كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ (ش) وَمَفْهُومُهُ إنْ تَأَخَّرَ النَّقْصُ عَنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَتَرْكِ مُزْدَلِفَةَ، أَوْ رَمْيٍ أَوْ حَلْقٍ، أَوْ مَبِيتِ مِنًى أَوْ وَطْءٍ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ لَا يُطْلَبُ بِصَوْمِ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَصُومُ مَتَى شَاءَ.

(ص) وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى (ش) سَبْعَةٍ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَيْ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الْهَدْيِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى، وَبِهِ فَسَّرَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْله تَعَالَى {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفَسَّرَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِالرُّجُوعِ إلَى الْأَهْلِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَشْهُورُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ الْحَجُّ لَا السَّفَرُ فَالرُّجُوعُ إذًا مِنْ الْحَجِّ لَا مِنْ السَّفَرِ فَصَوَابُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ تت فِي قَوْلِهِ وَسَبْعَةٍ. . . إلَخْ وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ. . . إلَخْ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَامَ بِمَكَّةَ فَهُوَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا لَمْ يُقِمْ بِمَكَّةَ وَالْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى الْفَرَاغُ مِنْ الرَّمْيِ لِيَشْمَلَ أَهْلَ مِنًى، أَوْ مَنْ أَقَامَ بِهَا (ص) وَلَمْ تُجْزِ إنْ قُدِّمَتْ عَلَى وُقُوفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّبْعَةَ الْأَيَّامَ إذَا صَامَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَمْ تُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ صَامَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا وَلَا تُجْزِئُ أَيْضًا إنْ قُدِّمَتْ عَلَى رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى وَهَلْ يُجْتَزَى مِنْهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ لَا فِيهِ كَلَامٌ لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ يُونُسَ.
(ص) كَصَوْمٍ أَيْسَرَ قَبْلَهُ أَوْ وَجَدَ مُسَلِّفًا لِمَالٍ بِبَلَدِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَيْسَرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَكَذَا لَوْ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ ثَمَنَ هَدْيٍ وَهُوَ مَلِيءٌ بِبَلَدِهِ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا، أَوْ لَا مَالَ لَهُ بِبَلَدِهِ صَامَ وَلَا يُؤَخِّرُ لِبَلَدِهِ وَلَا الْمَالُ يَرْجُوهُ بَعْدَ خُرُوجِ أَيَّامِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالصَّوْمِ فِيهَا فَلَا سَعَةَ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ (ص) وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ (ش) ضَمِيرٌ لَهُ يَرْجِعُ لِلْهَدْيِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَيْسَرَ بَعْدَ أَنْ صَامَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ الصَّوْمُ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْهَدْيِ وَلَوْ قَالَ: وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ قَبْلَ كَمَالِ ثَالِثِهِ لَكَانَ أَوْضَحَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّهُ بَعْدَ يَوْمٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ يَوْمٍ لَاقْتَضَى أَنَّهُ بَعْدَ أَكْثَرَ لَا يُنْدَبُ الرُّجُوعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ بَعْدَ أَنْ صَامَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ؛ لِأَنَّهَا جَمْعٌ فَهِيَ قَسِيمَةُ السَّبْعَةِ فِي الْعَشْرِ فَكَانَتْ كَالنِّصْفِ.

(ص) وَوُقُوفُهُ بِهِ الْمَوَاقِفَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: وَنُدِبَ إبِلٌ إلَخْ.
وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ أَنْ يُوقِفَ هَدْيُهُ مَعَهُ الْمَوَاقِفَ التَّابِعَةَ لِعَرَفَةَ كَالْمُزْدَلِفَةِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَأَمَّا وُقُوفُهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ فَوَاجِبٌ وَإِنْ شِئْت حَمَلْت الْمَوَاقِفَ عَلَى مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ أَيْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهَا مُسْتَحَبٌّ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ وَاجِبٌ وَإِنَّمَا عُدَّتْ مِنًى مِنْ الْمَوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ يَقِفُ فِيهَا عَقِبَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَالنَّحْرُ بِمِنًى إنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَوَقَفَ بِهِ هُوَ، أَوْ نَائِبُهُ كَهُوَ بِأَيَّامِهَا (ش) النَّحْرُ مُبْتَدَأٌ وَبِمِنًى مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ أَيْ وَالنَّحْرُ مَنْدُوبٌ بِمِنًى بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْهَدْيُ مَسُوقًا فِي إحْرَامِ حَجٍّ سَوَاءٌ كَانَ نَقْصُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQنَقْصٌ، ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهَا وَإِنْ بِقِرَانٍ (قَوْلُهُ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ) لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِحَجٍّ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْوُقُوفِ قَدْ يَكُونُ فِي عُمْرَةٍ أَيْضًا كَمَا إذَا كَانَ مُتَمَتِّعًا، أَوْ قَارِنًا (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ إنْ تَأَخَّرَ النَّقْصُ) وَسَكَتَ عَمَّا وَجَبَ فِي يَوْمِ الْوُقُوفِ وَلَكِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا وَجَبَ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْهَا بِالرُّجُوعِ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى الرُّجُوعِ لِلْأَهْلِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] لِيَأْتِيَ بِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعَ لِأَهْلِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّعْجِيلُ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَجْتَزِي مِنْهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَالَ مَالِكٌ لَوْ نَسِيَ الثَّلَاثَةَ حَتَّى صَامَ السَّبْعَةَ فَإِنْ وَجَدَ هَدْيًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُهْدِيَ وَإِلَّا صَامَ وَقَوْلُهُ فِيهِ كَلَامٌ لَلتُّونِسِيِّ أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ أَيْ التُّونُسِيُّ فَسَّرَ كَلَامَ مَالِكٍ بِأَنَّهُ لَا يَجْتَزِي مِنْهَا بِشَيْءٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ وَابْنُ يُونُسَ يَقُولُ يُكْتَفَى مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ كَذَا يُفْهَمُ مِنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ، وَأَمَّا لَوْ صَامَ الْعَشَرَةَ قَبْلَ رُجُوعِهِ فَإِنَّهُ يَجْتَزِي مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّبْعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ جُزْءُ الْعَشَرَةِ فَتَنْدَرِجُ فِيهَا وَقَسِيمَةُ السَّبْعَةِ فَلَا تَنْدَرِجُ فِيهَا (قَوْلُهُ كَصَوْمٍ أَيْسَرَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ كَمَالِ يَوْمِهِ فَلَا يَجْزِيهِ الصَّوْمُ بَلْ يَرْجِعُ لِلْهَدْيِ لِأَنَّهُ صَارَ وَاجِبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ (قَوْلُهُ لِمَالٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ مُتَعَلِّقٌ بِوَجَدَ أَيْ أَوْ وَجَدَ مُسَلِّفًا مَعَ مَالٍ، أَوْ أَنَّ الْمَالَ مُتَعَلِّقٌ بِمُسَلِّفٍ وَقَوْلُهُ بِبَلَدِهِ إمَّا صِفَةٌ لِمَالٍ أَيْ مَالٌ كَائِنٌ بِبَلَدِهِ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَصِيرُ لِيَأْخُذَهُ بِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ لَمْ يُطَالَبْ بِالرُّجُوعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَصَحَّ وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ اتِّصَالَ الثَّلَاثَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَاتِّصَالَ السَّبْعَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَاتِّصَالَ السَّبْعَةِ بِالثَّلَاثَةِ مُسْتَحَبٌّ.

(قَوْلُهُ وَوُقُوفُهُ بِهِ الْمَوَاقِفَ) هَذَا فِيمَا يُنْحَرُ أَوْ يُذْبَحُ بِمِنًى، وَأَمَّا مَا يُنْحَرُ، أَوْ يُذْبَحُ بِمَكَّةَ فَالشَّرْطُ فِيهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيَكْفِي وُقُوفُهُ بِهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ (قَوْلُهُ كَالْمُزْدَلِفَةِ) رَدَّهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بَلْ الْمُزْدَلِفَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْمَوَاقِفِ وَإِنَّمَا هِيَ مَبِيتٌ وَشَارِحُنَا تَبِعَ بَهْرَامَ وتت (قَوْلُهُ وَأَمَّا وُقُوفُهُ بِهِ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ فَوَاجِبٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُسْتَحَبٌّ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ.

(قَوْلُهُ وَالنَّحْرُ بِمِنًى) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا نَهَارًا وَلَوْ عَبَّرَ بِالذَّكَاةِ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي حَجٍّ) أَيْ مَعَ حَجٍّ (قَوْلُهُ كَهُوَ) أَيْ فَهُوَ كَهُوَ، أَوْ حَالَةَ كَوْنِهِ كَائِنًا كَهُوَ وَهُوَ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّائِبِ النَّائِبُ الشَّرْعِيُّ وَلَا يَكُونُ نَائِبًا شَرْعِيًّا إلَّا إذَا وَقَفَ بِهِ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مُطْلَقَ نَائِبٍ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَهُوَ أَنْ يَقِفَ بِهِ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ فَيَحْتَاجُ لَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: أَوْ نَائِبُهُ عَنْ وُقُوفِ التُّجَّارِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا نَائِبِينَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُمْ وَيَأْذَنَ لَهُمْ فِي الْوُقُوفِ بِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ وَالنَّحْرُ مَنْدُوبٌ) ذَكَرَ تت أَنَّ الذَّبْحَ بِمِنًى مَعَ

الصفحة 379