كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَذْكُرُ الظُّهْرَ وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْعَصْرِ يَتَمَادَى هَذَا إلَى تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ ثَلَاثٍ شَفَعَهَا بِأُخْرَى. قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَكَمَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ إذَا حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ الْمُقْتَدِي فِيهَا لِصَلَاةِ إمَامِهِ كَمَا مَرَّ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَيْضًا إذَا اتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ لَكِنْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ كَظُهْرِ أَمْسِ خَلْفَ ظُهْرِ الْيَوْمِ وَعَكْسِهِ أَوْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ بِظُهْرَيْنِ مَثَلًا فَاثْنَتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ فَلَا يُصَلِّي قَاضِي ظُهْرِ السَّبْتِ خَلْفَ قَاضِي ظُهْرِ الْأَحَدِ وَلَا عَكْسُهُ، وَيُعِيدُ الْمَأْمُومُ. فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ " وَمُسَاوَاةٌ " أَيْ: فِي الصَّلَاةِ أَيْ: فِي عَيْنِهَا وَفِي زَمَنِهَا وَفِي صِفَتِهَا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً.
فَقَوْلُهُ " وَإِنْ بِأَدَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ " مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ " وَمُسَاوَاةٌ فِي الصَّلَاةِ " أَيْ: فَإِنْ حَصَلَتْ مُخَالَفَةٌ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ وَإِنْ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بِأَدَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بِسَبَبِ ظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِظُهْرَيْنِ وَلَوْ عَبَّرَ بِصَلَاتَيْنِ كَانَ أَعَمَّ. وَفِي تَقْرِيرِ الشَّارِحِ الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ لِقَوْلِهِ " أَوْ بِظُهْرَيْنِ " بِالصِّحَّةِ بُعْدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَالصَّوَابُ مَا فِي الصَّغِيرِ. (ص) إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ. (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ " وَمُسَاوَاةٌ فِي الصَّلَاةِ " أَيْ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَّحِدَ فَرْضُهُمَا إلَّا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِارْتِفَاعِ رُتْبَةِ الْفَرْضِ عَنْ النَّفْلِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ أَوْ فِي سَفَرٍ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا خَلْفَ أَخِيرَتَيْ الظُّهْرِ وَلَا يُصَلِّي النَّافِلَةَ أَرْبَعًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَيْ: إنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاقْتِدَاءِ بِالْوَاصِلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاتَيْنِ أَيْ: خَارِجَ الْمَسْجِدِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَمَادَى إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ وَمَا هُنَا يَتَمَادَى إلَى تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَإِلَّا شَفَعَهَا بِأُخْرَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ التَّمَادِي إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ أَنْ يَتَمَادَى هَذَا إلَى تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ. إنَّمَا هُوَ إتْيَانٌ فِي الْجُمْلَةِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِلَّا تَمَادَى لِتَمَامِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ مُخَالِفَةٌ لِنِيَّةِ الْمَأْمُومِ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ بِالْقَطْعِ فَقَدْ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَلَا يُقَاسُ عَلَى مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ خَلْفَ الْإِمَامِ ثُمَّ يَذْكُرُ الظُّهْرَ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ مُوَافِقَةٌ لِنِيَّةِ إمَامِهِ بِخِلَافِ تِلْكَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَقَوْلُهُ: فِي الَّذِي يَذْكُرُ الظُّهْرَ. حَالٌ مِنْ مَا فِي قَوْلِهِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الْحُكْمِ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَارِدًا فِي شَأْنِ الَّذِي يَذْكُرُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: يَتَمَادَى الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْحَدَثُ. وَهُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ التَّمَادِي وَقَوْلُهُ: أَنْ يَتَمَادَى خَبَرُ الَّذِي. (قَوْلُهُ: حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ كَاقْتِدَاءِ مَالِكِيٍّ فِي ظُهْرٍ بِشَافِعِيٍّ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ اهـ.
وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: لِأَنَّ الظُّهْرَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَضَاءٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ وَأَنَّ اقْتِدَاءَهُ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ الشَّافِعِيِّ حَيْثُ كَانَتْ مَسْبُوقَةً بِغَيْرِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: فِي عَيْنِهَا) أَيْ: كَظُهْرٍ وَظُهْرٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: وَفِي زَمَنِهَا كَيَوْمِ أَحَدٍ مَثَلًا وَفِي صِفَتِهَا أَدَاءً وَقَضَاءً فَإِذَا كَانَتْ ظُهْرًا مِنْ يَوْمِ الْأَحَدِ مَثَلًا وَصَلَّى مَالِكِيٌّ خَلْفَ شَافِعِيٍّ بَعْدَ الْعَصْرِ مَثَلًا فَصَلَاةُ الْمَالِكِيِّ خَلْفَ الشَّافِعِيِّ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَا فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ وَفِي زَمَنِهَا إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَاضٍ وَالْمَالِكِيَّ يُؤَدِّي، ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: وَفِي تَقْرِيرِ الشَّارِحِ إلَخْ) نَصُّهُ فِي الصَّغِيرِ هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَيْ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَتَّحِدَا فِي الْقَضَاءِ الْمُقْتَدَى بِهِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْأَوْسَطِ: أَيْ: وَمِمَّا هُوَ شَرْطٌ فِي الِاقْتِدَاءِ أَنْ تَتَّحِدَ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَلَا يُصَلِّي فَائِتَةً خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي وَقْتِيَّةً وَلَا الْعَكْسُ وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا فَائِتَةً خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي ظُهْرًا فَائِتَةً وَلَوْ كَانَا مِنْ يَوْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُمَا مُتَّحِدَانِ فِي الْفَوَاتِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى وَقَالَ سَنَدٌ: لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ اهـ.
وَنَحْوُهُ فِي الْكَبِيرِ قَالَ الْحَطَّابُ: وَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَيْنِ الشَّرْحَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ مَا فِي الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَمُسَاوَاةٌ) أَيْ: مِنْ مَفْهُومِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْفَرْضِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عِنْدَ عَدَمِهِ إلَّا فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَّحِدَ فَرْضُهُمَا) الْمُنَاسِبُ صَلَاتُهُمَا. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى جَوَازِ) كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ: كَيْفَ يُعْقَلُ نَفْلٌ خَلْفَ فَرْضٍ إذْ الْفَرْضُ الَّذِي يَأْتِي وَقْتَ النَّافِلَةِ لَا يَكُونُ إلَّا أَرْبَعَةً مَعَ أَنَّ عِنْدَنَا النَّفَلَ اثْنَتَانِ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: بِنَاءً عَلَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ) أَيْ: جَوَازِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ بِأَرْبَعٍ؛ لِأَنَّ عِيَاضًا فِي قَوَاعِدِهِ جَعَلَ السَّلَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ النَّفْلِ وَفِي التَّلْقِينِ الِاخْتِيَارُ فِي النَّفْلِ مَثْنَى مَثْنَى قَالَهُ مُحَشِّي تت وَتَأَمَّلْهُ.
وَقَالَ عب: بِنَاءً يُحْتَمَلُ عِنْدَنَا وَيُحْتَمَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهُوَ كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَقْتَضِي) أَيْ: مِنْ حَيْثُ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَهُمَا جَوَازُ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ أَوْ فِي سَفَرٍ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا إلَخْ) الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ ثُمَّ هَذَا حُكْمُ الْإِقْدَامِ وَأَمَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَيَصِحُّ فَإِذَا نَوَاهَا أَرْبَعًا خَلْفَ أَخِيرَتَيْ الظُّهْرِ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِمَا وَيُسَلِّمَ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا فِي النَّقْلِ بَلْ يُفِيدُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فَإِذَا دَخَلَ مَعَهُ مِنْ أَوَّلِهَا أَتَمَّ أَرْبَعًا وَكَذَا إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ فِي أَوَّلِهَا فَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ يَظُنُّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُقِيمٌ أَتَمَّ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ أَرْبَعًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ أَوْ يُحْدِثُ نِيَّةً كَمَا إذَا اقْتَدَى بِوَاصِلِ وِتْرٍ غَيْرَ عَالِمٍ وَقَدْ نَوَى الشَّفْعَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لَا يُصَلِّي النَّافِلَةَ أَرْبَعًا إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ يَقْتَضِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَنَاهُ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ: ثُمَّ إنَّ قَوْلَ ابْنِ غَازِيٍّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاقْتِدَاءِ بِالْوَاصِلِ)

الصفحة 39