كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

مَكْرُوهَةٌ كَسَبْقِهِ فِي الْأَقْوَالِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهِ عَلَى الرِّسَالَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَفْعَلَ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ وَيُدْرِكَهُ فِيهَا، فَقَوْلُهُ " كَغَيْرِهِمَا " تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ أَيْ: كَعَدَمِ مُتَابَعَةِ غَيْرِهِمَا أَيْ: غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ كَالرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ، وَعَدَمُ الْمُتَابَعَةِ هُوَ الْمُسَاوَقَةُ وَالْمُسَاوَاةُ. وَقَوْلُهُ " لَكِنْ سَبْقُهُ " مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ أَيْ: سَبْقُ الْمَأْمُومِ أَوْ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ مَمْنُوعٌ أَيْ: فِعْلُهُ عَمْدًا لَا سَهْوًا أَوْ غَفْلَةً؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَّصِفَانِ بِالْمَنْعِ

. (ص) وَأُمِرَ الرَّافِعُ بِعَوْدِهِ إنْ عَلِمَ إدْرَاكَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ لَا إنْ خَفَضَ. (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ السَّبْقَ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ لَا يُبْطِلُ ذَكَرَ مَا يَفْعَلُ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " وَأُمِرَ إلَخْ " وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ إمَامِهِ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ يَظُنُّ أَنْ إمَامَهُ رَفَعَ وَقَدْ كَانَ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ أَنْ يَرْجِعَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَلَا يَقِفَ يَنْتَظِرَهُ إنْ عَلِمَ إدْرَاكَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَفَضَ قَبْلَ إمَامِهِ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ بَعْدَ أَخْذِهِ فَرْضَهُ مِنْ الْقِيَامِ الْمَخْفُوضِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ بَلْ يَثْبُتُ كَمَا هُوَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْإِمَامُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْخَفْضَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ. وَقَوْلُهُ " وَأُمِرَ الرَّافِعُ " أَيْ: سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ " لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ وَإِلَّا كُرِهَ " وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ. وَقَوْلُهُ " لَا إنْ خَفَضَ " أَيْ: وَهُوَ يَعْلَمُ إدْرَاكَهُ فِيمَا فَارَقَهُ مِنْهُ وَإِلَّا اسْتَوَتْ الْمَسْأَلَتَانِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَنَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَلَكِنْ مُقْتَضَى مَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقِ أَنَّ الْخَفْضَ كَالرَّفْعِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ الرَّفْعِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ اتِّفَاقًا، فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا كَانَ كَمَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ رُكْنٍ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَسَهْوًا كَانَ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْهُ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ " وَإِنْ زُوحِمَ إلَخْ "

. (ص) وَنُدِبَ تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ ثُمَّ رَبِّ مَنْزِلٍ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ عَبْدًا كَامْرَأَةٍ وَاسْتَخْلَفَتْ ثُمَّ زَائِدِ فِقْهٍ ثُمَّ حَدِيثٍ ثُمَّ قِرَاءَةٍ ثُمَّ عِبَادَةٍ ثُمَّ بِسِنِّ إسْلَامٍ ثُمَّ بِنَسَبٍ ثُمَّ بِخَلْقٍ ثُمَّ بِخُلُقٍ ثُمَّ بِلِبَاسٍ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ جَمَاعَةٍ كُلٌّ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ تَقْدِيمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَتَبْطُلُ. وَوَضَّحَ ذَلِكَ عج بِقَوْلِهِ: فَبَانَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ مَنْ سَبَقَ الْإِمَامَ فِي فِعْلِ الرُّكْنِ عَمْدًا كَأَنْ يَفْعَلَ الِانْحِنَاءَ لِلرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ يَفْعَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الِانْحِنَاءِ لِلرُّكُوعِ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ أَوْ يَفْعَلَ الرَّفْعَ بَعْدَ انْحِنَاءِ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ يَنْحَنِيَ بَعْدَ انْحِنَاءِ الْإِمَامِ وَيَرْفَعَ قَبْلَ رَفْعِهِ فِيهِمَا وَلَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ مَعَهُ فِيهِمَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ لِذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ خَفْضُهُ لِلرُّكُوعِ فِيهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهَذَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ اهـ.
وَقَوْلُهُ: لَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ فَالِاطْمِئْنَانُ هُوَ أَخْذُ الْفَرْضِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: سَبْقُ الْمَأْمُومِ) هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْإِمَامِ. هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: لَا سَهْوًا أَوْ غَفْلَةً) جَعَلَ السَّهْوَ وَالْغَفْلَةَ مُتَبَايِنَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ هُنَا فَالْأَحْسَنُ الذَّهَابُ إلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ

. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ) قَالَ عج: وَهُوَ يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) سَيَأْتِي مُقَابِلُهُ وَأَنَّ مُقَابِلَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ) أَيْ: وَحَيْثُ كَانَ الْمَقْصُودُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَلَا يَرْجِعُ حَيْثُ انْخَفَضَ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ يُؤْمَرُ الرَّافِعُ بِالْعَوْدِ لِأَجْلِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِتِلْكَ التَّفْرِقَةِ؛ لِأَنَّهَا مُفِيدَةٌ لِلْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ؛ لِأَنَّ الرَّافِعَ إذَا رَجَعَ يَرْجِعُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِذَا انْخَفَضَ يَخْفِضُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ أَخَذَ فَرْضَهُ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: قِيلَ يُسَنُّ وَقِيلَ يَجِبُ قَالَ عج: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ إمَامِهِ سَوَاءٌ خَفَضَ لَهُمَا أَيْضًا قَبْلَهُ أَمْ لَا فَتَارَةً يَكُونُ رَفْعُهُ مِنْهُمَا قَبْلَ أَخْذِ فَرْضِهِ مِنْهُمَا مَعَ الْإِمَامِ وَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ رَفْعُهُ بَعْدَ أَخْذِ فَرْضِهِ مَعَهُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَوْ فَعَلَ كُلًّا مِنْ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ عَمْدًا وَيُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ بِشَرْطِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ كَانَ رَفْعُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ مَعَهُ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ تَرْكَ رُكْنٍ حَيْثُ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَ وَلَمْ يُعِدْهُ فَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ وَأَعَادَهُ فَقَدْ تَعَمَّدَ زِيَادَةَ رُكْنٍ وَسَوَاءٌ كَانَ خَفْضُهُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ سَهْوًا كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زُوحِمَ عَنْهُ سَوَاءٌ خَفَضَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا فَإِنْ كَانَ رُكُوعًا فَيَأْتِي بِهِ حَيْثُ كَانَ يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْأُولَى فَإِنْ كَانَ مِنْهَا تَرَكَهُ وَفَعَلَ مَعَ الْإِمَامِ مَا هُوَ فِيهِ وَيَأْتِي بِهِ إنْ كَانَ سُجُودًا مَا لَمْ يَعْقِدْ الْإِمَامُ رُكُوعَ الَّتِي تَلِيهَا، وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ إنْ رَفَعَ قَبْلَ إمَامِهِ سَهْوًا فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا قَبْلَ أَخْذِ فَرْضِهِ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ لَهُ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَيَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا رَفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَكَانَ قَدْ أَخَذَ فَرْضَهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَالرَّكْعَةُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا انْحَنَى قَبْلَ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا أَوْ بَعْدَ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَسَوَاءٌ رَفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ فِي ثَمَانِيَةٍ وَهِيَ: انْحَنَى قَبْلَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا، أَوْ انْحَنَى بَعْدَهُ وَرَفَعَ قَبْلَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ.

. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَبُّ مَنْزِلٍ) يَجُوزُ رَفْعُهُ وَجَرُّهُ. (قَوْلُهُ: كُلٌّ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ) أَيْ: لِاسْتِحْقَاقِهَا لِدُخُولِ الْمَرْأَةِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ مُبَاشَرَةً.

الصفحة 42