كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

الَّذِي نَشَأَ عَنْهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنْ كَانَ الْهَدْيُ سِيقَ فِي إحْرَامِ حَجٍّ سَوَاءٌ وَجَبَ لِنَقْصٍ فِيهِ، أَوْ فِي عُمْرَةٍ، أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ فَإِنْ سَبَقَ فِي إحْرَامِ عُمْرَةٍ فَمَحَلُّهُ مَكَّةُ الثَّانِي أَنْ يَقِفَ بِهِ صَاحِبُهُ، أَوْ مَنْ أَقَامَهُ صَاحِبُهُ مَقَامَ نَفْسِهِ بِعَرَفَةَ سَاعَةَ لَيْلَةِ النَّحْرِ الثَّالِثُ أَنْ يَنْحَرَ، أَوْ يَذْبَحَ بِأَيَّامِ مِنًى وَهِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ فَتَجَوَّزَ الْمُؤَلِّفُ فِي أَيَّامِ مِنًى فَإِنَّهَا تَشْمَلُ الْيَوْمَ الرَّابِعَ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلنَّحْرِ وَلَا لِلذَّبْحِ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَلَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ مِنًى وَجَبَ النَّحْرُ بِمَكَّةَ وَلَا يَجْزِي بِمِنًى وَالْأَفْضَلُ فِيمَا ذُبِحَ بِمِنًى أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَلَا يَجُوزُ النَّحْرُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى.
(ص) وَإِلَّا فَمَكَّةُ (ش) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ انْخَرَمَتْ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ، أَوْ بَعْضُهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَهُ مَعَ إحْرَامِ حَجٍّ بَلْ بِإِحْرَامِ عُمْرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ، أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ سَاقَهُ لَا مَعَ إحْرَامٍ، أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، أَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَمَحَلُّهُ مَكَّةُ الْبَلَدُ وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَأَفْضَلُهَا الْمَرْوَةُ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمَرْوَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ» فَقَوْلُهُ مَكَّةُ مَحَلَّةً لَا غَيْرَهَا فَإِنْ نَحَرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا إلَّا أَنَّهُ مِنْ لَوَاحِقِهَا فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَنَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْزِيهِ بِذِي طُوًى (ص) وَأَجْزَأَ إنْ أَخْرَجَ لِحِلٍّ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ فِي الْهَدْيِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَإِذَا فَاتَ الْهَدْيَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَنْحَرُهُ، أَوْ يَذْبَحُهُ بِمَكَّةَ، وَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحِلِّ فَلَا بُدَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْحَرَمَ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى الْحِلِّ ثُمَّ يُدْخِلَهُ إلَى الْحَرَمِ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَالتَّطَوُّعِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بِهِ صَاحِبَهُ أَوْ نَائِبَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبْعُوثِ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا وَلِذَا بَنَى قَوْلَهُ: أُخْرِجَ لِلْمَجْهُولِ.
(ص) كَأَنْ وَقَفَ بِهِ فَضَلَّ مُقَلَّدًا وَنُحِرَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْإِجْزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ بِعَرَفَةَ فَوَجَدَهُ رَجُلٌ فَنَحَرَهُ بِمِنًى؛ لِأَنَّهُ رَآهُ هَدْيًا، ثُمَّ وَجَدَهُ رَبُّهُ مَنْحُورًا أَجْزَأَهُ فَقَوْلُهُ: كَأَنْ وُقِفَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ مَا أَوْقَفَهُ رَبُّهُ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ مُقَلَّدًا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِلْهَدْيِ فَيَتَنَازَعُ فِيهِ الْفِعْلَانِ قَبْلَهُ وَنُحِرَ مَعْطُوفٌ عَلَى وَقَفَ أَيْ وَجَدَهُ بِمَحَلٍّ يَجْزِي نَحْرُهُ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ وَجَدَهُ بِمَحَلٍّ لَا يُجْزِئُ ذَكَاتُهُ فِيهِ كَأَنْ وَجَدَ مَا يَجِبُ نَحْرُهُ بِمَكَّةَ بِمِنًى فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا مَعَ تَحَقُّقِ نَحْرِهِ وَلَا يَدْرِي مَعَ ذَلِكَ هَلْ نُحِرَ فِي مَحَلٍّ يُجْزِئُ نَحْرُهُ فِيهِ أَمْ لَا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مُجْزِئٌ وَلَوْ ضَلَّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِهِ وَوُجِدَ بِمَكَّةَ مُذَكًّى أَجْزَأَ حَيْثُ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ.

(ص) وَفِي الْعُمْرَةِ بِمَكَّةَ (ش) أَيْ وَفِي الْهَدْيِ الْمَسُوقِ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ سَوَاءٌ وَجَبَ لِنَقْصِهَا، أَوْ لِنَقْصِ حَجٍّ أَوْ كَانَ جَزَاءَ صَيْدٍ، أَوْ نَذْرٍ أَوْ سَاقَهُ تَطَوُّعًا يُنْحَرُ أَوْ يُذْبَحُ بِمَكَّةَ بَعْدَ سَعْيِهَا فَلَا يُجْزِئُ تَقْدِيمُهُ عَلَى سَعْيِهَا كَمَا أَنَّ الْهَدْيَ الْمَسُوقَ فِي الْحَجِّ لَا تُجْزِئُ ذَكَاتُهُ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ وَأَعَادَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَمَكَّةُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (بَعْدَ سَعْيِهَا) وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ حَلَقَ) إلَى أَنَّ الْحَلْقَ يُؤَخَّرُ عَنْ ذَكَاةِ الْهَدْيِ الْمَسُوقِ فِي الْعُمْرَةِ.

(ص) وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتٍ، أَوْ لِحَيْضٍ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ لِقِرَانِهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْهَدْيَ يَجِبُ بِالتَّقْلِيدِ أَوْ الْإِشْعَارِ فَإِذَا أَحْرَمَ الْإِنْسَانُ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ مَعَهُ هَدْيًا تَطَوُّعًا وَقَدْ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ، ثُمَّ خَافَ إنْ تَشَاغَلَ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ فَاتَهُ الْحَجُّ، أَوْ حَاضَتْ وَخَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ فَإِنَّهُمَا يُرْدِفَانِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ وَاجِبٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا ذَكَرَهُ مُحَشِّيهِ وَنَصُّ تت وَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ لَمْ يَجُزْ النَّحْرُ بِمَكَّةَ. . إلَخْ لَمْ يَجُزْ بِضَمِّ الْجِيمِ مِنْ الْجَوَازِ وَإِذَا وَقَعَ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ وَغَيْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ فَقَوْلُ الْحَطَّابِ يُسْتَحَبُّ النَّحْرُ بِمِنًى عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَكَّةُ) أَيْ وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الذَّبْحَ بِهَا صَبَرَ لِقَابِلٍ وَذَبَحَهُ بِمِنًى قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ) أَيْ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْهَا إلَّا أَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهَا إلَّا أَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَإِنْ نَحَرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا وَكَأَنَّهُ هُنَا مَشَى عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمَرْوَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ» ) مَفْعَلٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْحَاءِ وَقَوْلُهُ: وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ كَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فَجٍّ وَقَوْلُهُ وَطُرُقِهَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ الطُّرُقُ الدَّاخِلَةُ فِيهَا لَا الْمُوصِلَةُ إلَيْهَا وَهَذَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا الْمَنْحَرُ أَيْ الْأَفْضَلُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بِهِ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرَ نَائِبِهِ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَقَفَ بِهِ) بِفَتْحِ أَنْ أَيْ كَوُقُوفِهِ بِهِ تَشْبِيهٌ فِي الْإِجْزَاءِ فَكَافُ التَّشْبِيهِ دَاخِلَةٌ عَلَى اسْمٍ تَأْوِيلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى اسْمٍ صَرِيحًا أَوْ تَأْوِيلًا، وَأَمَّا قِرَاءَتُهَا بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنْ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ وَالْجَوَابُ مَا فِي الْكَافِ مِنْ مَعْنَى التَّشْبِيهِ فَلَا يَظْهَرُ لِمَا قُلْنَا فَلَوْ لَمْ يَقِفْ بِهِ بِعَرَفَةَ وَضَلَّ مُقَلَّدًا ثُمَّ وَجَدَهُ مُذَكًّى بِمِنًى فَلَا يُجْزِئُهُ كَمَا إذَا ضَلَّ قَبْلَ الْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَوُجِدَ مُذَكًّى بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ) تَقْدِيمُهُ عَلَى سَعْيِهَا أَيْ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ سَعْيِهَا.

(قَوْلُهُ أَيْ وَفِي الْهَدْيِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ وَالْهَدْيُ الْمَسُوقُ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدَ سَعْيِهَا) أَيْ فَهُوَ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ حَلَقَ) أَتَى بِثُمَّ التَّرْتِيبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ فِي الْعُمْرَةِ يَكُونُ بَعْدَ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ يُؤَخَّرُ عَنْ ذَكَاةِ الْهَدْيِ) أَيْ اسْتِحْبَابًا فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى ذَكَاةِ الْهَدْيِ لَكَانَ مَكْرُوهًا لَا خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا ذَكَرُوا.

(قَوْلُهُ وَقَدْ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ) أَيْ وَلَوْ لِلْعُمْرَةِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُقَلَّدْ وَلَمْ يُشْعَرْ خِلَافًا لِقَوْلِ الْبِسَاطِيِّ إنَّ الْإِجْزَاءَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُقَلِّدْ أَوْ يُشْعِرْ لِلْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِرْدَافِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُرْدِفَةِ لِحَيْضٍ أَنْ تَعْتَمِرَ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ الْقِرَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَاضَتْ. . . إلَخْ) أَقُولُ لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ أَوْ لِحَيْضٍ لَكَانَ أَخْصَرَ لِدُخُولِهِ فِي الْفَوَاتِ

الصفحة 380