دَفَعَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْمُدِّ لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِذَا وَجَبَ مَثَلًا خَمْسَةُ أَمْدَادٍ فَأَطْعَمَهَا لِأَرْبَعَةِ أَشْخَاصٍ فُقَرَاءَ فَلَا بُدَّ مِنْ إطْعَامِ شَخْصٍ آخَرَ وَهُوَ لَهُ نَزْعَ الزَّائِدَ بِالْقُرْعَةِ إنْ بَيَّنَ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَمْ لَا وَكَمَا لَا يَجْزِي الزَّائِدُ لَا يَجْزِي النَّاقِصُ إلَّا أَنْ يُكْمِلَ وَهَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا بَقِيَ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، أَوْ لَا (ص) وَهَلْ لَا إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ (ش) هَذَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الْإِطْعَامِ بِغَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي يُقَوَّمُ فِيهِ وَيُخْرَجُ فِيهِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ وَفِي التَّقْوِيمِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ وَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرُ الْإِطْعَامِ بِبَلَدِ الْإِخْرَاجِ سِعْرَهُ بِبَلَدِ التَّلَفِ أَوْ قُرْبَهُ فَفِي إجْزَائِهِ تَأْوِيلَانِ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُمَا لَا يَجْرِيَانِ فِي التَّقْوِيمِ وَاضِحٌ إذْ مَعَ تَسَاوِي الْقِيمَةِ فِي الْمَحَلَّيْنِ لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ

(ص) ، أَوْ لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ وَكَمَّلَ لِكَسْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَاقِيًا وَلَوْ قَوَّمَ الصَّيْدَ بِنَقْدٍ وَاشْتَرَى بِهِ طَعَامًا لَأَجْزَأَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُحَصَّلُ ذَلِكَ إنْ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ هَدْيًا اخْتَصَّ بِالْحَرَمِ أَوْ صِيَامًا فَحَيْثُ شَاءَ، أَوْ طَعَامًا اخْتَصَّ بِمَحَلِّ التَّقْوِيمِ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا نَظَرَ إلَيْهِ أَوَّلًا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحُكْمِ، وَأَمَّا لَوْ تَقَرَّرَ الْحُكْمُ بِالْإِطْعَامِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ طَعَامًا يَعْدِلُ قِيمَتَهُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ لِلصَّيْدِ قِيمَةً وَالْإِطْعَامُ يَكُونُ بِقَدْرِهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ ذَاتَ الصَّيْدِ يَقُومُ بِالْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ لَا يَوْمَ التَّعَدِّي) أَيْ لِأَنَّ التَّلَفَ أَيْ الْمَوْتَ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ يَوْمِ الضَّرْبِ الَّذِي هُوَ يَوْمُ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالنَّعَمِ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ) أَيْ فَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ.
(قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إطْعَامٌ) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ كَائِنَةٌ يَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ وَبِقِيمَةِ الصَّيْدِ) وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَخِنْزِيرٍ وَيُنْظَرُ لِقِيمَتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ يُقَوَّمَ الصَّيْدُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِالْإِطْعَامِ وَلَوْ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ طَعَامًا أَجْزَأَ (قَوْلُهُ مِنْ التَّقْوِيمِ) أَرَادَ أَثَرَهُ وَهُوَ مَا يُقَوَّمُ بِهِ وَإِلَّا فَذَاتُ التَّقْوِيمِ بِبَلَدِنَا (قَوْلُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَوْلَى وَنَصُّهُ وَلَا يُجْزِئُ التَّقْوِيمُ أَوْ الْإِطْعَامُ بِغَيْرِهِ أَيْ بِغَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ يُقَوِّمُ أَوْ يُطْعِمُ فِيهِ مَعَ الْإِمْكَانِ الشَّامِلِ لِمَحَلِّ التَّلَفِ أَوْ قُرْبِهِ وَانْظُرْ أُجْرَةَ نَقْلِهِ إنْ احْتَاجَ لِأَجْرٍ عَلَى مَنْ.
(قَوْلُهُ وَهَلْ لَهُ نَزْعُ الزَّائِدِ بِالْقُرْعَةِ) لَا تَتَأَتَّى هُنَا قُرْعَةٌ نَعَمْ تَتَأَتَّى الْقُرْعَةُ فِيمَا إذَا كَانَ أَعْطَى الْعَشَرَةَ الْأَمْدَادَ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا وَأَمَرْنَاهُ بِأَنْ يُكْمِلَ لِعَشْرَةٍ فَإِنَّ الْقُرْعَةَ تُمْكِنُ فِي هَذِهِ (وَقَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ تَأْوِيلَانِ) نُسْخَةٌ تَأْوِيلَانِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَنُسْخَةٌ فَتَأْوِيلَانِ فَالْفَاءُ زَائِدَةٌ اعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجْزِي الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ أَصَابَ الصَّيْدَ بِمِصْرَ فَأَخْرَجَ الطَّعَامَ بِالْمَدِينَةٍ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ سِعْرَهَا أَعْلَى وَعَكْسُهُ لَمْ يَجْزِهِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ سِعْرَاهُمَا وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ كَلَامُهُ خِلَافٌ لِلْمُدَوَّنَةِ أَيْ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَقَرَّرَ لِلْمَسَاكِينِ مَكَانَ إصَابَةِ الصَّيْدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ وِفَاقٌ فَهُوَ تَقْيِيدٌ لَهَا انْتَهَى.
وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا يَجْزِي بِغَيْرِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَزَائِدٌ فَيَقُولُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ تَأْوِيلَانِ وَحَاصِلُ إيضَاحِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّيْدُ يُقَوَّمُ بِعَشْرَةِ أَمْدَادٍ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْأَمْدَادَ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَمْدَادِ فِي مَحَلِّ الْإِخْرَاجِ مُسَاوِيَةً لِقِيمَتِهَا فِي مَحَلِّ التَّلَفِ كَأَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ فِي الْمَحَلَّيْنِ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ أَيْ أَوْ تَكُونَ قِيمَتُهَا فِي مَحَلِّ الْإِخْرَاجِ أَكْثَرَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْعَشَرَةَ الْأَمْدَادَ فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَشَرَةِ الْأَمْدَادِ فِي مَحَلِّ الْإِخْرَاجِ أَقَلَّ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ الْعَشَرَةَ الْأَمْدَادَ فَهَذَا بِاتِّفَاقٍ لَا يَجْزِي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ عب وشب تَبَعًا لعج.
(قَوْلُهُ إذْ مَعَ تَسَاوِي الْقِيمَةِ) وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَأَجْزَأَ التَّقْوِيمُ بِغَيْرِهِ إنْ سَاوَى سِعْرَهُ وَإِلَّا فَلَا كَالْإِطْعَامِ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَكَانَ يُقَدَّمُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا يَجْزِي بِغَيْرِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَزَائِدٌ فَيَقُولُ وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ) لَوْ قَالَ، أَوْ صَوْمُ يَوْمٍ لِكُلِّ مُدٍّ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا يُوَافِقُ هَذَا بِجَعْلِ صَوْمِ يَوْمٍ عَطْفًا

الصفحة 374