كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

وُجُوبًا وَقَوْلُهُ: فِيهِ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ وَلَوْ أَسْقَطَ أَحَدَهُمَا كَانَ أَحْسَنَ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ (ص) وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَكَمَيْنِ لَا يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِالْجَزَاءِ إلَّا بَعْدَ تَخْيِيرِهِ فِي أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ إمَّا الْمِثْلُ، أَوْ الْإِطْعَامُ أَوْ الصِّيَامُ فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَمَّا حَكَمَا بِهِ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِهِ وَلْيَحْكُمَا عَلَيْهِ بِهِ هُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا.
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَأَحْرَى قَبْلَهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ الِانْتِقَالُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَرَفَ مَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ أَوْ لَا الْتَزَمَهُ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَوْ لَهُ الِانْتِقَالُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَهُ وَيَلْتَزِمَ بِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ الْكَاتِبِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ تَأْوِيلَانِ لِلشُّيُوخِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا اُبْتُدِئَ (ش) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحُكْمَانِ فِي قَدْرِ مَا حَكَمَا بِهِ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِجَفْرَةٍ مَثَلًا وَقَالَ الْآخَرُ بِعَنْزٍ كَبِيرَةٍ مَثَلًا، أَوْ فِي نَوْعِهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُبْتَدَأُ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً حَتَّى يَقَعَ الِاجْتِمَاعُ عَلَى أَمْرٍ لَا خُلْفَ فِيهِ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْحُكْمُ ثَانِيًا وَثَالِثًا مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِ صَاحِبِهِ؛ وَلِذَلِكَ بَنَى الْمُؤَلِّفُ اُبْتُدِئَ لِلْمَجْهُولِ (ص) وَالْأَوْلَى كَوْنُهُمَا بِمَجْلِسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْحَكَمَانِ وَقْتَ الْحُكْمِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِيَطَّلِعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حُكْمِ صَاحِبِهِ (ص) وَنُقِضَ إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ (ش) أَيْ وَنُقِضَ حُكْمُ الْحَكَمَيْنِ إنْ اتَّضَحَ وَظَهَرَ خَطَؤُهُمَا فِيمَا حَكَمَا فِيهِ كَحُكْمِهِمَا فِي شَيْءٍ فِيهِ بَدَنَةٌ بِشَاةٍ وَبِالْعَكْسِ.

(ص) وَفِي الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ وَلَوْ تَحَرَّكَ، وَدِيَتُهَا إنْ اسْتَهَلَّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ إذَا ضَرَبَ بَطْنَ ظَبْيَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا لَا حَرَكَةَ فِيهِ، أَوْ تَحَرَّكَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَذَلِكَ فِي بَيْضِ الْحَيَوَانِ الْوَحْشِ مُطْلَقًا نَعَمًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَانَ فِيهِ فَرْخٌ أَمْ لَا وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْهُ الْفَرْخَ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ، أَوْ تَحَرَّكَ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا عُشْرُ ثَمَنِ أُمِّهِ وَالْمُرَادُ بِالْبَيْضِ غَيْرُ الْمَذِرِ، وَأَمَّا الْمَذِرُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَسَرَهُ فَقَوْلُهُ وَفِي الْجَنِينِ أَيْ وَالْوَاجِبُ فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْجَنِينِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعُدُولُ عَنْهُ كَمَا فِي الضَّبُعِ أَنَّهُ قَضَى فِيهِ بِكَبْشٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَكْتَفِيَانِ بِحُكْمِ مَنْ حَكَمَ بِذَلِكَ مِنْ السَّلَفِ فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ لَمْ يَكْتَفِ الْحَكَمَانِ بِمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ قُلْت لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ بِاجْتِهَادِهِمَا لَا بِمَا رُوِيَ إنَّمَا هُوَ إذَا وَقَعَ بَيْنِ الصَّحَابَةِ أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ خِلَافٌ، وَأَمَّا إذَا اتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَحِلُّ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا فِي غَيْرِهِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَكْتَفِيَانِ فِي الْجَزَاءِ بِمَا رُوِيَ وَلْيَبْتَدِئَا الِاجْتِهَادَ وَلَا يَخْرُجَانِ بِاجْتِهَادِهِمَا عَنْ أَثَرِ مَنْ مَضَى وَكَذَلِكَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا يُكْتَفَى فِي الْجَرَادِ وَلَا فِي غَيْرِهِ أَوْ النَّعَامَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ فَمَا دُونَهَا بِاَلَّذِي جَاءَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَأْتَنِفَا فِيهِ الْحُكْمَ وَلَا يَخْرُجَا عَمَّا مَضَى انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ اجْتِهَادَهُمَا فِيمَا يَجِبُ لَا فِي السِّمَنِ وَالْهُزَالِ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ لَا يَتَعَارَضَانِ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِمَا أَنْ يَأْتِيَا بِمَا يُجْزِئُ فِي الضَّحِيَّةِ وَهُنَا أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا الْحُكْمُ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ حَتَّى فِي الْمَرْوِيِّ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ كَلَامُ السَّلَفِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: يَحْكُمُ بِهِ فَأَتَى بِالْمُضَارِعِ الدَّالِّ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَوَقَعَ فِي الْآيَةِ جَوَابُ الشَّرْطِ فَيَخْلُصُ لِلِاسْتِقْبَالِ ثَانِيهِمَا إذَا حَكَمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي مَحَلِّهِ فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ فِي النَّعَامَةِ إذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ بَدَنَةٌ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ شَائِعٌ قَدِيمٌ قَدْ تَكَرَّرَ حُكْمُ الْأَئِمَّةِ بِهِ وَفَتْوَى الْعُلَمَاءِ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا وَتَكَرُّرِ الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.
اُنْظُرْهُ فَتَجِدْ قَوْلَهُ ثَانِيهِمَا يُضَارِبُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا) قَالَ فِيهَا إنْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِالْجَزَاءِ فَأَرَادَ بَعْدَ حُكْمِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الطَّعَامِ أَوْ الصِّيَامِ فَحَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ هُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا فَذَلِكَ لَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَهُ وَيَلْتَزِمَ بِهِ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِالْتِزَامَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ: بِجَفْرَةٍ) الْأُنْثَى مِنْ الْمَعَزِ الَّتِي بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ كَحُكْمِهِمَا فِيمَا) احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ حَكَمَا فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعَزِ الَّتِي لَمْ تُكْمِلْ سَنَةً كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا أَقُولُ فِي شَيْءٍ قَضَى بِهِ عُمَرُ أَنَّهُ يُرَدُّ وَقَالَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ إذَا قَضَى قَاضٍ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ مَضَى وَلَمْ يُرَدَّ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ انْتَهَى.
ك وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ النَّقْضُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنَّ الْجَزَاءَ لَا بُدَّ أَنْ يَبْلُغَ سِنَّ الْأُضْحِيَّةِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَفِي الْجَنِينِ) أَيْ أَنَّ فِي كُلِّ جَنِينٍ عُشْرَ دِيَةِ أُمِّهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ كَالتَّوْأَمَيْنِ بِضَرْبَةٍ، أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَالْبَيْضُ) وَلَوْ أَتْلَفَ اثْنَيْنِ مَعًا فَأَكْثَرَ فِي فَوْرٍ أَوْ فِي ضَرْبَةٍ وَلَوْ وَصَلَ لِعَشْرَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ لَوْ كَسَرَ عَشْرَ بَيْضَاتٍ فَفِي كُلِّ بَيْضَةٍ وَاجِبُهَا لَا شَاةٌ عَنْ جُمْلَتِهَا؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَنْ قَتَلَ مِنْ الْيَرَابِيعِ مَا يَبْلُغُ قَدْرَ شَاةٍ فَلَا يُجْمَعُ فِيهَا.
(قَوْلُهُ إنْ اسْتَهَلَّ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الِاسْتِهْلَالِ سَائِرُ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْحَيَاةُ كَكَثْرَةِ الرَّضْعِ فِيمَا يُرْضِعُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالْبَيْضُ أَنَّ فِيهِ الْعُشْرَ مِنْ غَيْرِ حُكُومَةٍ كَانَ بَيْضَ حَمَامِ حَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ عَدْلَيْنِ قَالَ إنَّهُ مِنْ بَابِ الصَّيْدِ انْتَهَى. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ حَمَامُ الْحَرَمِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْجَزَاءِ الْحُكُومَةُ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْهُ حَمَامُ الْحَرَمِ لِقَضَاءِ عُثْمَانَ فِيهِ بِالشَّاةِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ وَمِنْهُ الْبَيْضُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَذِرُ) وَكَذَا فِيمَا يَظْهَرُ مَا اخْتَلَطَ صَفَارُهُ بِبَيَاضِهِ أَوْ وُجِدَ فِي صَفَارِهِ نُقْطَةُ دَمٍ لِعَدَمِ تَخَلُّقِ فَرْخٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَرَدَّ مَا قَالَهُ شب فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَاطِ

الصفحة 377