كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

وَيَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ مَا يُصَادُ بِهِمَا لَا مَا تَوَلَّدَ بِهِمَا وَلَا مَا تَوَطَّنَهُمَا.

(ص) وَلِلْحِلِّ وَضَبٍّ وَأَرْنَبٍ وَيَرْبُوعٍ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ الْقِيمَةُ طَعَامًا (ش) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي خَبَرٌ مُقَدَّمٌ مُبْتَدَؤُهُ الْقِيمَةُ بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا قَتَلَ حَمَامًا فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا وَتَقَدَّمَ إذَا قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَمَّا إذَا قَتَلَ ضَبًّا فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ يَرْبُوعًا فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ جَمِيعَ الطَّيْرِ وَلَوْ بِمَكَّةَ وَالْحَرَمِ خِلَافُ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ طَعَامًا.

(ص) وَالصَّغِيرُ وَالْمَرِيضُ وَالْجَمِيلُ كَغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ مِنْ الصَّيْدِ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ، أَوْ إطْعَامٍ، أَوْ صِيَامٍ كَالْكَبِيرِ وَأَنَّ الْمَرِيضَ فِيمَا ذُكِرَ كَالسَّلِيمِ وَأَنَّ الْجَمِيلَ فِي مَنْظَرِهِ كَالشَّنِيعِ وَأَنَّ الْأُنْثَى كَالذَّكَرِ وَأَنَّ الْمُعَلَّمَ وَلَوْ لِمَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَغَيْرِهِ فَتُقَوَّمُ ذَاتُ الصَّيْدِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ وَلَا تُقَوَّمُ الْأُنْثَى عَلَى أَنَّهَا ذَكَرٌ وَلَا الذَّكَرُ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى، وَإِلَّا لَقَالَ: وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ مَثَلًا وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ: وَالْقَبِيحُ بَدَلَ وَالْجَمِيلُ مَعَ أَنَّهُ مُنَاسِبٌ لِمَا قَبْلَهُ لِاقْتِضَائِهِ خِلَافَ الْمَنْصُوصِ فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ لِأَنَّ الْجَمِيلَ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ لَا الْعَكْسُ الْقَرَافِيُّ وَالْفَرَاهَةُ وَالْجَمَالُ لَا تُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ كَانَ لِلْأَكْلِ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ (ص) وَقُوِّمَ لِرَبِّهِ بِذَلِكَ مَعَهَا (ش) أَيْ قُوِّمَ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ لِشَخْصٍ بِذَلِكَ الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنْ صِغَرٍ وَمَرَضٍ وَغَيْرِهِمَا مَعَ الْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ الْجَزَاءُ فَيُقَوَّمُ لِرَبِّهِ بِدَرَاهِمَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا قُوِّمَ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ صَغِيرًا، أَوْ مَرِيضًا وَلِحَقِّ اللَّهِ بِالطَّعَامِ كَبِيرًا صَحِيحًا.

(ص) وَاجْتَهَدَا وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ فِيهِ (ش) أَيْ حَيْثُ كَانَ لِلْحُكْمَيْنِ دَخْلٌ فَإِنَّهُمَا يَجْتَهِدَانِ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ فَلَا دَخْلَ لَهُمَا فِيهِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ النَّعَامَةَ فِيهَا بَدَنَةٌ وَالْفِيلَ أَيْضًا فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا فَمَا مَحَلُّ الِاجْتِهَادُ فِيمَا رُوِيَ فِيهِ فَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلسِّمَنِ وَالْهُزَالِ فَمَصَبُّ الْحُكْمِ النَّبَوِيِّ الْجِنْسُ وَمَصَبُّ الِاجْتِهَادِ الْأَعْرَاضُ وَالْجُزْئِيَّاتُ اللَّاحِقَةُ كَالسِّمَنِ وَالصِّغَرِ وَالصِّحَّةِ وَالْجَمَالِ وَضِدُّهَا بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً سَمِينَةً أَوْ هَزِيلَةً مَثَلًا لِسِمَنِ النَّعَامَةِ، أَوْ هُزَالِهَا مَثَلًا وَهَكَذَا فَقَوْلُهُ وَاجْتَهَدَا أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَا مَا تَوَلَّدَ بِهِمَا. إلَخْ) أَيْ فَقَطْ أَيْ فَالْمُرَادُ مَا صِيدَ بِهِمَا سَوَاءٌ تَوَلَّدَ بِهِمَا أَمْ لَا

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالْكَبِيرِ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ أَيْ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يُمَاثِلْ مِمَّا يَصِحُّ ضَحِيَّةً كَالْكَبِيرِ أَيْ الَّذِي يَجْزِي ضَحِيَّةً أَيْ بِحَيْثُ إنَّهُ يَجْزِي فِيهِ أَقَلُّ مَا يَصِحُّ ضَحِيَّةً وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْمَرِيضَ كَالسَّلِيمِ أَيْ الْمَرِيضَ الَّذِي لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ضَحِيَّةً كَالسَّلِيمِ أَيْ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَزَاؤُهُ صَحِيحًا يَجْزِي ضَحِيَّةً (قَوْلُهُ وَإِنَّ الْجَمِيلَ فِي مَنْظَرِهِ كَالشَّنِيعِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ جَمَالَتِهِ وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْأُنْثَى كَالذَّكَرِ أَيْ يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ أُنُوثَتِهِ وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْمُعَلَّمَ. . . إلَخْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ تَعَلُّمِهِ وَقَوْلُهُ فَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ ذُكُورَتِهِ أَيْ وَعَنْ تَعَلُّمِهِ مُجَامَلَتُهُ وَقَبَاحَتُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا يُقَوَّمُ إلَخْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ قَاطِعِينَ النَّظَرَ عَنْ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَقَالَ وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ) أَيْ لَوْ كَانَتْ الْأُنْثَى تُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهَا ذَكَرٌ لَقَالَ: وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ مُقْتَضَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْجَمِيلُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْجَمِيلَ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ جَمَالَتِهِ (قَوْلُهُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ يُقَوَّمُ مَقْطُوعًا النَّظَرَ عَنْ جَمَالَتِهِ وَقَبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ وَالْفَرَاهَةُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ فَرُهَ الدَّابَّةُ وَغَيْرُهُ يَفْرَهُ مِنْ بَابِ قَرُبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَهُوَ النَّشَاطُ وَالْخِفَّةُ (قَوْلُهُ وَلِحَقِّ اللَّهِ بِالطَّعَامِ كَبِيرًا صَحِيحًا) أَيْ إذَا كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَصِلْ لِدَرَجَةِ الْإِجْزَاءِ ضَحِيَّةً يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ يَجْزِي ضَحِيَّةً فَإِذَا كَانَ الثَّعْلَبُ صَغِيرًا لَمْ يُكْمِلْ سَنَةً يُخْرِجُ شَاةً كَبِيرَةً أَيْ كَمَّلَتْ سَنَةً فَالْكِبَرُ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ وَإِذَا كَانَ مَرِيضًا أَضْنَاهُ الْمَرَضُ بِحَيْثُ لَا يَجْزِي ضَحِيَّةً يَجِبُ إخْرَاجُ شَاةٍ مَثَلًا صَحِيحَةٍ بِحَيْثُ تَجْزِي ضَحِيَّةً.

(قَوْلُهُ كَالسِّمَنِ وَالصَّغِيرِ) أَيْ أَنَّ الِاجْتِهَادَ يَكُونُ فِي السِّمَنِ وَضِدِّهِ أَيْ الضِّدِّ الَّذِي مَعَهُ الْإِجْزَاءُ، وَاَلَّذِي لَا إجْزَاءَ مَعَهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ (قَوْلُهُ وَالصَّغِيرُ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالْكَبِيرِ فَكَيْفَ يَكُونُ الِاجْتِهَادُ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّغِيرَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ مَثَلًا الثَّعْلَبُ الَّذِي لَمْ يُكْمِلْ سَنَةً يَكُونُ جَزَاؤُهُ شَاةً كَمَّلَتْ سَنَةً وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ لَا أَزْيَدَ وَثَعْلَبٌ كَمَّلَ سَنَتَيْنِ يُخْرِجُ شَاةً كَمَّلَتْ سَنَتَيْنِ وَثَعْلَبٌ كَمَّلَ أَرْبَعَ سِنِينَ يَكُونُ الْوَاجِبُ شَاةً كَذَلِكَ فَمَرْجِعُ الِاجْتِهَادِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقِسْ وَقَوْلُهُ وَالْجَمَالُ لَا يُعْتَبَرُ فَهَذَا لَا يُسَلَّمُ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ هَذِهِ النَّعَامَةَ بَدَنَةٌ سَمِينَةٌ، أَوْ هَزِيلَةٌ) أَيْ هُزَالًا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَأَمَّا الْهُزَالُ الَّذِي يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَخَارِجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ وَقَوْلُهُ وَهَكَذَا أَيْ بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً تَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ وَبِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً صَحِيحَةً أَوْ ضَعِيفَةً لِصِحَّةِ النَّعَامَةِ وَضَعْفِهَا يُرَادُ ضَعْفٌ مَعَهُ إجْزَاءٌ، أَوْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً جَمِيلَةً أَوْ قَبِيحَةً لِجَمَالَةِ النَّعَامَةِ وَقُبْحِهَا تَقَدَّمَ رَدُّهُ ثُمَّ ذَكَرَ مُحَشِّي تت مَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ قَوْلُهُ وَاجْتَهِدَا أَمَرَ الْحَكَمَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ كَانَا مِنْ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لِمَالِكٍ وَزَمَانُهُ زَمَنُ اجْتِهَادٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَكْتَفِيَانِ فِي الْجَزَاءِ بِمَا رُوِيَ وَلْيَبْتَدِئَا الِاجْتِهَادَ وَلَا يَخْرُجَا بِاجْتِهَادِهِمَا عَنْ آثَارِ مَنْ مَضَى اهـ أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَى فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ وَهِيَ دُونَ الْعَنَاقِ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ مُحْتَجًّا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُخْرِجَ مَا لَيْسَ بِهَدْيٍ لِصِغَرِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِاجْتِهَادِهِمَا لَا بِمَا رَوَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي عَنْ السَّلَفِ وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَصِحُّ

الصفحة 376