كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

أَنْ يَصْحَبَ نُطْقُ الْمَأْمُومِ نُطْقَ إمَامِهِ بِأَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ تَمَامِ الْإِمَامِ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ

. (ص) وَإِنْ بِشَكٍّ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ مُبْطِلَةٌ. (ش) بِأَنْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا كَرَجُلَيْنِ ائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَشَكَّا فِي تَشَهُّدِهِمَا فِي الْإِمَامِ مِنْهُمَا وَسَلَّمَا مَعًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ تَعَاقَبَا صَحَّتْ لِلثَّانِي فَقَطْ. وَإِنْ شَكَّ أَحَدُهُمَا فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا دُونَ الْآخَرِ وَسَلَّمَ الشَّاكُّ قَبْلَ سَلَامِ الْآخَرِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ. وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّكِّ الْمَذْكُورَةِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ فِيهَا الْإِجْزَاءَ مَعَ الْمُسَاوَاةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ كُلٍّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إمَامًا. وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا فِي الْبَيَانِ وَهُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ ابْتَدَأَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَتَمَّ بَعْدَهُ وَإِنْ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ بِأَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِحَرْفٍ وَأَتَمَّ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَجْزَأَهُ قَوْلًا وَاحِدًا فِيهِمَا، وَإِنْ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ فَأَتَمَّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ وَالرَّاجِحُ الْبُطْلَانُ.
وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْكُتَ الْإِمَامُ. قَالَهُ مَالِكٌ وَحُكْمُ السَّلَامِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْإِحْرَامِ. (ص) لَا الْمُسَاوَقَةُ. (ش) هَذَا إخْرَاجٌ مِنْ حُكْمِ الْمُسَاوَاةِ أَيْ: إنَّ الْمُسَاوَاةَ مُبْطِلَةٌ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ دُونَ الْمُسَاوَقَةِ فِيهِمَا وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ فَوْرًا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا مَرَّ. (ص) كَغَيْرِهِمَا لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ وَإِلَّا كُرِهَ. (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِلْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ وَهُوَ مُشَبَّهٌ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ غَيْرَ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَحْوِهِمَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَدَمِ الْمُتَابَعَةِ فِيهِ كَالْمُسَاوَاةِ وَالْمُسَاوَقَةِ لَكِنْ سَبْقُهُ فِيمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ وَمُسَاوَاتُهُ فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَوَابُ لَا يَظْهَرُ فَلَوْ قَالَ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ لَيْسَتْ كُلِّيَّةً بَلْ أَغْلَبِيَّةً لَكَانَ أَحْسَنَ.
(تَنْبِيهٌ) : وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَيُخَصَّصُ قَوْلُهُ: وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ بِمَا إذَا دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَشْرَعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْمُصَاحَبَةِ تَفْسِيرُ مُرَادٍ لَا تَفْسِيرُ حَقِيقَةٍ قَالَ فِي ك: وَمَا فَسَّرْنَا بِهِ الْمُسَاوَاةَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ انْقِضَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ أَوْ سَلَامِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُسَاوَاةِ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي الِابْتِدَاءِ بِحَيْثُ لَوْ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ صَحَّتْ وَإِنْ أَتَمَّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْبَيَانِ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا " فَأَتَى بِالْفَاءِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّعْقِيبِ فَإِذَا شَرَعَ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ كَانَ مُسَاوَاةً اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى تَفْسِيرِ الْمُسَاوَاةِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ مَعْنَى السَّبْقِ أَنْ يَفْعَلَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ وَإِنْ شَرَعَ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ أَيْ: وَيُتِمُّ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ كَانَ مُسَاوَاةً، هَذَا عَلَى غَيْرِ كَلَامِ الْبَيَانِ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الْبَيَانِ الْآتِي فَالسَّبْقُ أَنْ يَسْبِقَ نُطْقُهُ نُطْقَ الْإِمَامِ، وَالْمُسَاوَاةُ أَنْ يُقَارِنَ فِي الزَّمَنِ نُطْقُهُ نُطْقَ الْإِمَامِ، وَالْمُتَابَعَةُ أَنْ يَسْبِقَهُ إمَامُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَلَوْ بِحَرْفٍ وَفِي السَّلَامِ كَذَلِكَ بِقَيْدِ أَنْ يَخْتِمَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِشَكٍّ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ) هَذَا إذَا كَانَ جَازِمًا بالْمَأْمُومِيَّةِ قَالَ فِي ك: وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هَلْ عَلَى بَابِهِ مِنْ أَنَّهُ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ كَمَا عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ أَوْ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ حَيْثُ أَطْلَقُوهُ، قَالَهُ الْبَرْمُونِيُّ. (قَوْلُهُ: مُبْطِلَةٌ) أَشْعَرَ بِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى سَلَامٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَفِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ لَا بُدَّ مِنْ السَّلَامِ لِهَذَا الْإِحْرَامِ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، اُنْظُرْ عب. (قَوْلُهُ: فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا) أَيْ: أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ شَكَّ أَحَدُهُمَا إلَخْ. وَمَفْهُومُ ذَلِكَ لَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا فِي الْإِمَامَةِ وَالْفَذِّيَّةِ لَا تَبْطُلُ بِسَلَامِهِ قَبْلَ الْآخَرِ وَكَذَا لَوْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفَذِّيَّةِ وَنَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا إمَامَةَ الْآخَرِ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا سَوَاءٌ تَقَدَّمَ سَلَامُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَمْ لَا وَهَذَا مَا لَمْ يَقْتَدِ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي لِتَلَاعُبِهِ. (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا فِي الْبَيَانِ) وَنَصُّهُ: هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَهُوَ مُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمُتَابَعَةِ فِيهِمَا مُنَافِيَةٌ لِلِاقْتِدَاءِ فَلَوْ أَحْرَمَ مَعَهُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمُسَاوَاةِ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْبَغَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُجْزِئُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَتَى بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَهُ فَأَتَمَّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمَّا إذَا ابْتَدَأَ بِهَا قَبْلُ فَلَا تُجْزِئُهُ وَإِنْ انْتَهَى بَعْدَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْكُتَ الْإِمَامُ قَالَهُ مَالِكٌ إذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ أَنَّ مَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ: وَحَاصِلُهُ إلَخْ. لَمْ يَظْهَرْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ قَوْلًا وَاحِدًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى مَتَى شَرَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ تَمَامِ الْإِمَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا خَتَمَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَقَطْ فَالصُّورَتَانِ الْمَحْكُومُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا عَلَى كَلَامِ الْبَيَانِ مَحْكُومٌ بِبُطْلَانِهِمَا عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى فَكَيْفَ يَقُولُ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَوْلًا وَاحِدًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَوْلًا وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَيْ: الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا صَاحِبُ الْبَيَانِ.
(تَنْبِيهٌ) : تِلْكَ الصُّوَرُ التِّسْعُ عَلَى كَلَامِ الْبَيَانِ جَارِيَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا مُطْلَقًا وَفِي السَّاهِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِحْرَامِ فَيُلْغَى إحْرَامُهُ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ سَهْوًا وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ قَبْلَهُ سَهْوًا فَيُسَلِّمُ بَعْدَهُ وَيَحْمِلُ الْإِمَامُ السَّهْوَ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَعْدَهُ إلَّا مَعَ الطُّولِ بَطَلَتْ. وَمَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ أَتَمَّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ لَوْ أَتَمَّ قَبْلَهُ فَسَدَتْ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ فَوْرًا) أَيْ: يَأْتِي الْمَأْمُومُ بِالْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ بَعْدَ انْتِهَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ لَطِيفٍ فَلَا تَبْطُلُ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُحْرِمَ أَيْ: وَالْمُخْتَارُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُحْرِمَ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسَاوَاةِ وَالْمُسَاوَقَةِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ سَبْقُهُ فِيمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ) وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ حَيْثُ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ

الصفحة 41