كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

وَخَوْفًا وَمُسْتَخْلَفًا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ أَحَدُهَا: إذَا كَانَ إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَيْهِ لِانْفِرَادِهِ وَعَلَيْهِمْ لِبُطْلَانِهَا عَلَيْهِ. ثَانِيهَا: الْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ يَجْمَعُ وَحْدَهُ وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا خُصُوصِيَّةٌ لِلْإِمَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْجُمُوعِ كَالْجَمْعِ بِعَرَفَةَ وَغَيْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ إذْ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْمَعَ فِيهَا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَلْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مُشْتَرَطَةٌ لِكُلٍّ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ أَوْ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى وَأَمَّا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فَقِيلَ: تَكُونُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ لِظُهُورِ أَثَرِ الْجَمْعِ فِيهَا. وَقِيلَ: فِي الصَّلَاتَيْنِ إذْ لَا يُعْقَلُ الْجَمْعُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ انْتَهَى. وَالْمَشْهُورُ الثَّانِي فَلَوْ تَرَكَ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأَوَّلِ وَبَطَلَتَا مَعًا عَلَى الثَّانِي. ثَالِثُهَا: الصَّلَاةُ فِي الْخَوْفِ الَّذِي أُدِّيَتْ فِيهِ عَلَى هَيْئَتِهَا بِطَائِفَتَيْنِ إذْ لَا تَصِحُّ كَذَلِكَ إلَّا بِجَمَاعَةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ بَطَلَتْ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ وَعَلَى الْإِمَامِ. رَابِعُهَا: الْإِمَامُ الْمُسْتَخْلَفُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ نِيَّةِ الْإِمَامِيَّةِ والْمَأْمُومِيَّةِ إذْ شَرْطُ الِاسْتِخْلَافِ أَنْ يَكُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ جَمَاعَةٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ إلَّا وَاحِدٌ لَمْ يَصِحَّ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، غَايَتُهُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَوْنَهُ خَلِيفَةَ الْإِمَامِ مَعَ كَوْنِهِ مَأْمُومًا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِلتَّلَاعُبِ. وَأَمَّا صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ فَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِالْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَمَّا كَانَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِي الْأَرْبَعِ السَّابِقَةِ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا بِحَيْثُ تَنْعَدِمُ بِعَدَمِهِ، وَفَضْلُ الْجَمَاعَةِ كَذَلِكَ يَنْعَدِمُ حُصُولُ الْفَضْلِ لِلْإِمَامِ بِعَدَمِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ نَفْسِهَا، وَالتَّشْبِيهُ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ صَحَّ تَشْبِيهُهُ بِهَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بِقَوْلِهِ " كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ " أَيْ: شَرْطُ حُصُولِ الْفَضْلِ لِلْإِمَامِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ سَوَاءٌ كَانَ رَاتِبًا أَمْ غَيْرَهُ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ. وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُ " كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ " خِلَافُ قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَأَنَّ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ يَحْصُلُ لِلْإِمَامِ أَيْضًا وَلَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ.
(ص) وَمُسَاوَاةٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ بِأَدَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ بِظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ. (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى نِيَّتِهِ أَيْ: وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ وَمُسَاوَاةٌ وَمُتَابَعَةٌ أَيْ: مُسَاوَاةٌ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ الْمُقْتَدَى بِهِ فِيهَا إلَّا مَا يَسْتَثْنِيهِ بَعْدُ فَلَا يُصَلَّى فَرْضٌ خَلْفَ نَفْلٍ وَظَاهِرُهُ لَا يُصَلِّي نَاذِرُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ خَلْفَ مُفْتَرِضٍ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ خَلْفَ فَرْضٍ مُغَايِرٍ لَهُ، وَأَمَّا الْمَنْذُورَةُ خَلْفَ النَّافِلَةِ فَلَا تَصِحُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَازِرِيِّ تَرَدَّدَ أَصْحَابُنَا فِي نَاذِرِ رَكْعَتَيْنِ صَلَّاهُمَا خَلْفَ مُتَنَفِّلٍ وَأَجْرَاهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَلَى إمَامَةِ الصَّبِيِّ، وَرُدَّ بِاتِّحَادِ نِيَّةِ الْفَرْضِ وَلَا يُصَلَّى ظُهْرٌ خَلْفَ عَصْرٍ وَلَا عَكْسُهُ فَلَوْ ظَنَّ الْمُسَاوَاةَ فَأَحْرَمَ فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ كَظَانِّ الْإِمَامِ فِي ظُهْرٍ فَأَحْرَمَ فَإِذَا هُوَ فِي عَصْرٍ فَقِيلَ: يَقْطَعُ وَيَسْتَأْنِفُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَضْلِ الْجَمَاعَةِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يَنْوِيَ الِانْفِرَادَ.
(قَوْلُهُ: نِيَّةَ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى) فَلَوْ تَرَكَهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ) أَيْ: فِيهِمَا فَإِنْ تَرَكَهَا فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا قَبْلَ الشَّفَقِ أَيْ: لِلْفَصْلِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الَّتِي بَطَلَتْ، وَأَمَّا إنْ تَرَكَهَا فِي الْأُولَى وَنِيَّتُهُ الْجَمْعُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ إذْ صِحَّتُهَا مَشْرُوطَةٌ بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ هَذَا مَا أَفَادَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ) وَذَكَرَ عج خِلَافَهُ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِكَوْنِهِ مُسْتَخْلَفًا يَقْتَضِي نِيَّتَهَا فَعَدَمُهَا يُنَافِيهِ دُونَهُمْ لِجَوَازِ إتْمَامِهِمْ أَفْذَاذًا وَلَا يَضُرُّهُمْ فِي ذَلِكَ اقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ. وَفِي الْبَرْمُونِيِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ بَاطِلَةٌ وَأَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ فَصَحِيحَةٌ فِي الِاسْتِخْلَافِ. غَايَتُهُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ وَتَبْطُلُ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ وَلَمْ يُعْزَ كُلٌّ لِنَقْلٍ وَالْقِيَاسُ بُطْلَانُهَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ لِرَبْطِ صَلَاتِهِمْ بِصَلَاتِهِ حِينَ الِاسْتِخْلَافِ. (قَوْلُهُ: لِتَلَاعُبِهِ) أَيْ: لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ خَلِيفَةً يُنَافِي كَوْنَهُ مُلَاحِظًا أَنَّهُ مَأْمُومٌ، وَمُلَاحَظَةُ أَنَّهُ مَأْمُومٌ تُنَافِي كَوْنَهُ خَلِيفَةَ الْإِمَامِ. نَقُولُ: كَذَا رِضَاهُ بِالِاسْتِخْلَافِ نِيَّةُ إمَامَةٍ فَعَدَمُ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ مُنَافٍ لَهُ فَهُوَ تَلَاعُبٌ فَقَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ. زَادَ فِي ك فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ قَصْدِهِ الْإِمَامَةَ رَفْضَ الْمَأْمُومِيَّةِ. (قَوْلُهُ: إنْ اقْتَدَوْا بِالْإِمَامِ) الْأَحْسَنُ بِالْمُسْتَخْلَفِ. (قَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ) أَيْ: إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا نَوَى الِانْفِرَادَ ثُمَّ جَاءَ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ حَصَلَ لِلْمَأْمُومِ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ) وَهُوَ عَدَمُ شَيْءٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَجْهٌ وَعَدَمَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَجْهٌ آخَرُ وَعَدَمَ شَيْءٍ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْمُرَادُ.
(تَنْبِيهٌ) : أَلْزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ أَنْ يُعِيدَ الْإِمَامُ فِي جَمَاعَةٍ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا أَحَدَ يَقُولُ بِذَلِكَ وَالْأَرْجَحُ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالظَّاهِرُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ فَمَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ فَدَخَلَ مَعَهُ آخَرُ فَنَوَى أَنْ يَؤُمَّهُ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى إمَامَةِ الصَّبِيِّ) أَيْ: وَإِمَامَةُ الصَّبِيِّ الْبَالِغِينَ فِي الْفَرْضِ فِيهَا قَوْلَانِ بِالصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ وَالرَّاجِحُ الْبُطْلَانُ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِاتِّحَادِ) أَيْ: بِأَنَّ هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ فَإِنَّ إمَامَةَ الصَّبِيِّ نِيَّةَ الْفَرْضِ مُتَّحِدَةٌ وَنُوقِشَ بِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَنْوِي الْفَرْضَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمَوْصُوفَةِ بِكَوْنِهَا فَرْضًا فِي الْجُمْلَةِ أَوْ الْمُرَادُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَأْنِفُ) أَيْ: الصَّلَاتَيْنِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ. (أَقُولُ) ذَكَرَ عب فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْعَصْرُ وَعَلَيْهِ الظُّهْرُ فَقِيلَ: يَخْرُجُ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ وَقِيلَ: يَدْخُلُ مَعَهُ حِينَئِذٍ بِنِيَّةِ النَّفْلِ أَرْبَعًا اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْحَطَّابِ وَيَسْتَأْنِفُ

الصفحة 38